دراسات

القرضاوي من التفكير الى التكفير / 1

2357 2021-05-22

 

د. علي المؤمن ||

 

    لا أنكر أني كنت معجباً بالفقيه الحركي السني الشيخ يوسف القرضاوي، وأني قرات كثيراً من كتبه ودراساته خلال فترة الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي، بل شكَلت كتاباته جزءاً من ثقافتي الإسلامية العامة في تلك المرحلة، في إطار  انفتاح الاسلاميين الحركيين الشيعة ( تحديداً مدرسة السيد الشهيد محمد باقر الصدر ومدرسة الإمام الخميني) على كتابات المفكرين والكتَاب الإسلاميين الحركيين السنة، وخاصة المصريين منهم، كالشيخ حسن البنا وسيد قطب وعبد القادر عودة والشيخ محمد الغزالي والشيخ سيد سابق والشيخ يوسف القرضاوي وزغلول النجار وغيرهم. وأتذكر مما قرأت للشيخ القرضاوي بشغف وتأمل: "ملامح المجتمع المسلم"، "الإجتهاد في الشريعة الإسلامية"، "ثقافة الداعية"، "فقه الدولة الاسلامية"، "الإسلام والعلمانية"، "فقه الأولويات"، "الصحوة الاسلامية"، وغيرها من الكتب والدراسات التي لا أزال أحفظ كثيراً من مضامينها، فضلا عن استفادتي منها في دراساتي ورسائلي الجامعية.

   وتطور إعجابي بالقرضاوي، بعد أن بدأت بمراسلته خلال العام 1998 حين بدأنا بتأسيس "المركز الاسلامي للدراسات المستقبلية"، بدعم السيد محمد حسين فضل الله والشيخ مهدي العطار والشيخ محمد علي التسخيري، وعرضت على الشيخ القرضاوي فكرة المركز ومنهجيتنا في الدراسات المستقبلية الإسلامية، وطلبت رأيه ومشورته، كما طلبت أن يكون عضواً في الهيئة الاستشارية العلمية للمركز الى جانب ستة عشر عالماً ومفكراً من تسعة بلدان عربية واسلامية. فأولى الشيخ القرضاوي الموضوع اهتماماً مناسباً، وأرسل مستشاره (وهو أستاذ مصري في جامعة قطر)؛ ليطلع على أفكار المركز وتوجهاته عن قرب. وحينما عاد المستشار الى قطر؛ أبلغني بموافقة الشيخ القرضاوي؛ فكانت فرحتي كبيرة؛ لأن وجود اسم الشيخ القرضاوي معنا هو مكسب علمي ومعنوي للمشروع. ومن يطلع على مجلة (( المستقبلية)) العلمية المحكمة، التي أصدرنا عددها الأول في العام 1999؛ سيجد اسم الشيخ القرضاوي مثبتاً ضمن الهيئة العلمية للمركز.  

   ولكن؛ بعد سقوط نظام البعث الطائفي في العراق في العام 2003، ثم مؤشرات الصعود الشيعي في المنطقة؛ حدثت انعطافة نوعية في منهجية تفكير العلامة القرضاوي وخطابه وسلوكه، فتحول خلال سنوات معدوادات من مفكر إسلامي حركي مجدد ومصلح ديني متميز، الى عنصر محوري في الفتنة الطائفية والتمييز المذهبي. وحين نقول أن القرضاوي علاّمة؛ فهو بالفعل كذلك؛ وفقا للمصطلح السائد في أوساط العلم الشرعي، بل أنه مفكر وفقيه ورمز سني متفرد. وهنا تكمن المشكلة. فأن يقوم رجل بهذا المستوى بدور فتنوي طائفي، يؤدي الى تمزيق الأمة وتقطيع أوصالها، وصب الزيت على رماد النفور وحالة عدم الثقة بين المسلمين، وسفك الدماء وانتهاك الأعراض واستباحة الذمم، والدعوة الى الكراهية والتمييز الطائفي؛ لهو أمر يدعو الى الدراسة والتأمل والتحقيق؛ للوقوف على خلفيات هذا التحول وحيثياته وتبعاته؛ للحد من خطورتها وتحجيم آثارها.

   المفارقة؛ أن باحثاً مصرياً صديقاً كان يؤكد خلال حديثنا عن تحول القرضاوي من التفكير الى التكفير، قائلا: ((القرضاوي لم يتغير، بل أنتم لم تكونوا تعرفوه من قبل)).

   تتمة الموضوع في الحلقة القادمة: ((القرضاوي من مصلح إسلامي الى محرض على القتل)).

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك