دراسات

الفهم غير التخصصي للدين/1


علي المؤمن ||

 

   فهم مصادر الدين وما ينتج عنها من عقيدة وأحكام، لايتم وفق المزاج والميول والرغبات ونمط الحياة، بل من خلال التخصص في معرفة مراد النص ودلالته، وفق قواعد منهجية علمية، تسمى العلوم الإسلامية.

   مصدر الإسلام الأساس ومنزِّله هو الله (تعالى)، وفهم الإسلام محصور بقصد الله فقط، وهو المعيار حصراً، ولا مدخلية لقصد الإنسان وأهدافه وتمنياته وميوله  استحساناته في ذلك. وينتج عن هذه الحقيقة أن معرفة قصد الله وقراءة شريعته، تحتاجان الى تخصص عميق في فهم قصد الشارع و نصه المقدس والصحيح من سنة نبيه وأهل بيته.

    وتزداد أهمية التخصص كلما تراكمت المعرفة الدينية وازدادت الحاجة الى علوم وأدوات جديدة في الفهم الديني، وهو ما يتناسب طردياً مع الابتعاد عن عصر النص. وكما لايجوز الاستهانة بأي تخصص علمي إنساني، فلا يجوز الاستهانة بعلوم فهم الدين، فيأتي أي شخص؛ أيا كان عمله وتخصصه المعرفي ومستواه التعليمي، ويفسر القرآن والحديث، ويلغي وينفي ويثبت وينسخ مايعجبه من الآيات والأحاديث، ثم يغير الأحكام، ويجتهد، ويقدم نظريات وطروحات، دون أن يكون متخصصاً.

     صحيح أن هناك قراءات وتفسيرات واجتهادات وأفهام بشرية، وهو حق كفله الله للانسان، ليجتهد ويؤول ويفسر؛ لكنها قراءات المتخصصين حصراً، لأن قراءة الدين (نصوصه وأدوات قراءاتها) عمل تخصصي عميق، ولا يمكن أن يخرج عن المنهج الديني ومقصد الدين وفلسفته الإلهية.

     والاختلاف في الاجتهادات والقراءات بين المتخصصين لايعد مثلبة في الدين أو المتدينين، بل هو أمر طبيعي، خاصة مع عدم وجود النص في الواقعة و الموضوع، وهو كأي إختلاف بين المتخصصين في العلوم والمعارف الأخرى. فضلاً عن أن اختلاف القراءات بين المتخصصين لا يصل الى كليات العقيدة والشريعة وأحكامها العامة، بل في الموضوعات التفصيلية. وهذه القراءة تعبر عن بذل الفقيه أو المتكلم جهده ووسعه للتوصل الى قصد الشارع أو ما يعرف بالحكم الظاهري. ولا يعني ذلك القطع أو الجزم بالتوصل إليه، لا سيما مع عدم وجود نص، لكنه في الحد الأدنى يمثل مقاربة تخصصية عميقة، وليست عشوائية أو ارتجالية أو مزاجية. أما القطع أو الحكم الحقيقي فلا يتوافران إلّا للمعصوم.

    و حيال هذا الجهد العميق الذي يبذله المتخصص، يهدف الى براءة الذمة الشرعية، يمكن تفسير المأثور: (( إن الفقيه إذا أخطأ كان له حسنة، وإذا أصاب فله عشر))، أي أن الخطأ والصواب مقيدان بالفقاهة والإجتهاد، أي القدرة على استنباط حكم الشرع من مصادره وعبر أدواته التخصصية، وليس الباب الفتيا أو البت في المسائل العقدية والفقهية مفتوحاً دون ضوابط، وهو ما أكد عليه المأثور: ((من أفتى الناس بغير علم ولا هدى من الله لعنته ملائكة الرحمة وملائكة العذاب ولحقه وزر من عمل بفتياه)).

    و لذلك؛ لاخيار إلّا بالأخذ بالقطع النسبي الذي ينتجه المتخصص ( عالم الكلام والفقيه). وهذا اللون من القطع يتوافر عند المتخصص حصراً، لأنه بذل الوسع والجهد عبر استخدام أدوات التخصص المنتزعة من جنس الموضوع، للتوصل الى قصد الشارع والحكم الحقيقي، سواء في الموضوعات العقدية أو الفقهية، فكان فهمه مبرءاً لذمته وذمة الملكف الذي يرجع إليه.

 

ـــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
سامي : السلام عليكم وعلى العراق السلام في عام 1987عندما تعرضد عملات جنوب شرق آسيا إلى هجمه شرسه قام ...
الموضوع :
السياسات الأمريكية اللئيمة
سلمان راشد كاظم : منطقة الطالبية حي البيضاء محلة323 زقاق 64 نعاني منذ اكثر من خمسة اشهر بقيام صيانة حي البنوك ...
الموضوع :
قسم الشكاوى في كهرباء الرصافة يدعو المواطنين للاسهام في القضاء على الفساد الاداري
ابراهيم الاعرجي : ولماذا اساسا نربط مصيرنا بايران وامريكا .. لماذا تم انشاء محطات وقود غازية .. وكان بالامكان انشاء ...
الموضوع :
أمريكا تعرقل ارسال ديون إيران.. وصيف لاهب ينتظر العراق
احمد : كتاب جيد بارك الله في المؤلف ...
الموضوع :
حين يظمأ الماء كتاب يحمل قصائد الى الامام الحسين عليه السلام
ابن النجف الاشرف : نداء استغاثة الى السيد رئيس الوزراء محمد السوداني نرجو زيارة مدينة النجف الاشرف والاطلاع على المعتقلين مؤخرا ...
الموضوع :
السوداني يترأس اجتماعاً خاصاً بتطوير مطار بغداد الدولي
ابو رغيف : لم أجد في أي مكان ان السيد محمد شياع السوداني يحمل أي جنسية أخرى سوى ألعراقية لهذا ...
الموضوع :
السوداني والعامري يبحثان مسارات عمل الأجهزة التنفيذية وفق البرنامج الحكومي
حسن مجتبى بزّي : السلام عليكم ورحمة الله.. تحية لجناب الدكتور العزيز.. أرجو من جنابكم تأكيد المعلومة التي ذكرتموها حول وكالة ...
الموضوع :
وطنية السيد موسى الصدر
باسم السلمي : نعم ... رحم الله الشهيد السعيد المهندس الذي ضرب أروع الأمثال في البطولة والتضحية والفداء فكان ليثا ...
الموضوع :
تيار الشهيد أبو مهدي المهندس..!
ابو حسنين : وضع العرب مزري من حيث وجدوا في الارض في الجاهليه كانوا قبائل متناحره ومتشرذمه وحضارتهم السلب والنهب ...
الموضوع :
لماذا أوضاع العرب مزرية؟!
ر. ح. ن : مع شديد الاسف من يمثل المكون الشيعي من قادة وسياسيين لم يرتقوا الى مستوى يؤهلهم ليكونوا خداما ...
الموضوع :
الاطار اطارنا 
فيسبوك