ابراهيم احمد الغانمي
رغم ان البعض اخذ يتحدث بنبرة تفاؤل، ويرصد مؤشرات لانفراجات في الوضع السياسي العراقي المتأزم، الا انه من الناحية الواقعية لم تحصل اي متغيرات في المواقف والتوجهات يمكن على ضوئها اعادة النظر في صورة المشهد العام.وتميزت فترة الاشهر الخمسة او الستة الماضية بعدة ميزات، نشير على وجه الاجمال والايجاز الى بعض منها وليس جميعها...1-عدم حصول اي متغيرات او تحولات سياسية تؤدي الى حل المشكلة الاساسية وهي "اختيار رئيس الحكومة الجديدة"، بحيث انه بعد مرور وقت طويل على اجراء الانتخابات لم يحدث اي شيء واقعي وملموس.2-انعدام الثقة بين القوى والزعامات السياسية الى اقصى الحدود، حتى ان مصالح ومشاكل وهموم الناس غابت وضاعت في خضم النقاشات والسجالات والحوارات العقيمة وغير المجدية بين الشركاء او الفرقاء.3-لم نلمس مفاوضات وحوارات جادة وهادئة، بل ان مايحصل هو اقرب مايكون الى المهاترات الكلامية التي وفرت لوسائل الاعلام، لاسيما تلك التي تبحث عن الاثارة الرخيصة، مادة دسمة ومفيدة.4-بروز العامل الخارجي في المشهد السياسي العام في البلاد، كعامل معرقل ومعوق وليس عاملا داعما ومساعدا ومساندا.5-اصرار بعض السياسيين على مطاليبهم وشروطهم وعدم ابدائهم اي استعداد للتنازل من اجل المصلحة الوطنية.6-الانتهاك والخرق المتكرر للدستور ، حتى بات الحديث عن هذا الامر لاقيمة ولاجدوى منه، ولم يعد هناك خطا احمر فيما يتعلق بهذا الامر.7-شخصنة القضايا، حتى صار ينظر الى كل من ينتقد حالة او سلوك معين بأنه يبحث عن مكاسب وامتيازات سياسية، ويسعى الى تحقيق الغلبة على الاخر.ومن الطبيعي والمتوقع ان لاتتحقق انفراجات ولايتم الوصول الى حلول، وتزداد الهوة بين اصحاب الشأن والقرار والماسكين بزمام الامور، ومن الطبيعي والمتوقع ان تزداد معاناة المواطنين في مختلف مجالات وجوانب الحياة، وتتأزم الاوضاع الامنية، وتجد الجماعات الارهابية ارضا خصبة ومناخا ملائما لاستعادة نفوذها وهيمنتها وحضورها في الشارع العراقي.والمظاهر السائدة في الشارع العراقي حاليا تؤكد ذلك، فمن ازمات الكهرباء والماء وووو الى التفجيرات بالسيارات المفخخة والاحزمة الناسفة، والاغتيالات بكواتم الصوت الى عمليات السطو على المصارف والمحلات، الى غياب البرلمان الجديد عن اداء اي دور له وفق واجباته ومهامه المنصوص عليها في الدستور الذي بات في خبركان.يتمنى بعض السياسيين والناس ان تنفرج الامور قبل حلول عيد الفطر المبارك بعد حوالي اسبوعين، وكل العراقيين الشرفاء يتمنون ذلك، ولكن قديما قيل ان التمني رأس مال المفلسين، فالتمني لوحده لايأتي بنتيجة ، اذ لابد من توفر مقوماته وظروفه وعوامله الحقيقية والواقعية، والى هذه اللحظة لايمكن لاحد القول ان الظروف باتت مواتية للانفراج ولايجاد التفاؤل.لم تلح في الافق بوادر تنازلات ضرورية ومهمة ولابد منها للخروج من المأزق، ولم تتقلص الهوة بين الفرقاء او الشركاء السياسيين، ولم ينخفض سقف المطاليب والشروط، ولم تتصدر هموم المواطن ومعاناته اليومية الخانقة اولويات معظم القوى والكيانات والشخصيات السياسية...التفاؤل لايأتي من فراغ، ولايتأسس في الفضاء ، وانما لابد ان ينطلق من الواقع المعاش والملموس.
https://telegram.me/buratha
