المقالات

اعادة التموضع الامريكي ، وهيكلة النظم الحاكمة


د ظفر التميمي ||


السلام عليكم جميعا /
يشهد العراق والمنطقة منذ مدة ليست بالبعيدة تحركا عسكريا لافتا للنظر ، يتمثل بتواجد عسكري اميركي يتجاوز الثلاثة الاف مقاتل ، قابلة للزيادة ، مع امدادات لوجستية تعبر الحدود العراقية- السورية كل يوم ، فضلا عن تواجد بحري قريبا من مضيق هرمز ، و يفسره البعض بأنه يمثل رغبة امريكية بإثبات وجودها من خلال وكلائها في المنطقة ، والذين من المحتمل ان يمثلوا وجوها جديدة لبعض النظم الحاكمة ، وتلتفت الانظار الى العراق باعتباره لا زال دولة محتلة من قبل النظام الامريكي وتسري عليه قوانين خاصة قد تطيح بنظامه الحاكم في اي لحظة .
وبالرجوع الى ازمنة سابقة ليست بالبعيدة ، فنحن نتذكر جيدا كيف صرح القادة الامريكيون بان الشرق الاوسط الموسع ليس مكانهم المفضل في الوقت الحاضر وان الاولويات الاميركية تنظر الى ابعد من ذلك بكثير حيث التنافس الصيني والروسي في مناطق عدة ، وان الشرق الاوسط الموسع في عهدة إسرائيل المتصالحة مع العرب عبر التطبيع ستكون اكثر طاعة واكثر ليونة مع النظام العالمي الجديد ، ولذا شاهدنا جميعا الانسحاب الامربكي من افغانستان وتقليل عدد القوات العسكرية المقاتلة ، وهذا توجه عسكري صحيح مائة بالمائة بالنسبة للامريكان ، الا ان هناك مستجدات على الارض قد حدثت ، وتتطلب اعادة الانتشار العسكري تحسبا لاي طارئ ، فالولايات المتحدة الامريكية كانت تعول على إسرائيل وتركيا في ضبط التناغم الوجودي ، وقد سمحت لتركيا بالتوغل في العمق العراقي واشترطت على الحكومات العراقية عدم مناقشة هذا الامر ، وكانت امدادات النفط مضمونة في كل الاحوال ، مع وجود اتفاق عراقي - تركي على ضخ النفط في الموانئ التركية بوجود امتيازات خاصة لتركيا ، الا انه وكما يتراءى لي فان المؤسسة العسكرية الاسرائيلية يشوبها النزاع وهي تلك المؤسسة التي تضم جناحين منفصلين عن بعضهما ولكن تجمعهما عقيدة وهدف واحد ، وقد هددت تلك المؤسسة الولايات المتحدة الامريكية بانها قد تتحرك عسكريا في منطقة بلاد الشام بدون الضوء الاخضر الامريكي ، لاثبات وجودها ، ويبدو كأنه نوع من التهديد المبطن في ظل نوع من التراجع لصالح الملف الايراني ، يصاحبه تبادل النفط العراقي مقابل الغاز الايراني ، ورغبة روسيا الاتحادية الاخيرة في انشاء مركز للغاز بديل عن تركيا ، ومن المعروف انا ، بأن الديمقراطيين اكثر قربا من إسرائيل ولاكثر من سبب من الجمهوريين ، وبالتالي فان التحرك الاميركي وان كان يهدف الى التهديد للجانب العربي والاسلامي وحتى روسيا الاتحادية ، الا انه قد يشكل نوعا من اثبات الوجود الافتراضي لصالح إسرائيل ، على ان يكون الاشتباك العسكري واردا في اية لحظة ممكنة ، وبما ان القادة الامريكان قد صرحوا مرارا بانهم لا بفضلون المواجهة العسكرية مع روسيا الاتحادية ضمن الملف الاوكراني ، الا ان ذلك لا يمنع من بعض الاستفزازات العسكرية في سوريا ولبنان ، ومع انتهاء مدة تواجد قوات اليونفيل ورغبة الدول العربية في حسم الملف السوري ، وكل ذلك مقابل ضمانات للجانب الغربي ، ولا باس كذلك بفكرة تاديب الاذرع الايرانية في العراق والتي تشهد صراعا وجوديا ، اي ان اية مواجهة عسكرية بين محور المقاومة وإسرائيل يعني الدفع بتحرك اسرائيلي عاجل لضربة تكتيكية للعمق الايراني ، وهذا بالتاكيد يعني رسالة امريكية للجميع باننا موجودون وان المنطقة لا زالت مهمة بالنسبة لنا ولحلفائنا .
وفي مثل هكذا ظروف فقد تتغير احيانا بعض النظم الحاكمة ، الا انه ليس امرا سهلا كما يبدو ، ومن هذا المنطلق نرى الاصوات المهددة بما يجري ونرجو من حكومتنا العراقية ان تكون على قدر من الوعي السياسي لحسم ما يجري لصالحها .
دمتم بخير

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك