( بقلم : * ستار عواد)
أن لمتغيرات السياسة الامريكية وتعدد مراكز القرار في الولايات المتحدة الأمريكية دورا واضحا في تغيير سياستها حيال العراق والمنطقة بصورة عامة وكذلك في رسم سياستها حسب ما تقتضي الحاجة من التحالفات مع دول تعدها امريكا دول استراتيجية تخدم امريكا ومشروعها في الشرق الاوسط سيما والاطراف الامريكية تشهد صراعا يصل احيانا الى خلخلة الوضع الامريكي. وقد تنعكس وتتجلى بشكل واضح في العراق وخصوصاً بعد ان اضطرب القرار الامريكي قبيل مرحلة الانتخابات التي شهدتها امريكا والتنافس بين الحزبيين الجمهوري بزعامة بوش والديمقراطي بزعامة جون كيري هذا فضلا عن الصراع الدائر بين البنتاغون والمخابرات المركزية الأمريكية وهذا ما شاهدناه واضحا قبل الاطاحة بنظام صدام حيث فشلت المخابرات الأمريكية في الإطاحة به عبر عمل استخباراتي حتى عاد الأمر لوزارة الدفاع وتمت عملية الاسقاط وجاء النصر للبنتاغون ليتباهى به على المنافس ( جهاز الاستخبارات المركزي) اذ مازال هذا الصراع قائما وما زالت مراكز القرار في الولايات المتحدة متعددة حسب المتبنيات كل هذه الصراعات والنتافس ينعكس في الدول التي تسيطر عليها امريكا وحلفاؤها فما نلمسه اليوم ونسمعه عبر المحطات الإعلامية من حديث عن تغيير في السياسة الأمريكية نتيجة لسيطرة الديمقراطيين تارة واستنادا الى تقرير بيكر- هاملتون تارة اخرى ما هو الا دليل على احتمالية كبيرة في تغير سياسة امريكا بعد ان ازداد الوضع في العراق سوءاً وبعد أن قبل الرئيس بوش استقالة دونالد رامسفيد وتغيرات كثيرة ربما ستشهدها الولايات المتحدة الامركية قريبا ما اشار اليه الرئيس بوش في احدى خطاباته الاسبوعية من امكانية للتغير ويقصد هنا موقفه من الحكومة الحالية برئاسة نوري المالكي اذ بدا الامر خطيرا وانعكس على الملف الأمني بصورة واضحة وفقدان التنسيق بين القوات المتعددة الجنسيات والاجهزة الامنية العراقية وحدوث اضطرابات أمنية في مناطق كثيرة كانت تتمتع بالأمن مع ازدياد وثيرة الحرب الطائفية وعمليات التهجير على مرأى ومسمع القوات متعددة الجنسية وكذلك وجود انباء عن وجود انقلاب عسكري على حكومة الائتلاف واستبدالها بحكومة انقاذ وطني وهذا ما يطمح به عدد من البرلمانيين والقوى السياسية التي تتخذ من عمان ودمشق مقرا لها.
كل هذه المؤشرات أنبئت الحكومة والسياسيين بوجود تغيير كبير في السياسة الامريكية اللاعب الاساس في متغيرات الوضع في العراق خصوصاً بعد ان عجزت حكومة المالكي في تحقيق نجاحات امنية واقتصادية وايضا التردي الواضح في الخدمات وازدياد نسبة البطالة في عموم البلاد. حيث ادرك المالكي وجود عملية تغير كبير ربما يفقد الائتلاف العراقي الموحد مكانته التي جاءت به الى دكة السلطة عبر انتخابات ديمقراطية ويكون بعد ذلك معارضا للسياسة الامريكية التي تخبيء بين طياتها شيئا ما وتلوح بحكومة انقاذ وطني لذلك ذهب المالكي للقاء بوش ليبرهن له وعبر الادلة ان سبب الإخفاقات التي جعلت الأداء المتعثر للحكومة هو ضعف التنسيق بين القوات الامنية والقوات العراقية اذ أنتجت فوضى عارمة في البلاد وكذلك عدم اعطاء صلاحيات واسعة للحكومة في مواجهة الارهاب اذ لا يستطيع رئيس الوزراء وهو القائد العام للقوات المسلحة بتحريك فوج من الجيش حسب ما يتطلب الامر وهذا ما صرح به رئيس الجمهورية جلال طالباني قبل أيام كل هذه الملفات ذهب بها رئيس الوزراء ليعرضها على الرئيس بوش لتفادي الامر ولدعم الحكومة بعد ان ايقن المالكي بوجود عملية تغيير كبيرة عازمة على فعلها الادارة الامريكية.
جاءت زيارة المالكي في الوقت المناسب لاجهاض ما تنوي الادارة الامركية فعله بعد تقديم الضمانات التي تخيف امريكا والتي جعلتها ترفع يدها من حكومة المالكي وتجريده من الصلاحيات. وأعقبت زيارة المالكي زيارة رئيس كتلة الائتلاف العراق الموحد السيد عبد العزيز الحكيم وجاءت ايضا لتطمئن الولايات المتحدة من مخاوف ساهمت في ضعف العلاقة بين امريكا والحكومة الحالية وكذلك بددت كل محاولة تغيير سياسي في العراق اذ يمثل الحكيم احد اهم الرموز الدينية الشيعة ورئيس المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق إذ حمل الحكيم جملة من الملفات التي تخص الوضع في العراق واشراك الدول الاقليمية في امن واقتصاد العراق وكذلك منح حكومة المالكي المزيد عن الصلاحيات من اجل ان تقوم بدورها في القضاء الإرهاب
زيارة المالكي والحكيم اتت اكلها في وقت مبكر جداًَ وذلك من خلال تقرير بيكر – هاملتون – اذ كان هذا التقرير في بنوده ( 79 ) يحتم على الأمريكيين إن يعطوا الحكومة صلاحيات واسعة والانسحاب التدريجي بعد ان تستعد القوات العراقية للسيطرة على الملف الامني. فقد كان بيكر وفي مؤتمراته الصحفية التي عقدها قبل زيادة المالكي والحكيم وقبل اعطائه التقرير بصيغة النهائية كان يعد تقريرا متشائماً جداً اذا ما قورن بالتقرير النهائي وكذلك كان يتحدث عن عجز المالكي لمواجهة الحرب الطائفية اذ وصف المالكي بانه رجل ضعيف. كانت لجنة بيكر – هاملتون قبل زيارة المالكي والحكيم قد اعدت تقريرا ينسجم مع نية أمريكا بالتغير واستبدال حكومة المالكي بحكومة اخرى فكان لزيارة المالكي والحكيم دوراً في اجهاض عملية التغير الامركي والتقرير الذي اعده بيكر – هاملتون.
https://telegram.me/buratha