المقالات

الثقافة والتبشير


بقلم الباحث المصري: الدكتور أحمد راسم النفيس

على من نلقي اللوم في هيعة التبشير الشيعي التي ما يفتأ البعض يكررها في الأعوام الأخيرة؟!.

من السهل أن نلقي باللوم على السياسة والأجهزة ولا شك أن بعض هذا أو كله صحيح.

إلا ان هناك مسئولية يتعين على البعض الآخر أن يعترف بها ويتحملها.

خلال العقود الثلاثة الأخيرة وفي أعقاب تشيع البعض وظهور عدة كتابات تعيد طرح مذهب أهل البيت عليهم السلام للرأي العام حدث تحول جوهري وانتقل النقاش حول أحقية هذه المدرسة المظلومة والمغيبة إلى أرضية أكثر تقدما.

البعض اعتبر هذه النقلة مكسبا تاريخيا نهائيا وقرر التوقف عنده وكأن الأمر كله يمكن اختصاره في كلمتين (التشيع هو الحل)!!.

لا فارق كبير بين هؤلاء وبين رافعي شعار (الإسلام هو الحل)!!.

أصبح معيار النجاح الوحيد من وجهة نظر البعض هو عدد المتحولين إلى مذهب أهل البيت في حين أن الأمر أكبر من هذا بكثير.

تشيع كثير من الناس ولكن بقي واقعهم الثقافي أي رؤاهم تجاه الكون من حولهم مصطبغا بما قدمه الآخرون من نتاج ثقافي لا شك أنه بحاجة إلى إعادة نظر وهي عملية لا يمكن القيام بها من خلال تلك النافذة المذهبية التي تحرج الكثير وتقدم الأمر كله على طريقة إما أن تكون معنا أو علينا.

ورغم أن البعض لم يتوقفوا في نتاجهم الثقافي والفكري على ذلك الجدل القديم الجديد حول قضية الإمامة وما جرى في سقيفة بني ساعدة لأن الناس تريد أن تعرف ماذا بعد؟!.

يعني: تشيعنا لأهل البيت, فما هو حاصل هذا التشيع على رؤانا نحو المجتمع والتغيير والإصلاح؟!.

ما هي الرؤى الفلسفية والأخلاقية التي يتعين علينا تبنيها وما هي الرؤى المقابلة التي يتعين علينا التخلي عنها؟!.

لا شيء تغير في أداء هذه (المؤسسات الثقافية) التي تصر على البقاء في دائرة الجدل المذهبي, لا تتخطاه ولا تبادر إلى تبني أي طرح فكري تجديدي يخرج من إطار دائرة (السقيفة وبيان ما في كتب الخصم من مثالب وعيوب) وبالتالي فلا شك أن هذه المؤسسات تتحمل قسطا لا يستهان به من المسئولية عن الهجوم المضاد لما يسمى بالتبشير الشيعي لأنها تقاعست عن تقديم الأطروحات الفكرية والفلسفية والاجتماعية التي قدمها القريبون من هذه المؤسسة وأصرت على إبقائهم في دائرة المذهبية الضيقة التي يسهل استهدافها والتصويب عليها.

من ناحية أخرى فلا أحد من هؤلاء الكتاب والمفكرين يمكن له أن يلجأ إلى المؤسسات الثقافية المتواجدة هنا وهناك والتي تسعى لمنع انهيار مشروعها الفكري القديم والمتآكل وهم العالمون بأهمية ما يطرحه هؤلاء من فكر يمكن له أن يغير المعادلات القائمة ولذا تنهال جوائزهم التقديرية بما لها من قيمة أدبية ومعنوية تسهم في تعريف الفكر والمفكر على فلول الماركسيين وبقايا الإسلاميين في حين يقف أصحاب رؤى التغيير الحقيقية ومعهم رؤاهم على قمة الجبل لا يستطيعون النزول ولا مزيدا من الصعود بعد أن نفذ الأوكسيجين واحتياطي الجهد.

من يتحمل مسئولية بقاء هؤلاء في دائرة الاستهداف والاتهام بأنهم محض تبشيريين يشكلون طليعة متقدمة ورأس حربة لمشروع إيراني هم آخر من يعلم عنه شيئا؟؟!!.

متى تتصرف هذه المؤسسات التي يديرها شيوخ أفاضل كمؤسسات ثقافية ذات صبغة فكرية حضارية وتنفتح على النتاج الفكري من حيث قيمته الفكرية لا كمجرد مشروع مذهبي لا أكثر ولا أقل؟!.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك