المقالات

الحكومة العراقية بين المستحيل أوالالتزام بالممكن

1564 23:57:00 2007-07-15

( بقلم : طالب الوحيلي )

يقال في قواعد القانون ان لا التزام بمستحيل ،اي ان اهم شروط محل الالتزام ان يكون ممكن التنفيذ ،والتزامات الحكومة الوطنية في هذه المرحلة القاسية والصعبة لما يكتنفها من اشتراطات وارهاصات تكاد تكون دائرة بين المستحيل والممكن . فالمستحيل ما تتحكم به قوات الاحتلال بعيدا عن راي الحكومة او موافقتها ،ولعل لذلك قوائم طويلة من تجاوز تلك القوات لمبادئ السيادة الوطنية التي منحت للعراق بموجب قرارات مجلس الامن الدولي حصرا ،وبذلك منح العراق شرعية دولية لا يمكن لطرف دولي اهمالها ،لاسيما الولايات المتحدة الامريكية راعية مشروع تحرير العراق من النظام الصدامي الديكتاتوري ،لكنها في واقع الامر قد تفوقت على ذلك النظام القمعي كثيرا في دكتاتوريتها التي فرضتها على الشعب العراقي على الرغم من رعايتها للديمقراطية كما تدعي ذلك ،ملوحة بتطبيقها لمشروع مثالي لتلك الديمقراطية! ، وقد عرف المواطن العراقي دون حاجة لحدس او جهد مدى اعاقة قوات الاحتلال للحكومة العراقية في تنفيذ برنامجها المعلن لخدمة الشعب العراقي وبناء دولته الاتحادية المستقلة ، وقد يعذر الحكومة عن عدم استطاعتها اداءه او فرضه على ارض الواقع ،ومن تلك القوائم، عدم توفر الارادة الكاملة لقوات الامن العراقية في ادارة الملف الامني بصورة شاملة ،وعدم وجود صلاحية للحكومة في بناء الجيش وقوات الشرطة على وفق ما يقتضيه الواقع العراقي ومستوى الحاجة الماسة لوجود جيش مكتمل العدة والعدد،قادر على فرض احترام الدولة على الجميع وفي اي مكان من العراق ،وما ينبغي عليها من التعاقد مع اسواق السلاح العالمية المختلفة لاستيراد الاسلحة المناسبة ،فيما نجد تلكؤا ملحوظا بهذا الصدد من قبل الادارة الامريكية التي الزمت نفسها هي الاخرى وامام مجلس الامن الدولي والعالم باسره بوظيفة اساسية الا وهي تكوين وتطوير الجيش وقوات الامن العراقية لتكون قادرة على حماية البلاد من قوى الارهاب وفرض القانون ،وذلك جزء من تلك الاستراتيجية المعلنة بعد صدور تقرير بيكر هاملتن تحديدا،وقد اوردت التقارير الصحفية خبر تزويد الجيش العراقي ب 5000 بندقية امريكية الصنع من اصل صفقة بحدود المليار دولار وهذا العدد من البنادق لايكاد يكفي حاجة لواء من الوية الجيش العراقي ،فيما ينبغي توفير اسلحة ساندة ومعدات هندسية وغير ذلك من متطلبات التعبئة العسكرية .ناهيك عن ان صلاحيات القوات المتعددة الجنسيات مازالت بلا حدود بالرغم من الطلبات المتكررة من قبل القوى السياسية والحكومية في تحديد صلاحياتها ،حيث ان انشطتها على الصعيد الميداني مازالت غير منضبطة خصوصا في بعض مناطق بغداد المستقرة مثل مدينة الصدروالشعلة وحي العامل والحرية والشعب التي تكاد تكون مسرحا يوميا لانشطة القوات الامريكية بكافة قطعاتها واسلحتها وبغياب تام للقوات العراقية ،حيث صارت تلك المناطق بكافة اهلها هدفا عشوائيا لها .وثمة ملاحظات مثيرة لاهتمام الشارع العراقي في ادارة الحكومة منها قضائية والاخرى اقتصادية وخدمية قد ينصف الحكومة في كونها مقيدة باجندة او برنامج الاحتلال كفرض المحاصصة عليها في العمل الاداري لبعض الوزارات او تقييد تنفيذ القانون على بعض الضالعين بجرائم ماسة بامن الدولة وسيادة الدستور وجرائم ارهابية تحت يافطة المصالحة الوطنية ومع اطراف داخلة اصلا بالعملية السياسية اي انها متصالحة او متصادقة فعلا على جميع فقرات العملية السياسية حتى المختلف عليها ،ولعل مسألة الوقود والكهرباء هي امور خارجة عن ارادة الحكومة ولا قدرة لها على معالجتها على الامد القريب !!فضلا عن تاخر الاعلان عن التعديل الوزاري الذي بات محل ترقب واهتمام الجميع لما يعني ذلك من مصداقية لاستقلال القرار السياسي بعيدا عن املاءات الاخرين ..

لكن الحكومة العراقية مع ذلك امامها الكثير من من الالتزامات غير المستحيلة التطبيق ،اي الممكنة الاداء، وهي تمس حياة المواطن العراقي وتعد الوجه الاخر للسيادة الوطنية ،منها سيادة القانون التي لايمكن ان تبدأ الا من خلال السلطة التنفيذية ،لترابط الحلقات بين سلطات الضبط القضائي من جهة وبين المؤسسة القضائية التي لا يمكنها ان تعمل بمفردها حسب تقاليد قانون اصول المحاكمات الجزائية ،حيث تعج الحياة العراقية بالظواهر الجرمية المختلفة التي تفاقمت واستفحلت بسبب تخلف السلطة القضائية عن اللحاق بجموح ارباب الجريمة على اختلاف الوانها والتي تعد معظمها ركائز الارهاب الذي يعاني منه العراق ،فلو قدمت العناصر الضالعة بارتكاب الجرائم والملقى عليها القبض من قبل قوات الامن العراقية الى القضاء العراقي بعد استنفاره كما تستنفر تلك القوات ،وطبقت قواعد القانون العراقي بحذافيرها على كل متهم ،لنال كل جزاءه العادل بين الافراج او الادانة وما يرافق ذلك من تطبيق للحق العام الذي لايجوز الاتفاق على مخالفته ،والحكم للمدعين بالحق الشخصي بما يقر اعينهم من حق في التعويض، ولا اظن ان قوات الاحتلال سوف تتدخل في ذلك الا بحدود معينة ،مستبعدين طبعا اجراءاتها الخاصة بها في اعتقال من تشاء واطلاق سراحه دون الرجوع اصلا للقضاء العراقي !!

وامام الحكومة تطهير مؤسساتها ووزاراتها من هيمنة الارهاب الاداري والفساد المستشري والرشوة والمحسوبية والتصرف بالمال العام دون اي وجه حق واضعاف الثقة العامة بالدولة واسستغلال الوظيفة العامة للاغراض الشخصية ،والترهل الاداري وسيادة العلاقات الغريبة في التعامل مع المراجع في الدوائر الرسمية ،واضاعة الحقوق ،وحرمان المواطن من حقه في الوظيفة العامة وفي وضع الانسان المناسب في المكان المناسب ،و معالجة الفقر المستشري ،ومكافحة البطالة ،ومنح الحقوق التقاعدية لمستحقيها ،وتطوير التربية والتعليم وغير ذلك من المهام التي ينبغي على الوزارات ادائها ..

خدمات بسيطة لايصعب على الدولة اداؤها ،اصبحت بحكم المستحيلة لدى المواطن العراقي هذه الايام ،كوضع البدائل لمشكلة الكهرباء مادامت تخضع لرغبات قوات الاحتلال كما يفهم ذلك اي مواطن مهما كان بسيطا ،اذ يستحيل تصور وجود نقص في الطاقة الكهربائية في العراق الا اذا اتخذ ذلك كجزء من اذلال الشعب العراقي ،ووضعه في دوامة مظلمة ،ويحق لنا ان نقيس الاموال التي استنزفت منذ سقوط الطاغية ولحد الان على الكهرباء لنجد انفسنا في نفق مظلم يؤدي الى فضاء بلا ضوء !!

يقال اذا دخل الكفر بلدة يقول له الفقر خذني معك ،ويمكن ان يكون العكس ،ولعل ابو ذر الغفاري رحمه الله اصدق اذ يقول عجبت لمن بات خميصا (او جائعا ) ان لايخرج من داره مصلتا سيفه ،وتلك الحقيقة لم تلتفت اليها حكومتنا الوطنية وبرلماننا ومجلس رئاستنا كما يبدو لان الجميع منشغل بالارهاب وبما تثيره بعض الكتل السياسية من زوابع لا خاسر فيها سوى الشعب العراقي الذي مازال يتذكر ملحمة الانتخابات وما افرزته صناديق الاقتراع التي حلم بانها ستورثه العراق وخيراته وسعادة لاحدود لها وحكومة تعدم المستحيل من اجله ..

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك