المقالات

عاشوراء الفداء


لؤي الموسوي

ما إن يهل هلال المحرم، ليأخذنا إلى أجواء الطف الأليمة، وما جرى على آل الرسول، فتتجدد فيه الأحزان والآلام.. حين جزر أل محمد جزر الأضاحي في أرض كربلاء وسبيت بنات الرسالة، الذين اوصى الله ورسوله بهم خيرا {قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}.

عاشوراء محط رِحال الآل الهُداة؛ في ارض الشموخ والعنفوان وبناء الإنسان، ونهضة الحُرية التي حررت الإنسان من قيد العبودية.. عبودية الرعية لحُكام الجور والظلال.. ثورة الإصلاح والمجد والخلود.. خلدت بموقف ابي الشهداء لما قدمه في سبيل الإسلام والإنسانية، لهذا مهما عصفت بها الظروف وحاولت الدنيا بأدواتها ان تمحي اثارها، أنهزمت الدنيا بطُغاتها وبقيت علماً قائماً على الوجود.

سار الحُسين إبن علي “عليهما وألهما أفضل السلام“ بمن معه من اهل بيته وانصاره تاركاً موطنه مكة والمدينة، متوجهاً إلى العراق بعد رُسُل القوم اليه، ان إقدم الينا يابن النبي هادياً مهديا، ملبياً نداء ربك، لخلاص الأمة من حاكم جائر يعاقر الخمرة، مستبيح للاعراض منتهك للحُرمات، لهذا كان خروجه للإصلاح ولم يكن خروجه لسلطة ونفوذ سياسي، كما روج الإعلام الأموي ومرتزقته، أنما كان لإنقاذ البشرية من الهلاك والضياع، في متاهات الجهل والظلام..

موقفه هذا ترجمه في طف كربلاء «إني لم أخرج أشراً، ولا بطراً ولا مفسداً، ولا ظالماً، وإنما خرجت لطلب الاصلاح في أمة جدي، أريد أن آمر بالمعروف وأنهي عن المنكر فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق، ومن رد علي هذا أصبر، حتى يقضي الله بيني وبين القوم بالحق، وهو خير الحاكمين.

يوم العاشر من المحرم تتمة لما بدء به جده المصطفى “عليه وأله أفضل الصلوات” في هدي الأمة.. تصدى السبط الشهيد بنفسه الطاهرة، ومن معه على قِلة العدد وخذلان الناصر، في مواجهة الحاكم الظالم يزيد بن معاوية “ في سبيل نصرة الدين والإنسانية معاً، لهذا كانت دماء السبط الشهيد البلسم للدين الإسلامي الحنيف، التي حافظت على الخط الإسلامي الأصيل من التحريف والإنحراف.

السلام عليك سيدي ابا الشهداء، رسمت لنا طريقاً لنرفض فيه الظلم والجور، مهما كانت تبعاته، حين أسست للأجيال قاعدة الإباء “لا اقر ولا أفر ومثلي لا يبايع مثله” لهذا اتخذ الاحرار في أرجاء المعمورة، طريقك الذي عبدته بدمائك، في مواجهة اهل الظلال، وتاريخ العراق المعاصر كان خير برهان، حين ترجمه اهل العقيدة والرأي الحُر في مواجهة التحديات الجِسام من أيام المد الاحمر إلى البعث المجرم، قدم اهله الكثير من القرابين، على مذبح الحُرية، للتخلص من عصابة الجور والطغيان.

 

موقفك ابا الشهداء يوم العاشر بث فينا الحياة بعد إن كانت الأمة ميتة.. ان يوم الطف لم يكن يوم أستشهادك، كذب الموت فالحسين مخلدا كلما مر الزمان ذكره تجددا، انما كان يوم مولدك، دمائك الطاهرة بعثت فينا الأمل والطمأنينة بعد ان كانت عدم، دمائك الطاهرة وموقفك يوم عاشوراء زلزل عروش الطغاة تلاحقهم اللعنات، وبقي رسمك وأسمك على مر العصور يزداد ألُقاً، رايتك خفاقة تصفع وجه الظالم وترعب المستبدين، رايتك راية هُدى و نجاة فخُلد ذِكراك، وها نحن اليوم، نُحيي ذِكراك التي مر على الواقعة قُرابة 14 قرنٍ مضى، اي خلود هذا سيدي، قدمت كل ما تملك لله فأعطاك الله الخلود في الدنيا والمنزلة الرفيعة في الآخرة، يغبطك عليها الأولون والآخرون لموقفك الذي قدمت فيه نفسك والقرابين من أهل بيتك وانصارك في سبيل الله، انت القائل إن كان هذا يرضيك فخذ حتى ترضى، ما أعظم موقفك ابا الشهداء احييت بدمائك الطاهرة دين الله والأمة التي كانت تحت وطئة الظالمين أشبه بالميت سريرياً آنذاك.

 

خلد ذكراك على مر العصور لاعطائك كل ما تملك للخالق “جل وعلا“ فمنحك الخلود في ضمائر الأمة، وإن كان البعض يتزاحم على عرش من خشب فجعل قلبك عرشاً في قلب كل مؤمن ومؤمنة يخفق بذكرك ويؤمن بمبادئك، فجعل أفئدة من الناس تهوي اليهم، لهذا سر خلود الحسين هو موقفه يوم العاشر من المحرم الذي لا يمكن ان يختزل بمقال او بكتاب لعظمة العطاء الذي قدمه ابو الشهداء “عليه السلام“.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك