إعداد: إشراق علي
التعريف بالعمل الدعائي الصهيوني
كلمة الدعاية يقصد بها في المعنى الضيق فن تكتيل القوى العاطفية والمصالح الفردية بقصد خلق حالة من التشتت الذهني والغموض الفكري الذي يسمح بتسهيل عملية الاقتناع بفكرة أو بمبدأ ما كان سيصل إليه الفرد لو ترك المنطقه الذاتي.
أن يتطور بتلقائية دون أي ضغط معنوي أو توجيه فكري بحيث يؤدي إلى تغيير معين في مظاهر الاستجابة بخصوص موقف المواطن من مشكلة معينة.
وظاهر من هذا التعريف أن هناك ثلاثة عناصر أساسية في العمل الدعائي:
• أولا: أنها ترتبط بتكتيل في القوى العاطفية والمصالح الفردية، وبهذا المعنى تفترض الدعاية عملية تشويه وتشتيت ذهني، وأسلوب التشويه يختلف ولكنه دائما يؤدي إلى تغيير في القوى العقلية والمنطقية المرتبطة بالتصور والتقيم.
• ثانيا: أنها ترتبط بموقف، وبهذا المعنى هي عملية تعامل نفسي جزئي في جميع تطبيقاتها، ومهما سعت إلى الشمولية فهي دائمة تدور في فلك موقف تحدد مكانا زمانا.
• ثالثا: الدعاية لا يعنيها الفرد في ذاته، وإنما الذي يعنيها هو تغيير مظاهر استجابة ذلك الفرد بخصوص موقف معين أو بعبارة أدق بخصوص تعبيرات المواطن عن مشكلة معينة تحددت زمانا ومكانا. (1)
- أساليب الدعاية الصهيونية
تعتمد الدعاية على فئتين رئيسيتين، هما:
1. الدعاية بالكلمة: منذ سنوات طويلة والكيان الصهيوني يعتمد سياسة إغراق العالم بسيل من الدعايات المكتوبة، والمسموعة والمرئية بشتی وسائل الإعلام من صحف ومجلات وكتيبات ومسرحيات وندوات وأفلام تلفزيونية وسينمائية وبرامج إذاعية وإعلانات...، بحيث تكون وجهة النظر الصهيونية هي الوحيدة أمام كل الناس، وهذا ينطبق على العالم الغربي بصورة عامة، وعلى الولايات المتحدة بصورة خاصة، ونلمس آثار ذلك فيما يلقاه الكيان الصهيوني من تأييد في بلدان الغرب.
2. الدعاية بالحركة أو الدعاية بالأعمال والأفعال، وتنقسم إلى قسمين:
أ- دعاية الحركة الهادئة داخليا وخارجيا
وتمتاز باستغلالها الكلي للعلاقات البشرية نتيجة الدراسة العميقة للنفس البشرية، وعوامل العنف الكامنة فيها، وتتخذ هذه الدعاية اتجاهين: داخلي يطبق داخل الكيان الصهيوني، وخارجي يطبق خارج الكيان الصهيوني.
وتشمل الدعاية داخليا:
1. الضيافة
2. تنظيم المؤتمرات والمهرجانات.
3. الدورات التدريبية
4. تخليد الصداقات.
5. السياحة والسياح
وتشمل الدعاية خارجيا:
1. تصدير الخبراء
2. عرض الإنتاج الثقافي والفني
3. ادعاء الدفاع عن حقوق الإنسان.
4. الأتصالات الشخصية
5. استغلال الكوارث
6. افتعال التجاوب والتعاطف
ب- دعاية العنف والإرهاب:
هذا نوع هام من أنواع الدعاية برع فيه قادة الكيان الصهيوني حتى فاقوا فيه أي جهة أخرى عرفها التاريخ، لا سيما وأنهم يستعملون هذا النوع من الدعاية في وقت وصلت فيه الإنسانية إلى استخلاص قيم وأعراف ومفاهيم تضبط قواعد السلوك البشري والدولي، وتضبط أصول التصرف الإنساني، ويتمثل ذلك في شرعة حقوق الإنسان ومنظمة الأمم المتحدة والعديد من الهيئات والروابط الدولية.
ويندرج هذا النوع من الدعاية عادة ضمن اساليب الحرب النفسية، أو بالأحرى هو أعلى أشكال الحرب النفسية وأخطرها، ويستخدم الكيان الصهيوني هذا النوع من الدعاية مع خصومه الأقوياء، فإذا فشل في كسب شخص أو جهة إلى جانبه بوسائل الترغيب والإغواء والإقناع عمد إلى استخدام العنف معه، ويتخذ العنف أشكال ممارسة الضغط المالي أو النفسي أو الإنذار والتهديد الشخصي او وضع القنابل والمتفجرات وأعمال النسف ومحاولات الاغتيال والتصفية أو القيام بالاعتداء على الحدود أو ارتكاب المجازر، وأعلى أشكال الدعاية بالعنف في شن الحروب على نطاق واسع مثل عدوان عام 1967م، وعملية غزو لبنان عام 1982م.
- منطق الدعاية الإسرائيلية
إن الدعاية الإسرائيلية سارت دائما من منطلق مزدوج: منطق إيجابي، ومنطق سلبي.
الأول يدور حول تأكيد الشرعية الإسرائيلية، والثاني ينبع من فكرة تشويه الطابع القومي العربي.
فالأول يعني بناء المنطق صهيوني من الواقع الصهيوني، والثاني تحطيم لمنطق آخر يدور حول الوجود العربي وبصفة عامة حول ذلك الوجود المرتبط بالطرف الآخر بالصراع، وبعبارة أخرى الدفاع عن الشرعية لم يقتصر على أن يؤسس منطقه على حجج إيجابية متعددة وإنما فرض ذلك التكامل من خلال تقديم المفاهيم التي لابد وأن تقود إلى رفض المنطق العكسي أو المخالف.
أ- المنطق الإيجابي: ويدور إجمالا حول سبعة متغيرات نستطيع أن نوجزها في التالي:
1. إسرائيل حقيقة تاريخية
2. إسرائيل ترتبط حضاريا بالوجود الغربي
3. إسرائيل تعبر أيديولوجيا عن العقائد السياسية المعاصرة
4. تؤمن بمبدأ العالمية
5. تدافع عن مبدأ المسؤولية التاريخية
6. دولة عصرية تمثل أقصى مراحل التقدم
7. تنتمي إلى منطقة وإقليم الشرق الأوسط جغرافيا وتاريخيا وحضاريا
ب- المنطق السلبي الذي يرتبط بتشويه الطابع القومي العربي فإنه بدوره بتمرکز حول المداخل الفكرية العشرة التالية:
1. الطابع القومي العربي يعكس التخلف، ويرفض جميع صور التقدم الحضاري.
2. النظم العربية لا تعبر عن واقع العصر، فهي ليست سوى مجموع من النظم الديكتاتورية التي تتخذ من وجود إسرائيل ذريعة للبقاء.
3. الاختلال في الأوضاع الداخلية هو المحور الثابت المعبر عن جميع أنواع النشاط الحكومي.
4. المواطن العربي هو تعبير عن الوحشية التي ميزت جميع مراحل تاريخه.
5. ما يميز العربي هو نكران الجميل، فلننظر إلى ما فعلته الحضارة الغربية وكيف يواجهها اليوم وكيف يتعامل مع الذين قادوا البلاد إلى الخروج من جهالة العصور الوسطى؟
6. إن ما يميز العربي عن غيره وكذلك الحكومات العربية هي القدرة على الابتزاز، والبترول العربي تطبيق واضح لهذه الحقيقة.
7. إن ما يميز التقاليد العربية والطابع القومي العربي أنها تعكس منطقا مختلفا غير منطق الحضارة الغربية.
8. إن المجتمع العربي مجتمع أصيل باسترخائه وکسله، كان كذلك وسوف يظل كذلك.
9. الوظيفة التاريخية للحضارة الإسلامية التي تصير من منطلق التصور الصهيوني أسطورة لا وجود لها.
10. فشل الحركات الوحدوية المرتبطة بالعالم العربي، فمبدأ الوحدة أسطورة لا وجود لها إلا في مخيلة بعض المفكرين الذين لا يعرفون شيئا عن واقع العالم العربي.
ثم تأتي حوادث حرب الأيام الستة لتخلق الترابط بين المنطق الإيجابي والمنطق السلبي، إن الهزيمة الساحقة ليست إلا تأكيدا لمنطق التشويه، والنجاح المنقطع النظير ما هو إلا امتداد لمنطق الشرعية، وما حققته إسرائيل في عدوانها على العرب هو ثمرة نجاح لتخطيطها الدعائي أكثر منه في الجانب العسكري.
وقد ظهرت قدرات الدعاية الصهيونية واضحة في حرب (1967م)، بل يمكن القول إن هذه الحرب قد أحدثت تغييرا في المنطق الدعائي الصهيوني، إذ أنها جندت كل وسائلها من: ( إذاعة، تلفزيون، صحف، سینما، مسرح، مؤلفات وكتب، سياحة تنظيم زيارات، تعلیم، معارض ومؤتمرات) في خدمة مصالحها.
وقد سيطرت الحركة الصهيونية على عدد كبير من الصحف ودور النشر وقنوات إذاعية محاولة توضيح إستراتيجيتها في إبراز صورة تفوقها العسكري وقوتها، وبطولة الجيش الإسرائيلي، وأنتجت العديد من الأفلام التي تخدم أهدافها الدعائية.
وتستغل الدعاية الصهيونية وجود اليهود المنتشرين في انحاء العالم ويبلغ عددهم (14) مليون يهودي، للقيام بمهام دعائية كبيرة في بلدانهم لكونهم يتمتعون بصفة المواطنة، ويمارس الصهاينة دورا ضاغطا كبيرا في الولايات المتحدة الأمريكية إذ يعيش فيها أكثر من خمسة ملايين ونصف بهودي.(2)
1- كتاب: الدعاية والشائعات والرأي العام: رؤية معاصرة / لـ أ.د.عبد الرزاق الدليمي/ صفحة 18
2- نفس المصدر/ من صفحة 23 الى 27
ــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha