دراسات

خطوات شبابية  تجاه الحضارة الإسلامية ح12ج3


طالب رحمة الساعدي ||

 

الخطوة الثانية عشر : الدوافع تجاه قيام حضارة في عهد الامام عجل الله فرجه.

الدافع الثالث : الفطرة والعدل والسلام العالمي  

يمكن دراسة كلّ قضية من خلال طريقين؛ «العقل » و «العاطفة والفطرة .»

والفطرة هي الإلهام والإدراك الباطني الذي لا يحتاج إلى الدليل، أي يقرّه الإنسان ويؤمن به دون قيام الدليل

والبرهان. وربّما تكون هذه الإلهامات الباطنية أعظم أصالة من أحكام العقل، حيث هذه إدراكات ذاتية، وتلك معلومات اكتسابية.

ويصطلح عادة على هذه الإلهامات لدى الحيوانات ب «الغريزة »؛ ولهذه الغرائز قاعدة عريضة في الحيوانات إلى جانب دورها المهمّ؛ بل يمكن القول إنّ المحور الأصليّ لحياة الحيوانات إنما

يستند إلى الغرائز.

وقد تكون انعكاسات هذه الغرائز على درجة من الدهشة؛ بحيث يشعر الإنسان إزاءها بالعجز رغم امتلاكه لكلّ هذه الوسائل الصناعية المتطورة والأدوات الإلكترونية المعقدة.

مثلاً كثيرة هي الحيوانات والحشرات التي تتحسس وضع الجو،  لعلّ ذلك أحيانًا ليوم واحد وأحيانًا أُخرى لستة أشهر، بل قرأت في صحيفة أنّ نوعًا من الجراد يتكهن بأوضاع الجو قبل سنة، حقًّا إنّه لمن المثير للدهشة أنّ إنسان عصر الفضا، ورغم كلّ ما يمتلكه من أجهزة دقيقة صنعت لأجل التكهن بالأحوال الجوية، ونصبه لكلّ المراصد في مختلف المناطق وإعداده للخرائط الجوية وما يرصد لها من ميزانية ضخمة لا يسعه التكهن بهذه الأوضاع لأ كثر من ست ساعات، وبالعبارات التالية المذبذبة:

• غائم جزئيّاً

• غائم تمامًا.

• مع احتمال زخات مطر.

• ولعلّه يكون مصحوبًا بمطر شديد.

• ويحتمل أن يكون صحوًا ومشمسًا!

أمّا تلك الحشرة العالمة بالأنواء الجوية فهي تتكهّن بالأوضاع قبل ستة أشهر ودون الاتصال بسائر الحشرات؛ أي تتنبأ بأوضاع الشتاء في فصل الصيف وتعدّ نفسها للتكيف مع تلك الأوضاع.

ولعلّ سبب قلة معلومات الإنسان الفطرية مقارنة بسائر الكائنات الحية إلى الحيز العظيم من القدرة العقلية المودعة لديه، والتي يمكنها معالجة نقصه في سائر المجالات.

لكن على كلّ حال، فإنّ الإنسان يستلهم من هذه الفطرة في تلبية حاجاته الضرورية وشؤونه المعاشية في حياته، ولهذا السراج دوره في إرشادنا إلى مسيرتنا القادمة.

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل لهذه الإلهامات الفطرية أن تساعدنا بشأن ما نحن بصدده، أي نهاية العالم بالحرب وسفك الدماء والظلم والجور أو قيام حكومة العدل والسلام والأمن أم لا؟

الجواب بالإيجاب عن هذا السؤال: فهنالك قرينتان مهمّتان يمكنهما إرشادنا إلى هذه الحقيقة:

1-   حبّ العدل والسلام

هنالك حبّ للعدل والسلام كامن في عمق روح كلّ إنسان؛ فالجميع يتلذذ بالعدل والسلام؛ والكلّ يسعى إلى عالم يسوده هذان الركنان؛ على الرغم من كلّ الخلافات السائدة بين الشعوب من حيث أُسلوب التفكير والسن والآداب والعادات والتقاليد والمدارس والمذاهب والنزعات والرغبات. فالجميع مغرم بالعدل والسلام دون استثناء، ولا أظنّ أنّ هناك دليل أعظم من  كون القضية فطرية؛ فالمُفرغ منه أنّ شمولية وعمومية المتطلبات دلالة على فطريتها.

فهل هذا عطش كاذب؟ أم إنّه حاجة حقيقية تهتدي إليها الفطرة بمعونة العقل، ليؤكد ضرورتها الملحة؟.

أفلا يدلّ عطشنا الدائم على وجود الماء في الطبيعة، ولو لم يكن للماء وجود خارجي، فهل من وجود في باطننا للعطش والرغبة فيه؟ إنّنا لنصرخ، ونتأوّه، وتتعالى أصواتنا في طلب العدل والسلام؛ وهذا دليل على تحقّق هذه الرغبة في خاتمة المطاف وتطبيقها في العالم.

ليس هنالك أصلٌ من مفهوم للفطرة الكاذبة؛ ذلك لأننا نعلم أنّ الخلق وعالم الطبيعة وحدة واحدة متصلة، وليست مركّبة من سلسلة موجودات منفصلة عن بعضها البعض.

الجميع بمنزلة شجرة عظيمة امتدت أغصانها العملاقة لأنحاء الوجود، وربّما كانت هنالك مسافة تقدّر بملايين السنين الضوئية بين غصنين من أغصانها، أو حتّى بين بذورها، إلاّ أنّ هذه المسافة ليست دلي على انفصالها وتفككها، بل تعدّ من لخصائص سعتها وعظمتها.

إنّ كلّ جزء في هذه الوحدة العظيمة دليلٌ على الكلّ، وكلّ فرع مرتبط بالآخر، وردود أفعالها مرتبطة مع بعضها؛ وكلّ واحدة قرينة على وجود الأُخرى، والجميع يسقى من جذرٍ واحد. وعلى هذا الأساس، فإنّ «كلّ عشق أصيل وفطري يحكي عن وجود معشوقٍ في الخارج وأنّه جذبة واندفاع نحوه »، و «العشق » الذي لا مكان لمعشوقه سوى في عالم الرؤيا هو «عشق مزيف »، وليس للزيف من مكان في عالم الطبيعة. والانحراف عن مسار الخلق فقط من شأنه استبدال الموجود المزيف بواقع أصيل.

على أيّة حال، فإنّ فطرة الإنسان تنادي بوضوح أنّ العدل والسلام سيعمّان العالم في نهاية المطاف وينهار الظلم والجور، فهذه حاجة إنسانية مطلقة.

2-   الانتظار المطلق للمنقذ

يبدو أنّ الجميع متفق على أنّ شعوب العالم كافّة تنتظر زعيمًا ثوريًا عظيمًا اصطلحت عليه باسم معين، إلاّ أنّهم يتفقون جميعًا على صفاته الكلية ومبادئ ثورته. وبناءً على ما تقدّم، فإنّ قضية الإيمان بظهور المنقذ والمصلح المطلق الذي يعالج أنين البشرية، ويضع حدًّا لمعاناتها، لا يقتصر على المسلمين أو بعض

المذاهب والمدارس الشرقية؛ بل تفيد «الوثائق والأدلّة » أنّ هذه الفكرة قديمة ومتأصّلة لدى جميع شعوب الشرق والغرب، وإن تأكّدت هذه القضية لدى بعض الأديان كالديانة الإسلامية. وهذا دليل آخر وشهادة حيّة على كون هذه المسألة فطرية.

ونشير هنا بصورة مقتضبة إلى نماذج هذا الاعتقاد لدى الأُمم والشعوب من أجل غايتين؛ الأُولى: الالتفات إلى عمومية هذه المسألة، والأُخرى: الالتفات إلى المبادئ المشتركة بشأن مشاريع ذلك المصلح الكبير لدى جميع تلك الأقوام.

 

ــــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك