المقالات

اسقاط الخصوم (إسلاميا)..!


حسين الذكر ||

 

من اجمل عبر الزهد التي قراتها ان العالم المتصوف أبا يزيد البسطامي درس في المدينة المنورة وذهب عائدا الى بلدته بسطام وقد تهادى الى مسمعه ان الناس تجمعت على الطريق احتفاء بقدومه وكان ذلك بشهر رمضان .. فشكل حرجا لزهده اذ لم تشغله أمور الدنيا .. فلم ينتظر طويلا عند اقترابه من المحتفيين فاخرج كسرة خبز واخذ يلوك بها ، فبهت الناس : ( انا أبا يزيد قد افطر في وضح  رمضان  .. لقد جن وفسد الرجل ) ... ! فتركوه وتفقروا عنه .. فسعد كثيرا بذلك وخاطب نفسه قائلا : ( لا ينفع تاديبك الا هذا الأسلوب)!

ابتليت العاصمة العباسية أيام المقتدر بالله بمتصوف اسمه الحسين بن منصور الحلاج .. الذي عرف عنه الزهد والعلم والادب اذ نطق باقوال وافعال لا يفهمها اهل زمانه .. فشكل مازقا شديدا للسلطة .

جاء في كتاب ( الحسين بن منصور الحلاج: شهيد التصوف الإسلامي ) للكاتب المصري طه عبد الباقي سرور: - هو الأكثر إثارةً في التاريخ الإسلامي، والأعمق أثرًا، فكان وسيظلُّ «الحلاج» نموذجًا لافتًا في تاريخ الإنسانية، ومصدرَ إلهامٍ لكلِّ أحرار العالم المحلقين بأرواحهم في سماءات الحرية.

اختلفت به العامة والخاصة فقد هاجمته السلطة وبطانتها سيما أولئك الذين أصيبوا بالبطنة جراء ما يفرطون من الشهوات ويتنعمون بعطايا السلطان مقابل الإفتاء المزاجي كما وصفهم الدكتور علي الوردي ب( وعاض السلاطين ) .. فيما دافع عنه اكابر العلماء كشيخ الطائفة الجنيد، ومحي الدين بن عربي ..  حتى والدة الخليفة كانت متعاطفة مع الحلاج، وتدخلت لحمايته وكذا فعل نصر القشوري حاجب القصر الذي كان يطلق على الحلاج لقب العبد الصالح.

جاء بكتاب (التصوف بين ثورية الحلاج ) للدكتور محمد فياض : أن الحلاّج كان واحدا من الشخصيات الإشكالية في انتماءاته الفكرية والمذهبية، وتوجهاته ومواقفه السياسية.. بالإضافة إلى تجربته الروحية والذوقية التي ظلت تميزه حتى بين أقرانه المتصوفين .

وزير الخلافة حامد بن العباس الذي اشتكت العامة من فساده وإفراطه بفرض الضرائب وممارساته الاحتكارية هو الأكثر حقدا على الحلاج حتى اقسم علنا على قتله بيده .

عانى الحلاج من كثرة مطارديه واتهاماتهم التي كانت بعضها طائفية جاهزة للإطاحة بالخصوم وهي من التهم الجاهزة باروقة الحكم بكل زمان ومكان لازاحة المناوئين . فيما رجح اغتياله لأسباب سياسية محضة سيقت لها بعض المبررات الدينية. من قبيل افتائه : ( بان كل من جمع وتكفل بإيواء ستون طفلا يتيما واطعمهم وسهر على خدمتهم وتعليمهم مدة شهرين يعد بمثابة قد حج ولا يحتاج الى الذهاب الى مكة ) ..

بعد ما اشرأبت النفوس وانتشرت الاشاعات واللغط  لذي عاشته عاصمة الخلافة العباسية بمآثر الحلاج .. قرر الخليفة المقتدر إعدامه، فصُلب وقُطّعت أطرافه وراسه وسٌملت عيناه، وأحرق في واحد من أكثر المشاهد مأساوية في التاريخ سنة 309 هجرية .

قال الحلاج قبل موته :

لَبَّيكَ لَبَيكَ يا سِرّي وَنَجوائي 

يا كُلَّ كُلّي وَيا سَمعي وَيا بَصَري

إِن كُنتَ بالغَيبِ عَن عَينَيَّ مُحتَجِبًا

فَالقَلبُ يَرعاكَ في الإِبعادِ وَالنائي

شكلت أقواله بعد الموت سيفا سلط على رقاب قاتليه اشد مما شكلته حياته عليهم .اذا ان

تلكم الكلمات ما سمعها احد من الشيوخ مريدوه الا رق له وبكى وترحم عليه ودعا على قاتليه اللذين ظل ضميرهم يؤنبهم وتجلل واقعهم وتخلخلت احوالهم حتی ضاقت عليهم الارض .

 

ــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك