المقالات

التحاور لا يعني التآمر


اكرم الثوري

يبدو ان المصطلحات والمفاهيم في خضم السلطة والمصالح افرغت من محتواها الهادف ووجهت معانيها الى متبادرات خارجة عن سياقاتها الصحيحة.اللفظ والمعني يرتبطان ذاتياً ويدل اللفظ على معناه بالتلازم او بالقرن الاكيد كما يفسر السيد الشهيد محمد باقر الصدر علاقة اللفظ بالمعنى في كتابه الحلقات في اصول الفقه.واللفظ يتبادر الى معناه وينصرف اليه بحسب ما وضع اليه اما بكثرة الاستعمال وهو الوضع التعيني او بوضعه العام وهو الوضع التعييني.ولا يختلف اللفظ عن معناه الى مجازاً وبحسب المراد الجدي للمتكلم كما يريد ان يقول هذا بحر يخطب بين الناس او اسد يقود الجند ويعني بقرينة يخطب ويقود انه الانسان وهذا ما يصطلح عليه المعنى المجازي واما دون قرينة فيتبادر الى معناه الحقيقي.ويبدو ان المشكلة الحقيقية ليست في قصور اللفظ على الوصول الى المعنى او انصرافه اليه بل في فهم الناس ومحاولة توجيه اللفظ الى معاني خارجة عن متبادراتها الحقيقية وهذا ناشىء اساساً عن خلل بالتفكير او نقص في المقدمات او ارباك في المتبادرات.واحياناً لقصد سلطوي او عقائدي يحاول البعض توجيه اللفظ الى معنى اخر تمادياً في افراغه عن محتواه الهادف لغرض خاص كما حاول الامويون افراغ معاني العبادة ومفاهيم الاخلاق عن محتوياتها الهادفة وصرفها عن معانيها الحقيقية فقد فسروا معاني الصبر بمعنى الخنوع والخضوع للحاكم والصبر على ممارساتها المنحرفة او مفهوم القدر بالمعنى الخاطىء وهو تسليط الجائرين على الناس بقدر الهي لا يمكن دفعه والايحاء بان الله هو الذي فرض الظالمين على الناس اختباراً لصبرهم وتسليمهم.والقدرية السياسية المعاصرة هي التي يكرسها الحكام الجائرون خارجاً عن النظم الديمقراطية والتسلط على الناس بالقوة والقهر وان الله هو الذي فرضهم ولو شاء ازاحتهم لفعل!القدرية السياسية المعاصرة - ان صح التعبير - هي من ايحاءات نظرية المؤامرة وتشويه المفاهيم والحقائق واخضاع الواقع السياسي لمغالطات المؤامرة وشعور الناس البسطاء بان الامور تسير خارجاً عن ارادتهم ورغبتهم وان الحكام يسيرون باتجاه الاخطاء بلا خيار ولا قرار بل يتحركون بايحاءات الدول الكبرى وهو افراط في التبسيط ومبالغة في السذاجة كمن كان يحلل بان صدام لم يغز الكويت لولا الاشارات الامريكية او ما لمحت به السفيرة الامريكية في بغداد في لقائها مع صدام المقبور واشعاره بان ازمة الكويت والعراقي هي شأن عربي لا دخل للولايات المتحدة الامريكية به وهو ما فسر المحللون والمراقبون المشحونون بنظرية المؤامرة بانه ضوء اخطر لغزو الكويت ويبالغون اكثر بان واشنطن ارادت التخلص من السلاح العراقي بعد نهاية الحرب العراقية الايرانية 1980-1988 وامرت صدام بابتلاع الكويت من اجل توجيه ضربة له وتدمير اسلحته وفرض القرارات الدولية عليه.بهذه البساطة يكون صدام قد تآمر على نفسه واعان واشنطن على تدمير اسلحته في مغالطة غريبة تسهم في تسطيح الوعي وتبسيطه.كذلك ما اشيع في تحليلات المعبئين بنظرية المؤامرة بان تفجيرات الحادي عشر من ايلول في اميركا كان بفعل اللوبي اليهودي من اجل استدراج وتحريض واشنطن لضرب طالبان في افغانستان ونحلل الواقع الخطير بعقلية شرقية متخمة بالمؤامرة بينما الكيان الصهيوني لم يكن بهذا القدر من الغباء حتى يغامر بقضية كبرى من اجل ضرب دور مهدمة اساساً في كابول وقاندهار وهي قضية لو انكشفت خيوطها على فرض صحة هذا التحليل لانهارت العلاقات الاسرائيلية الامريكية وهو ثمن لا يقابله اسقاط نظام طالبان او استهداف قرى وكهوف في افغانستان!ومن هنا فان الحوار بين الاطراف السياسية لا يعني بالضرورة التآمر على الحلفاء والاصدقاء وان باب الحوار مفتوح ولن يغلق امام الجميع فلماذا كل هذه الحساسية المفرطة من الحوارات التي يجريها الائتلاف الوطني العراقي مع العراقية وغيرها ولماذا حوار الاخرين مقبول وغيرهم ممنوع.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك