المقالات

احذروا بطونا جاعت...


علي علي ||

 

إنت النطرت البيت وانت التبوگه

          إتحطلي سم بگلاص وتگلي ضوگه

  يروى أن أحد الولاة أقام يوما وليمة، دعا اليها وجوه البلدة وأعيانها ورجالاتها البارزين، وقد سمع أحد الفقراء بتلك الدعوة، وقرر ان يحضرها بأي حال من الأحوال، فهو لم يكن يحلم طيلة حياته بأكثر من كسرة خبز وفردات تمر، تسد جوعه الممتد سنين طويلة، فتحايل باستدانة ثياب أنيقة ارتداها، واندس من ضمن المدعويين وحضر معهم المأدبة. ولما آن أوان الغداء وتقدم المدعوون الى المائدة بدأ صاحبنا يتدافع بينهم ويستقتل، حتى اتخذ لنفسه موقعا يكون فيه أقرب الحاضرين الى صحن رز، ينوء تحت حمل محمر ومحمص ماكان بحسبانه يوما أن يأكل مثله. وما إن أشار الوالي الى ضيوفه ببدء الأكل، حتى بدأ صاحبنا يمخر اللحم والشحم بنهم وشراهة، أثارت انتباه الحاضرين فقال له الوالي: أراك تنهش لحم الحمل وكأن أمه نطحتك! فأجابه صاحبنا: وأراك تشفق عليه كأن أمه أرضعتك.

اليوم في عراقنا الجديد بعد ان اعتلى شخوص كراسيَ لم يكونوا يحلمون بالوصول اليها، أكثر من حلم صاحبنا الفقير بنيل قطعة لحم من ذاك الحمل المشوي. نرى أغلبهم بعد أن تربعوا على تلك الكراسي، ماينفكون يتصارعون ويستقتلون على ماتجلبه لهم مناصبهم ومواقعهم وامتيازاتهم من دخل مادي، متناسين دورهم الأساسي في منصبهم وواجباتهم تجاه مواطنيهم الذين نصّبوهم على كراسٍ وعروش، فاتهم أنها آيلة للسقوط إن لم يصونوها ويحسنوا لرعاياهم بما موكل إليهم، فيجسدون حين ذاك قول ابن زريق البغدادي:

أُعطيت ملكا لم أحسن سياسته

وكذاك من لايسوس الملك يُخلعه

  فمن يستطلع مايتكرر في اجتماعات مجالسنا -ولاسيما النواب منهم- يرى العجب في التعنت والإصرار على التسويف والتماهل والتباطؤ في تشريع القوانين والبت بالعمل بها، وعلى وجه الخصوص القوانين التي تهم المواطن، ففيها يتفنن النواب مع رؤساء الكتل والأحزاب، في ابتكار الأساليب والطرق الملتوية للحيلولة دون إتمام إقرارها. وأقرب مثال على هذا، التأجيلات المتكررة في كثير من القرارات والقوانين المتعلقة بـ (خبزة) المواطن، وكذلك القوانين التي تتعلق بثروات البلد، والتي هي حتما ملك المواطن أيضا، فكأن لسان حالهم في تأخيرها يردد:

نتگابل آنه وياك بابره نحفر بير

          لمّن ينبع الماي عود الحچي يصير

  ومن اللافت للنظر، أن القابعين تحت قبة البرلمان ما إن يتفقوا على فقرات، حتى يستحدثوا فقرات ليختلفوا عليها مجددا، وشاهدنا في هذا ليس واحدا، بل مثنى وثلاث ورباع وعشرات ومئات، ولا أظن أنهم في مقبل الأيام سيجدون حلا لهذه الخلافات، وإن حصل فإنهم (يطبخون) غيرها في مطابخهم السرية -والعلنية كذلك- مايدل على سعيهم ليس في إقرار القانون بل في تأجيله وتأخيره (لغاية في نفس يعقوب). الأمر الذي ينم عن الوجوه المتعددة التي يتلون بها أغلب سياسيي العراق (الجديد) فهم يتشدقون برعاية مصالح البلاد والعباد، وفي حقيقة الأمر أن الأخيرين لم يذوقوا منهم غير المرار وتعاسة الحال وسوء المآل، وهم الذين كان يعول عليهم في إنقاذ المواطن من عقود البطش والقمع، غير أنهم ومن سوء حظ المواطن، كشفوا عن أنيابهم بمجرد تمكنهم من مسك كراسي الحكم والتحكم بها، وفي نهج كهذا بدأت مقالي اليوم ببيت الدارمي إعلاه، ولعلي أصيب إن ختمته ببيتي الدارمي الآتيين:

مد يمنته بيمناي ومد يسرته تبوگ

          ما أدري زادي شبيه ماصخ بالحلوگ

ماتدري زادك ليش ماصح بالحلوگ

          چي بگته من الناس ما جبته من سوگ

 

aliali6212g@gmail.com

 

 

ــــــــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك