المقالات

أمنيات في ساحة العرضات

1635 2019-08-22

حسين فرحان

 

تحت ظل شاحنة كبيرة متوقفة في إحدى ساحات بيع الخضار، جلس ابن الرافدين وقد افترش حزمة من قماش البازة التي يتجول بها صباح كل يوم على أصحاب السيارات، ليبيع منها ما يسد رمق اسرة لاتكف عن الطلبات الموجعة .

ارتشف من قنينة الماء ما امتزج بملوحة عرقه، مسح جبهته واتكأ على أطار الشاحنة وهو ينظر الى الساحة الكبيرة المفتوحة أمامه، تذكر في هذه اللحظات ساحة العرضات التي رافقها طيلة عشرة أعوام بين مكلف واحتياط، هكذا وبلا مقدمات لاحت له ساحة العرضات بجميع تفاصيلها، أما لماذا فلم يعرف السبب، نظر الى الأعلى وقال مبتسما : ( لعلها ضربة شمس )، لكنه عاد مرة أخرى ليتذكر جلوس القرفصاء صباح كل يوم في تلك الساحات وهو يقدم مكرها فروض الولاء والطاعة للقادة الذين اخبروه بأن عليه أن يترك كرامته في منزله ويأتي للمعسكر فلا كرامة هنا، ويتذكر ما كان يتمتم به من عبارات تمني بانقضاء المحنة والخلاص من عبودية البعث وصدام والعرفاء والحروب العبثية .

ويحلم بسرية تامة برؤية تلك الاشباح المناضلة !! وهي قادمة من وراء الحدود تحمل معها الحرية والخلاص وتعيد للانسان كرامته .

اليوم عاد من جديد الى نفس عباراته القديمة وتمنياته بزوال المحنة ، فقد كانت بالأمس في ساحات العرضات واليوم في ساحات بيع الخضار ، راوده شعور غريب ببقاء كل شيء على حاله (فافتراش الارض والتمنيات والمحنة والشمس والغبار ) لم يتغير شيء، والطغاة هم الطغاة وإن تغيرت الوجوه وحكمت تلك الاشباح المناضلة التي كان يحلم بها .

فانتفض مع مابه من كآبة على ذاكرته وانتفض على خيالاته التي ماتزال خصبة، فقد ناهز الستين عاما وعليه أن يؤمن بأن الحديث مع النفس طيلة العقود الماضية قد يفضي به الى الجنون بل ربما يكون هو الجنون بعينه ، لذلك حاول أن يجبر نفسه على الوقوف ومغادرة هذا المكان الذي لايحتاج فيه الى إذن ضابط أو عريف ، كل ماعليه أن ينهض ويترك نعيم ظل الشاحنة ويعود الى رشده متحاشيا نوبات الحديث مع النفس ، لأن كل ما يجب أن يفكر به اليوم هو انتظاره - كأقرانه - لنوبة قلبية او جلطة دماغية تنتهي بها حياته ، ولا يرغب أن تقع أحداث نهايته التي يتوقعها في واحدة من تلك الساحات .

.............

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك