( بقلم : المحامي طالب الوحيلي )
في الاربعاء الماضي عرضت قناة العربية حلقة من برنامج ايام السيد عربي الذي تسرد به وقائع احداث العالم العربي الجياشة وتستقرئ فيه المستوى العجيب من الايديلوجيات التي غرقت بها الانظمة العربية وتداعيات ذلك على الحاضر والمستقبل لشعوب المنطقة التي مازال معظمها يستغرق بنوم عميق تحت انغام تراث تلعقه الجاهلية والتخلف الحضاري مما جعله يعيش امجاد لا مكان لها حتى في صفحات التأريخ العربي الذي شوهته كثيرا تلك الانظمة لكي يتماشى مع ثقافتها .
بكل جرأة تناول السيد عربي قضية غزو صدام للكويت واحراقه المنطقة برمتها بنار حرب كانت تلك الانظمة وشعوبها مجرد بيادق شطرنج تترنح بين اصابع اللاعبين الكبار ،ويقلب اوراق طويت من الذاكرة العربية وصور محيت بفضل نعمة النسيان ،حيث غفروا لصدام كل جرائمه بحق شعبه وبحق دول الجوار وبحق الامة العربية والقضية العربية وو بل واعلنوا مشاريعهم التأمرية على الشعب العراقي منذ سقوط ذلك المسخ واستحدثوا محارق الموت عبر دعمهم الامحدود الحرب الطائفية العنصرية ،اعلاميا وعسكريا ولوجستيا ،فتحوا خزائنهم واغدقوا الاموال لكي يقتتل العراقيون فيما بينهم ولكي لايتحرر العراق من ربقة العبودية والانظمة الدكتاتورية والاحزاب الشمولية وتتحقق فية الديمقراطية التي تعلم ابسط مواطن في وادي الرافدين ابجديتها منذ كان الجمل سيد الصحراء ومنذ كانوا يرون في اول سيارة دخلت الخليج بانها طنطل او جني .
السيد عربي تجرأ كثيرا حين كشف عن دكتاتورية بطل بوابتهم الشرقية حين اتخذ من ليل 2/8/1990 ستارا لكي يجتاح دولة بكاملها ليحولها في ضحاه الى المحافظة التاسعة عشرة ويمحو دولة عضو في الجامعة العربية من الخارطة الدولية ويوجه قواته اتجاه الحرمين الشريفين ، ذكر الاعراب بان صداما لا عهد له ولا صدق ولا ثقة به وقد اعتبروه عدوهم الاوحد وراحوا يبحثون عن تحالفات مع كل القوى الدولية حتى اسرائيل لكي تعيد لهم ماء وجوههم التي اراقها ،فعقدوا قمتهم الشهيرة وارادوا الاجماع في زمن اشتهروا به انهم اتفقوا على ان لا يتفقون ،وطبل احدهم وزمر دفاعا عن صدام وسعيا لحل عربي!!
وفتحت السويس بوجه البوارج وحاملات الطائرات الامريكية وتحولت ارض الحرمين الى معسكرات وقواعد لقوات التحالف وانقلب الخليج الى ثكنة عسكرية في وقت يأس فيه الجندي العراقي من لقمة رغيف في غبرة الصحراء القاحلة المتحركة الرمال وهو يرنو الى بنادق فرق مكافحة المتسربين وهي تمشط الظهور والصدور لمن يترك الساتر الامامي المتاخم لنيران الاسلحة الذكية جدا القادمة من مصانع ومختبرات الامبريالية العالمية وقد توحدت مع الرجعية العربية ومع الهمجية الصدامية ليتحول جيش الرعاق العرم الى مجرد اوصال مقطعة وقطعا مهشمة واقدام حافية واجساد مذعنة تعلن استسلامها ،وقادة مهزومين يوقعون شروط الاستسلام في خيمة صفوان..
السيد عربي تحدث كثيرا عن الخيبة العربية وكيف كان الثمن حيث اصبحت اسرائيل قطرا شقيقا يمكن ان تتم تسوية مشاكلها مع البعض ،ويشهد على اشتراك العديد من الدول العربية في عرس تحرير الكويت اوفي عاصفة الصحراء ،وكيف خطط لاختراق الوسط العراقي بقصد قطع طريق العودة على الجيش العراقي ،لكنه نسي الانتفاضة المباركة للشعب العراقي وتحرر ارادتها من اجل انزال القصاص العادل بالنظام المهزوم وردم عاره ونسي ان واجب العروبة قد توقف عند مضارب الكويت وترك الشعب العراقي الاسير وهو يخوض ثورته ضد اعتى طاغية عرفته الامة العربية في تأريخها المعاصر ،وكيف راح الجميع ينظر بقلق الى مصير النظام البعثي وتداعيه امام تحرر اربعة عشر محافظة من طغيانه وسلطته.
رأوا فيه ابنا عاقا نال الصفعات المناسبة وهو يرجو عفوهم وعطفهم ،فكيف بثورة شعبية تكمن فيها عناصر نظام يمكن ان يزلزل عروشهم ،لذا فانهم قد اغمضوا عيونهم عن مجازره بحق الانتفاضة وانكروا المقابر الجماعية ،واستحلبوا خيرات العراق بين ثروات مسلوبة وديون اثقلت كاهل المواطن المبتلى ،وتعويضات مازال اقربهم ينتزعها في الوقت الذي عاش العراق مجاعات حقيقية وفقرا تجاوز كل الخطوط..
السيد عربي لم يذكر هذا قطعا ،ولكنه مشكور على اي حال ما دام قد ذكر لارباب القمم بان القاعدة التي دعموها يوما ما لتخليص افغانستان من الحكم الشيوعي صارت وبالا على مصر والجزائر وهي اليوم تشكل خطرا حقيقيا على انظمتهم بعد ان نفخوا بها واستدرجتها امريكا لتحكم ساحات الارهاب في العراق وهي تستفحل يوما بعد يوم ماداموا يتبنون خطاباتها ويحتضنون قادة الارهاب ويعلنون دعمهم له بحجة الدفاع عن السنة العرب من التهميش ومن الروافض ،وذلك واقع الحال في قمة دول التعاون الخليجي ..جزى الله قناة العربية اذ ذكرت بماضي صدام فماذا يرجون بعد ذلك ؟!
https://telegram.me/buratha