مازن البعيجي ||
ماديًّا كان هذا الوهنَ أو معنويًا ! على مستوى التَّطبيق وإدارةِ البلاد، أو على مستوى المعنويّات التي هي عمادُ القناعاتِ في منهجِ السماء الخالي من العاهاتِ الفكريّة التي غالبًا ما يكونُ تَركُها يُسبّب خللًا في البنيةِ الإجتماعيّة والأخلاقية والثقافيّة وغيرُ ذلك.
وللمتَتَبّعِ حريةُ التّجوال في بلدانِ العالَم اليوم، العربية والإسلامية والغربية على حدٍّ، متأمِّلًا دَساتيرُ تلك الدّول، ويُعتَبَر هو القاعِدة – الدستور - أو مجموعةُ القواعدُ الأساسية التي مِن خِلالِها يتَّضِحُ شَكلُ الدولة، ونظامُ الحُكمِ فيها، ومدى سلطتِها على الشعب الذي هو مُلزَم بالعملِ بمقتضاه.
عندها ستتعرَّف على الثغراتِ الكثيرةِ والخطيرة في نمطِ العيشِ، خاصةً الذي يَعتمِد أنظِمةً وفقَ نظريّات وضعيّة وماديّة، الاعمّ الاغلبُ منها لا يَرتَبط بقوانينِ السّماء ولو نسبيًّا، ممّا يتمخّضُ عن ذلكَ أنظمةٍ علمانيَّة تجعلُ من السياسة الدينية في معزِلٍ عن التطبيق، أو ماركسية وماتسمى بالشيوعية، التي يحكمها حزبٌ واحد بعيدٌ جدًا عن مبادئ السماء لانّهُ لايعتقِدُ أصلًا بوجودِ خالقٍ للكون، ولعلّنا نجدُ حكوماتٍ لمسمّى الإسلام، غيرَ أنها كما ذكرنا على غير منهجِ الإسلام، فضلًا عن سَماحِها لدولٍ اخرى تفرضُ عليها قوانينَ لاتنسجمُ مع تطلّعاتِ شعوبِها، فلاعجبْ، ونحنُ نجدُ بعضُ الدول الإسلامية كثيرةُ المشاكل، مضطربةُ الحال، مُستَغَلَّةْ من قِبَلِ حكوماتٍ اخرى أجنبيةٍ أو عربية، وغالبًا ماتكونُ منهوبةُ الخيرات، لأنها اتّخذَت مسارًا غيرَ مسارِ الإسلام المحمديّ الأصيل الحسينيّ المقاوم وإن كانَ ظاهِرُها اسلاميّ، ولكنَّ الظاهرَ غير الباطن، والنظريةُ غير التطبيق، في الوقت الذي يُقِرُّ العقلَ والمنطِق،على ضرورة -توافق النظرية مع التطبيق العمليّ- فما قيمةُ الايمانٍ بأيّ منهجٍ مادامَ في حيّزِ الفكر، إن لم يُتَرجَم الى واقعٍ نابضٍ بالحياة ليكون في خدمةِ البلادِ والعباد!! هو ذا القانون السماوي، والمنطِقُ القرآني الحيّ!
ومن هذا المنطلَق: تجدُ اليومَ حجمَ الأخفاقات على مستوى إدارةِ البلدان، والتخبّطِ في إصدارِ المقرّراتِ غير الصالحةِ للتنفيذ السليم، مايجعلُ مثلُ هذهِ الدول متورّطةٌ في التعاوُن غير الشرعي مع ملفّاتٍ خطيرة، مثل ملفّ التطبيع الذي أزهقَ روحُ الإسلام في نقطةِ تحَوّلٍ جَعلَت منهُ إسلامًا صوريّا قشريّا، لا يَمتُّ الى تعاليمِ الحقّ وقانونِ القرآنِ بصلةٍ.
أمّا على المستوى الغربي والنظريات الوضعيّة، فقد تجدُ الويلات والمصائب والكوارث الأخلاقيّة والمشاكل التي لاحلولَ لها مهما بالغَ الخبراءُ بترقيعِ القوانين والتشريعاتِ، مدَّعيًا زورًا وكذبًا فهمَهُم للحياةِ ومتطلّباتِ البشر! ، وخيرُ شاهِدٍ على ضياعِ الانسانيةِ البعيدةِ عن منهجِ السماء، ما نُشِرَ مؤخَّرًا قبل أيام، عن فضيحةِ زنا المحارمِ في فرنسا، وهذا الخطبُ الأخلاقيّ الذي يَدقُّ ناقوسُ الخطرِ الذي يُهدّدُ بمسخِ الانسانية! وقد جاءَ ذلكَ على لسانِ الرئيسِ الفرنسي، وهكذا نسمعُ ونرى مختَلَفِ الانحرافات في باقي دولِ الغرب التي تجاوزت كلّ أبعادِ الفطرة السليمة المتعلّقة بانسانيةِ الانسان بصَرفِ النَّظرِ عن الديانةِ! لنرى تلكَ الممارسات اللا أخلاقية، مألوفَةٌ في العالَم، كما ألِفَ الزواجُ المثليّ، والمساحقة، والاجهاض، وحق التَّعدّدِ للمرأة، وغير ذلك من نُظُمِ العيشِ والمِلكيّة ومصائبُ تعيشُها تلكَ الدول المنهارةُ اخلاقيًّا، المتداعيَةُ معنويًا!! ومثلُ ذلك يَلوحُ في أفقِ سماءِ الدول الإسلامية والعربية بنسبةٍ نخشى معها على الشعوب المسلمة من تمادي حكوماتِها في مجاراةِ الغرب كما حدثَ على ارضِ الحرمَين وبعضِ دولِ الخليج!!!
وفي قبالِ ماذكرنا، نجدُ أنّ الدولةَ الوحيدةُ في العالَم، التي تبنَّت وأقرَّت في دستورها حكم القرآن الذي يرتكِزُ على نظريةِ "ولايةُ الفقيه" ليَتميّز الحكمُ الاسلامي من حيث التطبيق العملي، الذي أصبحَ مِصداقًا في اتّباعِ منهجيةِ القرآن الكريم، المنهجُ الذي يتبنى طرائقُ الإسلامُ المحمديّ الأصيل الحسينيّ، ذو العمق القيَمي والأخلاقي في البُعدِ المادّي والمعنوي، بل النظامُ الذي يهتَم بشؤونِ الحياة الانسانية والإسلامية لتوفيرِ أرقى وسائلَ العيش وسبلَ الحياة المستقرة ، وعلى أعلى مستوى من اعتمادِ القانونِ المُستَلِّ من روحِ الإسلام في التعاطي مع مجرَياتِ الحياة الحرة الكريمة، التي تتعاملُ في إدارتِها باحتياطٍ لتفادي الشبهاتِ والتعثّرات، مستفيدةً من التجارب التي تمر بها انظمة الدول غير الإسلامية، والإسلاميةِ القشريّة التي لا تريد الاستفادة من تجربة "الدولة الاسلامية" ولو على نحو تبادلِ الخبرات في إدارة البلاد للحفاظ على كرامة وخيراتِ الشعوب التي غالبًا ماتعوّلُ على حكوماتها، ولو تَعِي الشعوبُ المسلمةَ وغيرها والحكومات، ماللحكومةِ الإسلامية من حِرصٍ عليها، لما أعرضَت وتجاهَلَت فكرَ الأمامُ الخمينيّ العظيم وتجربتِهِ الرائدة في تطبيقِ نظريةِ "ولاية الفقيه" ولَعلَّ هذهِ الالتفاتةُ الحريصةَ على الشعوب في مثلِ هذه الكلمة القصيرة خير دليلٍ من كثيرِ ماوَرَدَ في طيّاتِ فكرهِ العمليّ المبارك .
(القوىٰ الكبرىٰ ، إنّهم ينهبون ثرواتكم ويُذلّون شعوبَكم ويُذيقونَها الفقرَ والحِرمان، وأنتم جالسُونَ تنتظرونَ أن تعملَ أميركا شيئًا لكم!!
وعليه:فقد نرى في كلّ يوم استعراضًا مَهيبًا لمنحزاتِ دولةِ إيران الإسلامية على جميع الصُّعُد، معتمدةً بعدَ الله تعالى على طاقاتِ ابنائِها في مجالِ الخبراتِ رغمَ ضغوطاتِ الحصار الظالم من قِبَلِ قوى الأستكبار العالمي.
يقولُ الباري عز وجل:
(أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ ۚ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۚ وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا ۗ وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ) الزخرف٣٢
البصيرة ان لا تصبح سهماً بيد قاتل الحسين ومنه يسدده على دولة الفقيه ..مقال قادم نلتقي..دمتم)..
https://telegram.me/buratha