المقالات

سوريا… والتجربة العراقية

1022 2024-12-19

كتب / السيد الدكتور محسن القزويني

يحتدم النقاش هذه الايام حول السيناريوهات والخيارات المتاحة امام الشعب السوري لرسم مستقبله، و اصبح الكل يدلو بدلوه حول كيفية تحقيق الاستقرار والعدالة في هذا البلد العربي ، ولما كانت الحالة السورية تشبه الى حد بعيد الحالة العراقية في 2003 نرى ان التجربة العراقية التي خاضها الشعب العراقي بمساعدة الامم المتحدة ومباركة المرجعية الدينية العليا هي احدى السيناريوهات التي يمكن ان يسير وفقها الشعب السوري لنيل اهدافه المشروعة في تحقيق الامن والاستقرار والعدالة.

فقد مر العراق في مخاض عسير حتى استطاع ان يحقق الاستقرار والعدالة النسبيين وان يصبح لديه دستورا وحكما مدنيا بعد الكثير من الاخطار التي واجهته والتي هددته بالتقسيم والحرب الاهلية وعودة الديكتاتورية مجددا. فاول خطوة قام بها العراق هو تشكيل مؤتمر بغداد في 28-4-2003 الذي حضره اكثر من 1300 شخصية عراقية من مختلف الطوائف والاحزاب والمحافظات العراقية، وكان هذا المؤتمر بمثابة الركيزة الاولى للمصالحة بين فئات الشعب العراقي واقرار المبادئ الاساسية لبناء مستقبل العراق في التعددية والحرية والعيش المشترك بين فئات المجتمع العراقي .

وفي 14-10-2004خطى العراق خطوة ثانية نحو ترتيب وضعه السياسي والقانوني بتشكيل المجلس الوطني العراقي المتكون من 100 شخصية عراقية تم اختيارهم ممن حضر مؤتمر بغداد ، ويعد المجلس الوطني برلمانا مؤقتا تم فيه تشكيل الحكومة الانتقالية برئاسة السيد اياد علاوي الذي قام بادارة البلد واجراء الانتخابات لتشكيل الجمعية الوطنية العراقية التي تعتبر اول مؤسسة منتخبة من قبل الشعب العراقي والتي قامت بمهمتين اساسيتين، الاولى: تشكيل السلطات التنفيذية من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء والوزراء، وقد تم انتخاب السيد جلال الطالباني رئيسا للجمهورية ممثلا عن الاكراد والدكتور ابراهيم الجعفري ممثلا عن الشيعة رئيسا لمجلس الوزراء و الدكتور حاجم الحسني رئيسا للجمعية الوطنيه ممثلا عن السنة وهكذا جرى العرف السياسي على توزيع هذه المناصب الثلاثة بين المكونات الثلاثة التي تشكل الطيف العراقي.

اما المهمة الثانية: للجمعية الوطنية العراقية فهي كتابة الدستور العراقي الدائم وقد تم انتخاب 55 عضوا من اعضاء الجمعية الوطنية لصياغة الدستور العراقي وخلال فترة قياسية من عمر الجمعية الوطنية تم كتابة الدستور العراقي وتم نشره على صعيد واسع والتثقيف ببنوده في اجتماعات جماهيرية واسعة لغايه يوم الاستفتاء في 15-10- 2005 والذي جرى باشراف الامم المتحدة وبعد عشرة ايام من فرز الاصوات تم التصويت على الدستور بمشاركة9,852٫291 مواطن كان المطلوب منهم ان يكتبوا على ورقة الاقتراع كلمة نعم او لا ، فكانت الحصيلة ،78٫52% قالوا نعم للدستور و 21٫41% قالوا لا للدستور. وهكذا وخلال سنة ونصف من السير في العملية السياسية اصبح للعراق دستورا ينظم الحياة السياسية والاقتصادية والقانونية للبلاد، ويحقق العدالة الاجتماعية والرفاهية الاقتصادية، وقد اشاد الخبراء واساتذة القانون الدستوري باهمية الدستور العراقي في تحقيق التعايش السلمي بين مكونات الشعب العراقي، فقد حال هذا الدستور دون تقسيم العراق عندما اقر الفيدرالية كمبدا دستوري وحال دون الانزلاق الى حرب اهلية عندما اعتمد التعايش السلمي باعطاء كل صاحب حق حقه، والنظر الى ابناء الشعب العراقي بعين واحدة في المساواة امام القانون و في تكافؤ الفرص.

من هنا فمن الضروري ان يضع قادة سوريا اليوم هذة التجربة امام خيارات المستقبل لبلادهم حفاظا على التراب السوري من الانقسام ولتحقيق العدالة المنشودة وتجنيب بلادهم  الصراعات السياسية والعسكرية وتذويب افراد المجتمع في بودقة الوطن الواحد.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك