عبود مزهر الكرخي ||
اشتهرت الحرب في مصر والعالم العربي باسم «العدوان الثلاثي» لأنها كانت نتيجة مؤامرة ثلاثية بين دول بريطانيا وفرنسا وإسرائيل، ويطلق عليها أيضاً «حرب 1956» أو اختصاراً «حرب 56» نظراً لأن وقائع العمليات العسكرية حدثت في عام(1956). بينما أطلق عليها الغرب اسم «أزمة السويس» أو «حرب السويس» نظراً لأن السبب المعلن للعدوان العسكري كان تأمين الممر الملاحي لقناة السويس (1). أُطلق على العملية العسكرية الإسرائيلية في سيناء اسم «حرب سيناء»، أو «حملة سيناء» نظراً لأن دور الهجوم الإسرائيلي المخطط له كان موقعه شبه جزيرة سيناء، وأطلق الجيش الإسرائيلي أيضاً على خطته اسم «العملية قادش» لما يعتقد به بعض الباحثين اليهود بأن مدينة «قادش بارنيا» (بالعبرية קדש ברנע) المذكورة في التوراة تقع في منطقة شمال سيناء، وهي آخر موقع على الحدود المصرية خرج منه اليهود مع موسى إلى الشتات، فكان الاسم رمزاً لبداية العودة إلى النقطة الأخيرة في هذا الشتات (2)،(3) .
يوم(29)أكتوبر/تشرين الأول(1956)قامت القوات الإسرائيلية بغزو منطقتي شرق قناة السويس وصحراء سيناء ثم قطاع غزة، مانحة القوات البريطانية والفرنسية ذريعة للانضمام إلى الحرب يوم(31)أكتوبر/تشرين الأول(1956)فيما عُرف بالعدوان الثلاثي على مصر الذي نجح في تدمير سلاح الجو المصري.
العدوان جاء تنفيذا لخطط سياسية وعسكرية وضعت يوم(22)أكتوبر/تشرين الأول(1956) خلال اجتماع سري عقد في بلدة سيفر بفرنسا بين ممثلين عن بريطانيا وفرنسا وإسرائيل، وبحث سبل الإطاحة بحكم الرئيس المصري جمال عبد الناصر بعد قيامه بتأميم قناة السويس.
أهداف العدوان الثلاثي على مصر
كان لكل طرف من هذه الأطراف الثلاثة (فرنسا وبريطانيا وإسرائيل) هدف خاص به يسعى إلى تحقيقه، فقد وجدت إسرائيل في تسليح الجيش المصري سببا يخل بتوازن القوى القائم آنذاك، كما أن توجيه ضربة قوية إلى مصر سيؤدي إلى وضع حد لعمليات الفدائيين الفلسطينيين المنطلقة من قطاع غزة ، (ويبدو أن التأريخ يعيد نفسه من ناحية ما جرى من عمليات بطولية في عملية طوفان الأقصى)
قبلها واصل الفلسطينيون الفدائيون مقاومتهم، وأشرفت الحكومة المصرية في سنة(1955) على تدريب الفدائيين العاملين انطلاقا من قطاع غزة وشرق سيناء، وهو ما أزعج تل أبيب بشدة وسعت إلى وضع حد له.
الرغبة في معاقبة الفدائيين دفعت إسرائيل إلى البدء بالتخطيط لهجوم على مصر، فإذعان مصر التي تشكل النقطة الأساس في الصراع سيؤدي إلى استسلام إقليمي أوسع، ووجدت حليفا في فرنسا التي سعت بقوة إلى توطيد علاقتها مع إسرائيل والانتقام من مصر التي دعمت ثورة التحرير الجزائرية عام(1954).
كما وجدت إسرائيل حليفا في بريطانيا الراغبة في استعادة مركزها السابق في مصر قبل ثورة (23)يوليو/تموز(1952)إثر اهتزاز هيمنتها طويلة الأمد على مصر مع تسلم جمال عبد الناصر السلطة عام(1952)وتأميمه شركة قناة السويس في يوليو/تموز(1956).
واصل الإسرائيليون عملياتهم متوقعين هجوما مصريا مضادا، وبدلا من ذلك كان جيش عبد الناصر ينسحب، ويومي الخامس والسادس من نوفمبر/تشرين الثاني(1956)قامت القوات البريطانية والفرنسية بعمليتي إنزال في بورسعيد وبور فؤاد، وبدأت باحتلال منطقة القناة.
وفي صباح يوم السادس من نوفمبر/تشرين الثاني(1956)وجه الاتحاد السوفياتي إنذارا شديد اللهجة إلى كل من بريطانيا وفرنسا، كما وجه إنذارا آخر إلى إسرائيل بعد ذلك بأيام.
وخوفا من مضاعفات الإنذار السوفياتي أرسل الرئيس الأميركي دوايت أيزنهاور إنذارا لكل من إسرائيل وفرنسا وبريطانيا يدعوها للانسحاب، فأرغمت الدول المعتدية على قبول القرار الدولي والانسحاب.
في منتصف ليل السادس من نوفمبر/تشرين الثاني(1956)تمت الدعوة لوقف إطلاق النار بناء على إصرار الأمين العام للأمم المتحدة داغ همرشولد، وصدر قرار مجلس الأمن رقم(1001) القاضي بوقف إطلاق النار.
كانت القوات الأنجلو- فرنسية قد وصلت إلى جنوب بورسعيد، لكنها لم تكن تسيطر بعد على القناة بأكملها عندما تم إيقافها.
وفي(22)ديسمبر/كانون الأول(1956)قامت الأمم المتحدة بإجلاء القوات البريطانية والفرنسية ، وانسحبت القوات الإسرائيلية في مارس/آذار(1957).
أثناء العدوان الثلاثي على مصر لحقت أضرار كبيرة بمحافظة بورسعيد الواقعة على بوابة قناة السويس (غيتي)
الخسائر البشرية جراء العدوان الثلاثي
ليست هنالك إحصائيات موثقة عن الخسائر في الأرواح لدى الجانب المصري أو القوات الغازية، لكن مصادر صحفية أشارت إلى أن خسائر الجيش البريطاني بلغت(22)قتيلا و(97) جريحا، وفي الجانب الفرنسي تحدثت المصادر عن(10)قتلى و(33)جريحا، ومن الإسرائيليين (172)قتيلا و(817) جريحا.
وقد أسفر العدوان عن مقتل أكثر من ألف من المدنيين المصريين، فيما قتل أكثر من(1650) عسكريا وأسر(5500)(4).
معركة السموع
في صبيحة يوم(13)تشرين الثاني / نوفمبر(1966)حشد اللواء المدرع الإسرائيلي السابع قواته على الحدود الأردنية دخلت منه قوة بقيادة العقيد يواف شاهام من(400)مقاتل محمولين في عربات نصف مجنزرة و(20)دبابة وانقسمت إلى قوتين. اتجهت القوة الأساسية إلى قرية السموع والأخرى ذهبت باتجاه آخر بقصد التضليل. وتصدت لها كتيبة صلاح الدين الأيوبي التابعة للواء المشاة حطين من الجيش الأردني يقودها العقيد الركن بهجت المحيسن. تذرعت إسرائيل بوجود قواعد للمقاومة الفلسطينية في السموع. ودمرت أكثر من(150)منشأة مدنية منهم(120)منزلا بصورة تدمير شامل. اصطدمت بهم القوة الأردنية في قتال شرس. اضطرتهم في نهاية ذلك اليوم للانسحاب كما استطاعت حماية خروج الأهالي من القرية بأقل الخسائر الممكنة بالأرواح المدنية.
قتل العقيد الإسرائيلي، وجرح قائد اللواء الأردني أثناء احتدام القتال. اختلفت الآراء حول الأسباب الفعلية لهذه المعركة التي تعتبر الأكبر بعد العدوان الثلاثي على مصر، ولكن أجمع المحللون أنها كانت تمهيدا لحرب (1967).
والملاحظ المهمة أنه لم يعترف في حينه بأي خسائر رغم استقباله للفريق المحقق من الأمم المتحدة فقد رفض مفاوضوه السماح له بالتحقيق مع القوات المشاركة في المعركة (5).
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر :
1 ـ "تأميم قناة السويس ..انتصار الإرادة المصرية". الهيئة العامة للاستعلامات. 24–7–2016. مؤرشف من الأصل في 2018-02-06. اطلع عليه بتاريخ 5–2–2018.
2 ـ وليد عبد الرحمن (31–10–2017). "أعرق المجلات المصرية تبرز دور السعودية خلال العدوان الثلاثي". الشرق الأوسط. مؤرشف من الأصل في 2017-04-01. اطلع عليه بتاريخ 09–02–2018
3 ـ مأخوذة من موقع ويكبيديا الموسوعة الحرة.مقال ، باب نقاش بعنوان(العدوان الثلاثي) أخر تعديل بتاريخ 25 سبتمبر 2023.
ـــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha