دراسات

البكاء على الحسين لماذا؟ الجزء العاشر 


  د.مسعود ناجي إدريس ||   الآن نرى أن الحكومات والأمم تحاول الحفاظ على مقابر شخصياتها العظيمة وخلق هالة من التقديس من حولهم.  رُوِيَ عَنْ زَيْنِ الْعَابِدِينَ ( عليه السَّلام ) أَنَّهُ لَمَّا أُتِيَ بِرَأْسِ الْحُسَيْنِ إِلَى يَزِيدَ ، كَانَ يَتَّخِذُ مَجَالِسَ الشَّرَابِ ، وَ يَأْتِي بِرَأْسِ الْحُسَيْنِ وَ يَضَعُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَ يَشْرَبُ عَلَيْهِ .  فَحَضَرَ فِي مَجْلِسِهِ ذَاتَ يَوْمٍ رَسُولُ مَلِكِ الرُّومِ ، وَ كَانَ مِنْ أَشْرَافِ الرُّومِ وَ عُظَمَائِهِمْ .  فَقَالَ : يَا مَلِكَ الْعَرَبِ ، هَذَا رَأْسُ مَنْ ؟ فَقَالَ لَهُ يَزِيدُ : مَا لَكَ وَ لِهَذَا الرَّأْسِ ؟ فَقَالَ : إِنِّي إِذَا رَجَعْتُ إِلَى مَلِكِنَا يَسْأَلُنِي عَنْ كُلِّ شَيْ‏ءٍ رَأَيْتُهُ ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ أُخْبِرَهُ بِقِصَّةِ هَذَا الرَّأْسِ وَ صَاحِبِهِ حَتَّى يُشَارِكَكَ فِي الْفَرَحِ وَ السُّرُورِ .فَقَالَ لَهُ يَزِيدُ : هَذَا رَأْسُ‏ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ . فَقَالَ الرُّومِيُّ : وَ مَنْ أُمُّهُ ؟ فَقَالَ : فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ . فَقَالَ النَّصْرَانِيُّ : أُفٍّ لَكَ وَ لِدِينِكَ ، لِي دِينٌ أَحْسَنُ مِنْ دِينِكَ ، إِنَّ أَبِي مِنْ حَوَافِدِ دَاوُدَ ( عليه السَّلام ) ، وَ بَيْنِي وَ بَيْنَهُ آبَاءٌ كَثِيرَةٌ ، وَ النَّصَارَى يُعَظِّمُونِّي وَ يَأْخُذُونَ مِنْ تُرَابِ قَدَمِي تَبَرُّكاً بِأَبِي مِنْ حَوَافِدِ دَاوُدَ ، وَ أَنْتُمْ تَقْتُلُونَ ابْنَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ ، وَ مَا بَيْنَهُ وَ بَيْنَ نَبِيِّكُمْ إِلَّا أُمٌّ وَاحِدَةٌ ، فَأَيُّ دِينٍ دِينُكُمْ !ثُمَّ قَالَ لِيَزِيدَ : هَلْ سَمِعْتَ حَدِيثَ كَنِيسَةِ الْحَافِرِ ؟ فَقَالَ لَهُ : قُلْ حَتَّى أَسْمَعَ . فَقَالَ : بَيْنَ عُمَانَ وَ الصِّينِ بَحْرٌ مَسِيرَةُ سَنَةٍ ، لَيْسَ فِيهَا عُمْرَانٌ إِلَّا بَلْدَةٌ وَاحِدَةٌ فِي وَسْطِ الْمَاءِ ، طُولُهَا ثَمَانُونَ فَرْسَخاً فِي ثَمَانِينَ ، مَا عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ بَلْدَةٌ أَكْبَرُ مِنْهَا ، وَ مِنْهَا يُحْمَلُ الْكَافُورُ وَ الْيَاقُوتُ ، أَشْجَارُهُمُ الْعُودُ وَ الْعَنْبَرُ ، وَ هِيَ فِي أَيْدِي النَّصَارَى ، لَا مِلْكَ لِأَحَدٍ مِنَ الْمُلُوكِ فِيهَا سِوَاهُمْ ، وَ فِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ كَنَائِسُ كَثِيرَةٌ ، أَعْظَمُهَا كَنِيسَةُ الْحَافِرِ ، فِي مِحْرَابِهَا حُقَّةُ  ذَهَبٍ مُعَلَّقَةٌ ، فِيهَا حَافِرٌ ، يَقُولُونَ إِنَّ هَذَا حَافِرُ حِمَارٍ كَانَ يَرْكَبُهُ عِيسَى ، وَ قَدْ زَيَّنُوا حَوْلَ الْحُقَّةِ بِالذَّهَبِ وَ الدِّيبَاجِ ، يَقْصِدُهَا فِي كُلِّ عَامٍ عَالَمٌ مِنَ النَّصَارَى ، وَ يَطُوفُونَ حَوْلَهَا ، وَ يُقَبِّلُونَهَا ، وَ يَرْفَعُونَ حَوَائِجَهُمْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى ، هَذَا شَأْنُهُمْ وَ دَأْبُهُمْ بِحَافِرِ حِمَارٍ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ حَافِرُ حِمَارٍ كَانَ يَرْكَبُهُ عِيسَى نَبِيُّهُمْ ، وَ أَنْتُمْ تَقْتُلُونَ ابْنَ بِنْتِ نَبِيِّكُمْ ، فَلَا بَارَكَ اللَّهُ تَعَالَى فِيكُمْ ، وَ لَا فِي دِينِكُمْ !! فَقَالَ يَزِيدُ :اقْتُلُوا هَذَا النَّصْرَانِيَّ لِئَلَّا يَفْضَحَنِي فِي بِلَادِهِ . فَلَمَّا أَحَسَّ النَّصْرَانِيُّ بِذَلِكَ ، قَالَ لَهُ : تُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي ؟! قَالَ : نَعَمْ . قَالَ : اعْلَمْ أَنِّي رَأَيْتُ الْبَارِحَةَ نَبِيَّكُمْ فِي الْمَنَامِ ، يَقُولُ لِي : يَا نَصْرَانِيُّ ، أَنْتَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، فَتَعَجَّبْتُ مِنْ كَلَامِهِ ، وَ أَنَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه و آله ) .ثُمَّ وَثَبَ إِلَى رَأْسِ الْحُسَيْنِ فَضَمَّهُ إِلَى صَدْرِهِ ، وَ جَعَلَ يُقَبِّلُهُ وَ يَبْكِي حَتَّى قُتِلَ "   الزيارة هي الصلة الروحية للزائر بصاحب القبر، والزائر إلى قبر أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) يجدد مبايعته معه، ولذلك الأئمة الأطهار (عليهم السلام) ابقوا هذه الحركة المقدسة حية وخالدة من خلال نصحهم وحثهم على زيارة سيد الشهداء، وبالطبع تم التأكيد على زيارة جميع الأئمة، ولكن هناك العديد من الروايات التي تشجع على زيارة الإمام الحسين (عليه السلام). بهذه النصائح، أراد الأئمة للشيعة أن تكون لهم علاقة عملية بأهدافهم النبيلة. كما أمر الإمام السجاد عليه السلام، الذي قام سراً بزيارة سيد الشهداء عدة مرات في خطابه، بزيارات عديدة للإمام الحسين عليه السلام.  يقول «أبو حمزه ثمالی »: سألت الإمام السجّاد (عليه السلام) عن زيارة الإمام الحسين (عليه السلام) فقال: «زره کل یوم فإن لم تقدر فکل جمعة فإن لم تقدر فکل شهر فمن لم یزره فقد استخف بحق رسول الله صلى الله علیه وآله» (34)  لكن الأهم من العزاء والزيارة التعرف على مدرسة الإمام الحسين وشهداء كربلاء والتعلق العملي بالأهداف النبيلة. من المهم أن تكون نظيفًا وأن تعيش طاهرًا وأن تفكر جيدًا وتتصرف وفقًا له. 

...

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك