المقالات

هويتنا الثقافية وحصان طروادة الجديد

1026 2021-11-22

حسين فرحان ||   لم تعد الحرب اليوم كتلك التي كانت بالأمس.. كل شيء تغير.. ولكي أغزو أرضك وأنهب ثروتك وأستبيح كل شيء وأعده -كما في عرف الغزاة- مغنما يسهل الوصول إليه فما علي إلا أن أغير ستراتيجية الغزو فأصنع للمدفع وجه آخر وللرصاصة وجه آخر ولكل تلك الأدوات وجه مختلف تماما.. وما علي سوى أن أزج بعتاد وجنود هذه المعركة في جوف حصان طروادة الجديد الذي سيكون هو الأخر مختلف عما روت حكايته كتب الأساطير في ملاحم الإغريق والرومان..  سيكون حصان طروادة -بشكله الجديد- صغير لا يُجر بالحبال ليدخل القلاع، ولا يحتاج لعجلات كبيرة تصدر ضجيجا.. لكنه سيكون بحجم يتسع له كف الصغير قبل كف الكبير.. وعند الاستغراق بالتأمل في شكله اللطيف سيفتح الجند بابه لينسدلوا إلى مدينة عقلك وعندها - وهي مسألة وقت لا أكثر- سيكون الجميع أسرى خلف أسوار قلاع صُناع هذا الحصان.. إنه غزو الفكر الذي خطط له الأعداء وما تلك الثورة المعلوماتية وأدواتها ومحتوياتها إلا الحرب الطروادية الحقيقية التي تحاكي تلك الأسطورة.. هل نفترض حدوث ذلك؟ أم أن لتلك الغزوة بوادر وعلامات لم تحدث بعد؟ لا جواب سوى إننا اليوم في قلب المعركة.. وأن قوافل الأسرى بدأت تغادر مدن ثقافتها وتقبع ذليلة في مدن افتراضية جديدة تشبه إلى حد كبير مدن التعرب بعد الهجرة التي يصعب فيها على الإنسان أن يمسك بزمام هويته الثقافية فضلا عن أداء تكليفه الشرعي بل أنه سوف يبدي عجزا في أن يكون على مايرام عند أحسن الظروف، دون أن نغفل أن هذا التعرب سيكون ضمن حدود الوطن لا خلفها.. أول الوهن أن تفقد دينك وعقيدتك وستسقط قداستهما أمام عينيك وستغادر ميدانك الثقافي ثم تنسى لغتك.. ستفقد احترامك لرموزك.. وسترتدي ثوبا غير ثوبك وقد تتعرى.. ستسرق منك أرضك وثروتك وأنت منشغل بالثرثرة والتحزب والتطرف والميوعة والسفسطة وفوضى الفكر وتواتر الحوادث وكثرة السرد والتحليل وتغيرات المزاج وتقلبات الاحوال وتمزق الأوصال وتباين الانفعالات...  ربما ستتساوى الذكورة والأنوثة في وظائفها بنظرك..  وقد تكون جندريا بامتياز فتساهم بتهميش رسالة الحياة وجعلها فوضى.. ربما سيصدمك ابنك ذات يوم فيجادلك بأسباب الحرام فيُصر - مستكبرا- على قناعاته الفيسبوكية بأنها حلال وسيجد لك تبريرات بحجم المحتويات التي شاهدها..  ربما ستقف عاجزا عن مواجهة دعوة إلحادية صريحة في مكان عام تحيط بها هالة حرية الرأي..  ربما ستعجز يوما عن فهم ما تلفظه أجيال الإنفجار التواصلي من كلمات ومصطلحات لم تعهد مثلها في قواميس لغتك فلا تدري أهي من اللفظ الطيب أم الفاحش؟ ولكي نكون أكثر واقعية فأن بوادر ما طرحناه من افتراضات قد تحقق بعضها ولربما ستتحول إلى ظواهر كبيرة تحيط بنا.. فأين نحن اليوم من هذه المعركة؟ هل نحن خلف السواتر أم في القلب أم ان رصاصات الغزو الفكري والثقافي قد اخترقت جماجمنا؟ وهل بالإمكان تدارك الأمر؟.. إذن لابد من معرفة كم نخر هذا الغزو في بدن ثقافتنا.. وكم بقي لدينا من وقت لإحراق حصان طروادة وجنده.. نحتاج إلى دراسة الأمر بوعي كبير لدرء المخاطر المحدقة بأبناءنا.. نحتاج لأدواتنا الفكرية والمادية قبل أن تظهر بوادر الشيطنة على عقول وتصرفات فلذات أكبادنا.. وإنها لمعركة حقيقية لانريد للعدو فيها أن ينتصر ولا نريد أن تكون مآلاتها سيئة لا تورثنا غير الحسرة والعض على أصابع الندم.. ما هو أكبر خطر وتهديد لمستقبل العراق؟ سؤال وجهته صحيفة الواشنطن بوست للمرجعية الدينية العليا بعد سقوط النظام البعثي فكان الجواب ومنذ ذلك الوقت: " خطر طمس هويته الثقافية التي من أهم ركائزها هو الدين الاسلامي الحنيف"..  فالهوية الإسلامية التي من أهم ركائزها الدين الإسلامي هي وحدها الكفيلة بحفظ توازن هذا المجتمع فإذا طُمست لم يبق شيء بعدها يمكن أن يُستثمر في مواجهة مخططات الأعداء ولات حين مندم.. 

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك