دراسات

الشيعة والغزو الثقافي


 

محمد العيسى ||

 

·        مفهوم الغزو الثقافي

 الثقافة لغة من ثقف ككرم وفرح ثقفا وثقافة صار حاذقا خفيفا فطنا القاموس المحيط ج 2 ص361  واما اصطلاحا فهو مجموع المعارف والقيم الحاكمة للسلوك صناعة الثقافة ج1 ص 31  .   تعريف الغزو الثقافي :هو اسلوب او وسيلة او طريقة الهدف منها زعزعة وتغيير وتشويه ثقافة بلد اوشعب ما،ومهاجمة افكاره ومعتقداته ،وزرع افكار وثقافة الشعب الاخر.... .

·        وسائل الغزوالثقافي:

1/ محاولات التاثير على عقول الشباب بطرح الافكار والمفاهيم الغربية واثبات ان الحضارة الغربية هي الحضارة الاكثر نضجا واعتدالا وتطورا

2/ في الوقت الحاضر توجيه وسائل التواصل باتجاه الفئات الاكثر هشاشة وضعفا وهم فئة الشباب لغرض ثنيهم عن معتقداتهم ونشر الافكار الاباحية والفساد تحت يافطة حرية الانسان والحرية الشخصية

3/ الدعوة لتحرير المراة واختلاطها بالرجل واباحة الاشياء الممنوعة في العرف الديني والاجتماعي لغرض احداث فجوة كبيرة بين الموروث القيمي وبين الفئات التي تتحدث عن ضرورة احداث تغيير في السلوك الاجتماعي السائد

4/ بث برامج وافلام ومسلسلات هدفها تمزيق الكيان الاسري القائم واشاعة مفهوم الخيانة الزوجية وبذلك تحصل على مبتغاها من خلال احداث هزة اجتماعية كبيرة وحلحلة المجتمع

5/ التعريف بان الاسلام دين السيف والعنف والتشدد وابراز امثلة سيئة في الصدد كداعش واعتبار ان المسيحية دين الرحمة والمحبة واللاعنف.

·        العولمة والغزو الثقافي

نستطيع ان نقول ان العولمة هي اس البلاء في نشر الثقافة الغربية التي مست بالصميم معتقداتنا وثقافتنا وقيمنا وهي انتجت لنا الات وادوات لم نستخدمها بالشكل المثالي والمطلوب وبدل الاستفادة من مخرجات التقدم العلمي الهائل في الغرب اخذنا نستعير منه انحلاله وتهتكه واجمل وصف وجدته في هذا الشان هو اننا ركبنا الطائرة بعقلية راكب الجمل فالتكنلوجيا  الحديثة اتاحت لنا  الكثير من وسائل الراحة وسهولة التعاطي مع مفردات كثيرة من مناحي الحياة الاانها اسهمت بشكل مباشر او غير مباشر في وضع قيمنا على مفترق طريق خطير لايمكن معه التمسك بسهولة في ظل مانؤمن به او نعتقد به ولعل مفهوم التغيرات الاجتماعية نابع من هذا من الاتجاه وليس من شيء اخراذ ان المجتمع قبل عدة عقود لايختلف عن المجتمع في الوقت الحاضرفالعادات والتقاليد والالتزام بالشعائر الدينية هي ذاتها ولكن الذي اختلف هو انحدار المجتمع باتجاه رغباته الجنسية وشهواته الحيوانية وكذلك تقبل المجتمع للمفاهيم الوافدة سيما في ظل الازمات الاقتصادية التي تنخر باغلب البلدان الاسلامية اصبحت الفضائيات والانترنيت اللذين فرضهما نظام العولمة  عبئا اضافيا على تفكير المواطن البسيط فهو لايكاد يميز بين الاتجاهات المتقاطعة والمختلفة والمتناحرة احيانا فاصبح يلجا الى السهل الممتع دونما وعي وادراك من ان هذا السهل الممتع تقف وراءه مؤسسات ودول واضحى  يترادفان بالمعنى فتاثير الغزو الثقافي يقوى كلما كانت تكنلوجيا العولمة متطورة والعكس صحيح

·        الغزو الثقافي تاريخياً

يعتبر  هذا الغزو اخطر انواع الغزو اذانه يتسلل الى العقول والافكار بكل سهولة ويتسق تماما مع اهواء الانسان ورغباته فيخلف مئات الالا ف من الضحايا دون اطلاقة واحدة  ضحايا يؤمنون تماما مع اهداف الغازي وبرامجه جميل خفيف الظل يتماشى تماما مع اهواء الانسان ولم يظهر الغزو الثقافي جليا الابداية القرن العشرين وخاصة مع المسلمين من اجل استلاب هويتهم ودفعهم باتجاه التخلي عن القيم التي يؤمنون بها من اجل السيطرة عليهم عسكريا واكثر مايخشاه الغرب في هذا الصدد هو مفهوم الجهاد الذي يحفز المسلمين على مواجهة اعدائهم,(ويذكر  ابن بيت المقدس محمد اسعد بيوض التميمي ))  ان الغزو الثقافي بدا منذ مطلع القرن التاسع عشرمن خلا الجمعيات التبيشرية التي بدات تظهر في مصر وبلاد الشام ومن خلال البعثات التعليمية اللتي بدا يرسلها محمد علي الى فرنسل لتقوم باعتناق المفاهيم والقيم الاوربية الغربية التي تتناقض مع مفاهيم وقيم الاسلام من اجل تبديل دين الله ,وذلك تحت غطاء النهضة العلمية والتطوير والتوير والحداثة.

·        مواجهة الغرو الثقافي

اولى خطوات هذه المواجهة تكمن بالدور الذي يجب ان يضطلع به علماء المسلمين في التصدي لاساليب هذا الغزوهو شحذ همم الشباب وبث الروح الاسلامية الوثابة في نفوس الشباب المسلم

 _تفعيل دور وسائل الاعلام وتطوير تقنياتها باتجاه التصدي لوسائل الاعلام الخبيثة المعادية

 _نشر الوعي الثقافي الاسلامي من اجل بلورة شخصية مسلمة واعية لاتتاثربدعايات الاعداء

 _اعتماد اليات معينة ناضجة من اجل الصاق الانسان المسلم بقيمه ومعتقداته الاسلامية .

·        علماء الشيعة هم خط الصد الاول للغزو الثقافي

  لقد كان لعلماء الدين الدور الابرز في مواجهة الغزو الثقافي ’فقد ادرك هؤلاء العلماء مبكرا وقد لهم مواقف كثيرة ساهمت بشكل كبير في ابقاء جذوة الاسلام في وجدان المسلمين من كشف الاساليب الخبيثة التي يعتمدها الغرب للنيل من قيم ومعتقدات المسلمين وابرز الامثلة على ذلك من خلال  (ثورة  الامام الخميني  رض  اذ ان المشروع الثوري الذي اسسه الامام الراحل كان من المشاريع الرائدة التي ساهمت باظهاروتنظير  الايدلوجية الاسلامية الثورية وتطويرها وفق نظرية الحداثة  وا لعصرنة الواقعية  ودفعها الى الشارع الايراني ومن ثم تصديرها الى الشارع العربي والاسلامي )*د رزاق مخور الغراوي من بحثه دور الامام الخميني في تنمية الشعور الثوري لدى الشعوب الاسلامية في مؤتمر الامام الخميني جامعة الكوفة .لقد كان الامام الخميني صاحب مدرسة فكرية متكاملة نشا رجالها في الحوزة العلمية واستطاعوا ربط الاصالة بالحداثة في مواجهة اساليب الغزو الفكري والثقافي.

 وهكذا قدمت المدرسة الفكرية للحوزة العلمية الواعية مشروعا ناهضا ومتكاملا في تا صيل التراث الاسلامي والتعامل مع الحاجات الانسانية دون المساس بالقيم والاخلاقيات التي يحاول الغرب جعل المحسوس هو الاساس في النظرة العامة للحياة دون الابقاء على اللامحسوس والغيب والمعنويات.

·        فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي تجل واضح للقيم الفكرية والعقدية

 الحقيقة التي لم تركز عليها   مطابخ الترويج الفكري والثقافي الغربية هي الفتوى الدينية وتاثيرها في صناعة راي عام يصعب تغييره او تحييده فالفتوى الدينية سواء في ثورة العشرين او بالجهاد الكفائي في الحرب على داعش هي بمثابة رصاصة الرحمة لكل المشاريع الغربية الاستعمارية ‘فعندما هب العراقيون شيبا وشبابا في الاستجابة لفتوى المرجعية الدينية واستماتوا في الدفاع عن وطنهم مثل ذلك شكلا بارزا من اشكال الارتباط الفكري والعقدي والفقهي بالموروث الديني الذي يصعب ان ينافسه او اي لون من الوان الغزو الثقافي او الفكري وعليه فان الحرب على  داعش انتجت شريحة كبيرة من العراقيين اثبتوا التزامهم الحرفي بالدين والقيم ومضوا في هذا الطريق في منظومة قيمية ملتزمة وواعية  تؤمن باللامحسوس الغيبي وتدافع عن القيم والاخلاقيات وبذات الوقت تتعامل مع المحسوس المادي وفق الاطر التي حددها لها الشارع وافتى بوجوب الالتزام به مراجع الدين .

 بيد ان  هذا التفسير النمطي لسلوك جماعة معينة او شريحة ما لايمكن ان يعمم على باقي الجماعات من افراد الشعب سواءا الشيعية اوغيرها ولايمكن القبول بفكرة انالعراقيين جميعهم قد تعاملوا مع منظومة القيم الروحية والفكرية بنفس الطريقة كما لايمكن القول ان التاثير الثقافي الغربي لم يكن حاضرا في كل الاحيان والمناسبات انا اتحدث هنا عن منظومة معينة قدمت الاف الشهداء اسمها الحشد الشعبي او الذين تعاطفوا معهم في رؤيتهم للكون والخالق والدين والالتزام القيمي والاخلاقي ،فحقيقة القول ان تاثير الغزو الثقافي في العراق قد اخذ مداه ووصل الى الذروة وبات شبابنا في مهب الريح واصبحت التيارات الالحادية والليبرالية تنخر الجسد العراقي دون توقف خاصة وان شبابنا يعانون من الضياع والانهيار الاقتصادي بسبب سوء اداء الطبقة السياسية والفساد المستشري في مفاصل الدولة  واسباب اخرى  

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك