المقالات

عندما يعارض الحسين( ع) لا يتمترس بالابرياء


بقلم : سامي جواد كاظم

السلام عليكم ولابتدء مقالي بقطيفة صغيرة للامام الحسين (ع) من خطبة اوجعت راس معاوية علم بوطأتها قبل ان تخرج من فم الحسين (ع) هذه القطيفة هي ( ونحن احد الثقلين اللذين جعل رسول الله (ص) ثاني كتاب الله تبارك وتعالى الذي فيه تفصيل كل شيء لاياتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه والمعول علينا في تفسيره لا يبطينا تأويله بل نتبع حقايقه فاطيعونا فان طاعتنا مفروضة ) بعد هذه الدرر يتضح من هذا ان قول او فعل المعصوم هو القران المنزل على رسول الله (ص) ولهذا فللتاريخ ذمة لا تبرأ الا بنقل كل ما قاله او فعله الامام المعصوم بنصه ومن غير تحريف واذا ما حُرّف التاريخ فانه سيكون شاهدا على صناعه .

واحد الروايات التي تستحق الوقوف عندها حالها حال غيرها من روايات المعصومين هي قضية البغيبغة والتي نحلها الامام الحسين (ع) الى عبد الله ابن جعفر الطيار لتساعده على سد ضنكة العيش ، وطبقا للرواية ان عبد الله تعرض الى ازمة مالية فباع البغيبغة الى معاوية بالف الف درهم ، وكتب معاوية إلى مروان بحزها، فركب مروان ليقبضها فوجد الحسين واقفاً على الشعب، قال: من شاء فليدخله، والله لا يدخله أحد إلاّ وضعت فيه سهماً.فرجع مروان وكتب إلى معاوية، فكتب إليه معاوية: أعرض عنها، وسوّغ المال عبدالله بن جعفر.فلمّا هلك معاوية واستشهد الحسين أخذ يزيد بن معاوية البغيبغة، فلمّا هلك يزيد ردّها ابن الزبير على آل أبي طالب، فلمّا قتل ابن الزبير ردّها عبدالملك على آل معاوية، فلمّا ولي عمر بن عبدالعزيز ردّها على ولد علي، فلمّا ولي يزيد بن عبدالملك قبضها ودفعها إلى آل معاوية، حتى ولي الوليد بن يزيد بن عبدالملك فقال: ارتفعوا إلى القاضي.

هنا عدة افادات واستفهامات من هذه الرواية ، منها هل يصح الغاء البيع بعدما تم الاتفاق وقبض الثمن ؟ وما دخل الحسين (ع) بهذه الصفقة ؟ اقول اول الامر يجب ان يعرف الجميع ان الحسين (ع) هو الامام والحاكم المفترض الطاعة في الارض وللمرء الخيار في جعل من يتحكم في رقبته الحسين ام معاوية .

بادئ الامر ان البغيبغة هي نَِحلة بالاضافة الى ابي نيزر وهي نفس صنف فدك فهي الاخرى نحلة والنحلة تختلف في التصرف فيها عن بقية الموارد المملوكة للفرد فان هذه تكون اشبه بالوقف او الوقف بعينه فقد اوصى امير المؤمنين (ع) بجعل نفعهما ( ابو نيزر والبغيبغة )للفقراء وللحسن والحسين (ع) فقط حق التمليك والتصرف ،والوقف هو حبس الاصل وتسبيل المنفعة على من يجدونه احوج لها ، وقصة البغيبغة قصة ذو شجون حيث لها رواية هي الاخرى تستحق مقال وتعقيب حيث ان البغيبغة كانت نحلة انتحلها الامام الحسين (ع) الى ام كلثوم بنت عبد الله ابن جعفر الطيار وامها زينب الحوراء

والان لنفهم ما لوقوف الحسين (ع) من منع اتمام البيع من اثار ودلالات ، يتضح من وقوفه أي الامام الحسين (ع) هذا انه ما لا هو ولا من سبقه او من بعده اطاع امر الحاكم الظالم ولو تمعنا في كل الروايات والاحداث التي رافقت حياة المعصومين مع الظلمة نجد فقط في الحبس او التهجير مع ارسال قوة كافية من الحاكم الظالم لتنفيذ هذا الامر قد تم الزام الامام فيها وبالرغم من هذا فان هذا الالتزام له ابعاد وفوائد جمة ، لنعد لاصل الموضوع فان الحسين (ع) لم يستجب لاي امر اموي صدر من الشام الى المدينة بل ان الحسين هو الذي كان يبدأ بالهجوم على الدولة الاموية ولعل قصة القافلة التي كانت متجهة الى الشام قادمة من اليمن وهي تحمل الخراج الى معاوية فقام الامام الحسين (ع) بمصادرتها وتوزيعها على الفقراء بالكامل ومن ثم اعطى لاصحاب الجمال كرايتهم وبعث برسالة الى معاوية يعلمه بما اقدم عليه دون التعرض الى عماله الذين قاموا بالجباية ، من هذا يتضح لنا ان الحسين (ع) هو الممثل الحقيقي للمعارضة الاسلامية ضد الدولة الاموية .

معارضة الحسين (ع) للظلمة هنا تختلف عن معارضة الامام علي (ع) للخلفاء الثلاثة الاول وكذلك تختلف عن معارضة الحسن (ع) لمعاوية وتختلف عن معارضة بقية الائمة لطواغيت عصرهم .محور الاختلاف هو ان الامام علي (ع) لم يكن لديه معاهدة صلح مع من سبقه بالخلافة كما وانه لم يجد الناصر معه لينهض بالسيف اما الامام الحسن عليه السلام فكانت معارضته في حدود الاخلال في تنفيذ بنود الصلح والتجاوز على الاحكام الشرعية اما الامام الحسين (ع) فان معارضته بدات بالاشتداد مع اقدام معاوية للتمهيد في استخلاف يزيد على الحكم ، وهنا اذكر ان معارضة الامام الحسين (ع) هذه لم يقف معها لا عبد الله بن عمر ولا ابن الزبير ولا عبد الرحمن ابن خالد بن الوليد ولا سعد بن ابي وقاص .

معارضة الامام الحسين عليه السلام هنا يجب التاني والتمعن في كيفيتها وهيئتها ، فالحسين ليس ذلك الرجل الذي ياخذ المرء بخطأ اخيه او ذويه فعلى مر السنوات العجاف التي مر بها الحسين (ع) بعد اخيه الى هلاك معاوية فانه لم يتعرض لاحد مهما كان منصبه الا للذي يؤيد معاوية صراحة ويتهجم على اهل البيت (ع) علانية مثل مروان وابن العاص كما وانه لا يعمل عمل يتخفى بعده بل يعلنه صراحة ، على عكس ما نرى اليوم من استخدامات هجينة باسم المعارضة او المقاومة فالذي يعارض الحكومة مثلا نجده يقتل كل من له علاقة بالدولة او يتمترس بالعوائل البريئة التي لا دخل لها او احداث بلبلة دموية بحجة اضعاف الحكومة واسقاطها فكل هذه التصرفات يرفضها الاسلام عن بكرة ابيها ولو اجازها الاسلام لما استطاع مؤتمر السقيفة اصلا ان يعقد ، كلمة تمويهية من الامام علي (ع) في الشورى العمرية بعد مقتل صاحبها وهي ان يقول اتبع منهج الكتاب والسنة وسيرة الشيخين فلم يقل وسيرة الشيخين ولو قالها لاخذ البيعة الا ان الامام علي ليس من النوع المداهن والمراوغ بل الصريح .

والعجيب اني قرات كتاب للمؤلف صلاح عبد الرزاق بعنوان مفكرين من الغرب اعتنقوا الاسلام واحد هؤلاء ( المفكرين ) يعاتب الامام علي (ع) لماذا لم يقل وسيرة الشيخين ومن ثم يفعل ما يريد .كما وان هنالك مقالة لكاتب اسمه موسى الحسني يكتب في جريدة القدس اللندنية يفسر نصيحة علي (ع) لعمر في معركة القادسية بانها تدل على حب علي لعمر وعندما اجبته على وهمه هذا تعلل بالمرض وانسحب من نقاشي ، فعلي كما قلت ليس بالرجل المرواغ في الباطل . وهذا الشبل من ذاك الاسد فالحسين (ع) لم يقدم على امر الا في وضح النهار ويوجه سهامه للظلمة فقط دون الرعية .

الامر الاخر الملفت للنظر لماذا يقدم معاوية على شراء الضيعات هل هو في حاجتها ومن اين له هذا المال حتى يشتري كل هذه الضيعات ؟ الا يدل هذا على العبث الاموي في التصرف بالاموال الاسلامية التي يجب ان تكون لاشباع الفقراء قبل عمران البلاد ، ولعل موقف الصحابي الرائع ابي ذر الغفاري الذي يغيظهم عندما يرى معاوية يعبث بالاموال ويجمعها من افواه الفقراء فيقول له ( الذين يكنزون الذهب والفضة ) فيستشاط غيضا فيبعث الى عثمان لان يهجّر ابا ذر من ولايته فيستجيب له بسبب اية قرانية .واخر الامر نرى ان عملية استرجاع واغتصاب هذه النحلة هي طبق الاصل لما جرى على فدك وهذا يدل على صحة وقوف الامام الحسين (ع) بوجه معاوية بعدم التمليك .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
حد ابناء الثورة
2008-05-15
هل سيقرأ اتباغ مقتدى في الثورة هذا المقال وينظرون الى انفسهم الى اي مدى يطبقون اقوال الحسين الذين يسقطون دموعهم على مصابه كدموع التماسيح على ابي الاحرار
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك