قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com
روى لي احد الإعلاميين الشباب، من الذين يعملون في إحدى كبريات القنوات الفضائية، حيث يمكنه وبحكم عمله، الاقتراب كثيرا من كبار السياسيين، أشياءا مذهلة، ومفارقات عجيبة، بعضها صدقته وبعضها غير قابل للتصديق، مع اني اعلم انه صادق قطعا..
نقل لي هذا الشاب؛ ان اثنين من الساسة المختلفين بالاتجاه السياسي، كانا مدعوين لأحد البرامج الشهيرة على القناة التي يعمل بها، وقد أتى السياسيين إياهما سوية، قدما على قدم وبسيارة أحدهما، حيث كانا على مائدة واحدة في ضيافة احدهما!
بعد ربع ساعة من وصولهما الى القناة الفضائية إياها، ظهرا في البرنامج، وإذا بهما يكيلان احدهما للاخر التهم والكلام الحاد، هذا يقول لذاك: ان مشكلتنا تكمن بالطائفية التي تمثلونها، وان تياركم مصداق لها، فيرد عليه الثاني (يا اخي.. ان حملة الفكر العنصري، الذي تحاولون تجديده وتجديد آثامه، هم من يريدون اعادة عجلة التاريخ الى الوراء)!
يقطع مقدم البرنامج عليهم الحوار بفاصلة، ليتحول النقاش الى نقطة اخرى يتفقون عليهاـ ثم فاصلة اخرى ليتحاورا حول مشروع قانون العفوم العام، فيقول الاول قولا مغايرا تماما لما يراه الثاني، وتتصاعد حدة النقاش ويدخل ثالث على الخط من لندن، لينتصر للاول ويدخل رابع من دبي لينتصر للثاني، ومقدم البرنامج يقول وقت البرنامج انتهى..
تظهر اللازمة النهائية للبرنامج وتركض خيول الفاصلة للقناة الفضائية إياها! لتبدأ نشرة الاخبار..بعدها يقول الراوي: يخرج السياسيان سوية، ليكملوا السهرة في بيت الثاني بعيدا عن اعين الرقباء!
قال الراوي ايضا: سمعت الأول بعد إنتهاء البرنامج التلفزيوني يقول للثاني:ها أشلوني؟! فيجيب الثاني: وردة..!
إذ أرقب الحراك السياسي الذي يدور هذه الأيام، مستكنها ما يحدث على خشبة مسرح اللامعقول السياسي، إستجواب وإتهامات بالفساد، ومحاكم تصدر قراراتها بثوان، ومذكرات قبض ومذكرات قبض مضاد، منع سفر يعقبه سفر الممنوعين! أستذكر دوما ما نقله لي صاحبنا، من قصة، وأجد أننا نمثل دور زوج العاهرة المخدوع!
بالمناسبة؛ وكأستذكار أخير يمهد للنتيجة، فإن جحا صعد يوما إلى المنبر وقال: أيها الناس هل تعلمون ما أقول لكم؟ فقالوا: لا، قال: حيث أنكم لاتعلمون ما أقول، فلا فائدة من الوعظ في الجهال..ونزل من فوق المنبر، ثم صعد يوما آخر فقال: أيها الناس هل تعلمون ما أقول لكم؟ قالوا: نعم، فقال: حيث أنكم تعلمون، فلا فائدة من إعادته مرة أخرى، ونزل من فوق المنبر! فاتفقوا على أن يقول جماعة منهم نعم؛وجماعة لا! فلما صعد جحا يوما آخر قال: أيها الناس أتعلمون ما أقول لكم؟ فقال بعضهم نعم وقال بعضهم لا، فقال: على الذين يعلمون أن يعلموا الذين لا يعلمون!
كلام قبل السلام: تماما مثل حالنا مع ساستنا، لا نفهم منهم ماذا يقولون، ومع ذلك يريدوننا أن نُفهم بعضنا بعض ما قالوا..!
سلام..