مع كل المعطيات المعاصرة رأينا كيف تضغط الفتن وتشتد البلاءات وان هناك من تترجرج روحه بين هذا وذاك، وتضطرب بصيرته حتى ليكاد يخلط حقا وباطلا، ورأينا الولاءات البشرية المصطنعة تطغى على قلوب الكثيرين، ورأينا الأصنام الاجتماعية تأخذ من ألباب الكثيرين بحيث تُنسيهم إلههم المعبود الاول سبحانه وتعالى والا ماذا يعني انهماك الكثير ممن يحسبون انفسهم متدينين بالغيبة والنميمة وانتهاك الحرمات ثأراً لصنم اجتماعي ونسياناً للمعبود الواحد الاحد ولاهل البيت صلوات الله عليهم؟
وكيف يستحل من يسمي نفسه مؤمنا ان يكذب على غيره ويبهت عليهم ولقد روي عن رسول الله صلوات الله عليه واله ان المؤمن قد يزني وقد يسرق ولكنه لا يكذب، مع ان يومنا المعاصر يكشف لنا ان بضاعة الكذب اصبحت ضرورية فيما يسمونها ارباع المتدينين بالجيش الالكتروني او نظيره مما يبثونه في الساحة، وكيف يكون الانسان متدينا وهو يذل نفسه متزلفا لهذا و معظما لذاك ممن لا يستحقون اي مقدار من التعظيم والتفخيم والتسييد؟ وكيف تتهاوى الانفس نهبا لمال الله وعباده واثرة لمصالحهم دون مصالح العباد وكيف يتكبرون على الفقراء والمساكين بتلفعهم بالوان البهرجة واخلاقيات طلب الدنيا.
لا شك ان الكثير من الصور التي نقلت الينا عبر حديث اهل البيت ص عن مجتمع ماقبل الظهور الشريف تنبئ عن ان سقف المعرفة يتدنى جداً بل ويتحول الى نقيضه بين جهل او جهل مركب او وهم انه عارف فحينما يتحول المعروف الى منكر والمنكر الى معروف والحق الى باطل والباطل الى حق، والصدق الى كذب والكذب الى صدق، والامانة الى خيانه والخيانة الى امانة انما ينبئنا بخلل كبير بطبيعة المعرفة التي يمتلكها اناس ذلك الوقت وبطبيعة تدني البصيرة في قلوبهم، حيث تختلط لديهم المعايير وتضيع منهم البوصلة فلا يكاد يبصرون شيئاً، وحينما تتحدث الروايات عن ان توافه الناس هم الذين سيكون نطقهم هو الاعلى في المجتمع، عند ذلك نعرف ان المعرفة قد تدنت وتسافل وضعها الى درجة كبيرة بحيث ان الناس تقبل من التوافه ولا ترضى من اصحاب المعرفة الحقيقية، كل هذه ظواهر اجتماعية نكاد ان نجمع على انها من موجودات هذه الايام.
جلال الدين الصغير
https://telegram.me/buratha