زهراء الحسيني
القضية التي لا غبار عليها هي ان النظام البرلماني يتساوى فيه النواب من حيث صلاحياتهم وتصويتاتهم تحت قبة البرلمان وليس مهماً عدد الاصوات التي حصل عليها النواب الفائزون ولا اعتبار لها الا بالقدر المعنوي او النفسي.فالنائب الذي فاق السقف المقرر من الاصوات اضعافاً لا يختلف عن النائب الذي حصل على اصوات اقل مكنته من الفوز او حتى الفائزين بالمقاعد التعويضية هم بنفس مستوى الحائزين على اعلى اصوات الناخبين.ومن هنا فقد يقع السياسيون كما يقع الناس البسطاء في مغالطة صارخة وخلط واضح بين النظام الرئاسي والبرلماني بل يعمد بعض السياسيين بالانسياق وراء تصورات الشارع الخاطئة دون ان يصححوها او يهذبوها فيطرحون مفاهيم مهزوزة ومربكة تسهم في تسطيح الوعي او الافراط في البساطة بقولهم ان فلاناً احق بالمنصب السياسي الفلاني لانه الاكثر اصواتاً في حين ان بعض المناصب بل كل المناصب ما عدا رئاسة البرلمان قد يختار لها مرشحون من خارج البرلمان فليس شرطاً ان يكون المرشح للرئاستين الجمهورية ومجلس الوزراء من اعضاء مجلس النواب حصراً وان كان يرجح احياناً ان يكون المرشح من الفائزين ولكن ليس عدد الاصوات معياراً للمرشح بينما في النظام الرئاسي فتعتمد الاصوات بالغالبية البسيطة من عدد اصوات الناخبين.فالمواطن البسيط الذي يبلور افكاره وتصوراته ويبني قناعاته من اسس مربكة ومقدمات خاطئة ومعلومات منقوصة وينادي باعلى صوته بضرورة ان يكون الاكثر اصواتاً هو الاولى بالترشيح لبعض المناصب العليا في البلاد قد يكون معذوراً في بساطته وسذاجته بينما لا نتسامح مع السياسيين الذين يرددون نفس هذه التصورات المهزوزة في احاديثهم للفضائيات فيتمادون في التفريط بالبساطة والمبالغة في التسطيح وهذا ما لا يليق بهذه النخب التي استعارت من الشارع انفعالاته وبساطته.استمع الى نواب بارزين بكل اسف وهم يطلقون تصريحاتهم التي تفوح منها رائحة البساطة والسذاجة ويطرحون مفاهيم حول اولوية المرشح لبعض المناسب السيادية وتحميل ظاهرة عدد الاصوات الكثيرة وسحب فكرة النظام الرئاسي على النظام البرلماني ويثير في سياق الخوض في اولويات وصلاحيات المرشحين للمناصب السيادية العليا في البلاد متركزاً على عدد الاصوات التي حصلوا عليها بينما البرلمان هو المعني بالتصويت على المرشح دون النظر الى ما حصل عليها من اصوات وقد لا يكون هذا المرشح في البرلمان اساساً. ان السياسي البارع هو الذي يهذب ويشذب وعي الشارع غير المنضبط احياناً ويوجه مسارات الوعي بالاتجاه الصحيح ويقود الشارع ولا ينقاد وراء انفعالاته وارهاصاته ولا يستعير من الشارع التصورات الخاطئة لكي يوحي للاخرين بانه منسجم مع حركة الجماهير.واما اذا حاول السياسي الانسياق وراء ايحاءات الشارع الخاطئة وتقليد وترديد خطابات الشارع دون تمحيص فانما يسهم في تكريس المغالطات والجهل والتأسيس لواقع خطير من التسطيح والبساطة.لابد للسياسيين السعي لايجاد وعي ايجابي في الواقع وتصحيح الافكار المشوشة في وعي الجماهير وتبديد المغالطات والافكار المهزوزة فان مسؤولية السياسي والمثقف والاعلامي تختلف عن مسؤولية بقية طبقات المجتمع وعليهم تقع مسؤولية التصحيح والاصلاح في المجتمع العراقي والفرز الايجابي بين طبيعة النظامين البرلماني والرئاسي وما يترتب عليهما من ترشيحات قد تكون مختلفة بالتوجهات والاتجاهات.
https://telegram.me/buratha
