( بقلم : فالح غزوان الحمد)
لا حاجة لتذكير القارئ الكريم ببنود الاتفاق بين وفد الائتلاف العراقي و الصدريين و أيدته الحكومة ، فلا شك أن العديد قد اطلع على مضمون الاتفاق و سمع أهم فقراته ولا سيما تلك المتعلقة بنزع السلاح المتوسط و الثقيل لأن التيار الصدري يقر بعدم امتلاكه لمثل هذا النوع من الأسلحة – بالطبع هذا مجرد ادعاء يخالف الحقيقة – و أكدت أكثر من شخصية حكومية و أمنية إن القوات العراقية ستسعى إلى جعل مدينة الصدر مدينة منزوعة السلاح ، كذلك نص الاتفاق على اعتقال العناصر الخارجة عن القانون و ملاحقتها و تفتيش كل مكان حتى ما يسمى بمكاتب الشهيد الصدر مع حفظ " الشأنية " لها كما جاء في وثيقة الاتفاق المذكور .
و لكن بعد مضي عدة أيام لم يكد أحد يلحظ أي تطبيق لهذين البندين فلا من مصادرة و تفتيش جدي عن السلاح و لا من ملاحقة و اعتقال للمطلوبين الذين يسرحون و يمرحون بحريتهم في أزقة المدينة . و يرافق هذا الأمر ترويج واسع النطاق للصدريين شمل كل محافظات الجنوب و الوسط و كذلك العاصمة من أن الاتفاق الموقع كان صوريا و لن تفعّل أي من بنوده التي قرئت على أنها النصر المؤزر للحكومة . وقد شجع هذا الأمر عناصر جيش المهدي في بعض المحافظات للعودة إلى عمليات زرع العبوات و القصف بالهاونات و بشكل عشوائي و إطلاق الصواريخ كما تشهده مدينة الناصرية منذ بضعة أيام .
إننا نسأل السيد رئيس الوزراء المحترم : هل ما يروج له الصدريون هو الحقيقة المخفية عن الشعب ؟ أم أنها مجرد دعوة باطلة لا أساس لها من الصحة ؟؟ و في حال كانت مجرد ادعاء لا صحة له فلماذا كل هذا التباطؤ و التلكؤ في تطبيق بنود الاتفاق بحذافيرها ؟ إننا لم نسمع حتى الآن بإلقاء القبض على أبرز قيادات المليشيات المسلحة في مدينة الصدر و لم تعرض لنا أية صور عن الأسلحة التي تمت مصادرتها لأنه لم تتم أية عمليات تفتيش جدية بل حتى العبوات و القنابل المزروعة في الطرقات قام جيش المهدي بتفكيكها و أخذها خلافا للبند الأول من بنود الاتفاق . فإن كانت ساعة الصفر للبدء بتطبيق جاد و حقيقي لما نص عليه الاتفاق لم يحن حينها بعد فليتم التصريح عبر وسائل الإعلام بذلك لكي لا تهتز ثقة المواطنين بحكومتهم و بما تقوله و تقطع به أمامهم . و ليكن هناك طمأنة تصدر من الناطق الرسمي باسم السيد المالكي أو أحد القادة الأمنيين ليدرك المواطن أن صبره و تحمله لقسوة الأسابيع الماضية لم و لن يذهب هباء منثورا .
أما إذا كان الأمر كما يقوله الصدريون و يلهجون به الآن في كل مكان من أن الاتفاق كان مجرد محاولة للتخلص من مواجهة لم تقو القوات الأمنية الحكومية على حسمها فلتتم مصارحة الناس بهذه الحقيقة لأنها مهما بلغت من إيلام و مرارة فإن عواقب الصمت و السكوت عنها أكثر إيلاما و أشد مرارة لا سيما و أن ما يقوله الصدريون شاع كالنار في الهشيم و الكل يتساءل الآن عنه و ليس من المعقول السكوت و التجاهل له .
إننا نوجه كلامنا هذا إلى السيد المالكي و ندعوه إلى بيان حقيقة ما يجري ، لأن الصمت يصب في تقوية خطاب المجاميع الخارجة عن القانون و الزمر المجرمة التي سترى نفسها أنها قد انتصرت لأن سلاحها ما زال بأيديها و قادتها طلقاء آمنون أما الخسائر الموجعة التي تعرضت إليها فإن الشعور بحدود معينة من النصر بفعل عدم تطبيق بنود الاتفاق سيسهم في تناسيها و تهوينها عليهم .
لا نريد من رئيس الوزراء أن يفقد الصورة المشرقة التي ارتسمت له في أذهان العراقيين و قد بلغ اعتزاز بعض البصريين به أن وضعوا صوره في هواتفهم النقالة .. إننا نخشى من أن يعود المواطنون ليحذفوا تلك الصور و يستبدلونها بصور أخرى تعبر عن خيبتهم و مرارتهم و هم كانوا ينتظرون صولات و جولات أخرى للحكومة في مناطق و مدن لا زالت تحت قبضة المليشيات الخارجة عن القانون كان أهلوها يمنون النفس بقرب الخلاص منها .
https://telegram.me/buratha
