إعداد: إشراق علي
"الأهداف الاستراتيجية الأمريكية تجاه العراق
تبلور الاهتمام الأمريكي تجاه العراق منذ مدة ليست بالقصيرة تمتد تاريخيا إلى نهايات القرن التاسع عشر فرغم الوجود العثماني ومن بعده البريطاني، إلا أن الاهتمام الأمريكي بالمنطقة العربية بشكل عام وبالعراق بشكل خاص قد ابتدأ منذ إرسال أولى الحملات التبشيرية للعراق ومن ثم اكتشاف النفط مرورا بمبادئ ودور ولسن 1919 المتمثلة بحق تقرير المصير لدول المنطقة وهكذا تطور الاهتمام الأمريكي بالعراق لعدة أسباب تداخل الجغرافي بالسياسي والاقتصادي والاجتماعي والعسكري والأمني ليفضي إلى أن يكون العراق في بؤرة الاهتمام الاستراتيجي للولايات المتحدة الأمريكية. وعليه سنعمد إلى تقسيم الأهداف إلى أربعة أقسام أساسية نتناول فيها كل نوع من الأهداف على حدة رغم تأكيدنا على التداخل والتشابك فيما بينها، تشابكا وارتباطا عضويا.
أهمية العراق في الاستراتيجية الأمريكية
تزايدت أهمية العراق في المدرك الاستراتيجي الأمريكي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، من خلال:
أولا: الأهمية الجيواستراتيجية للعراق
يتوسط العراق القوس الممتد من وسط شبه جزيرة الأناضول حتى بحر العرب جنوب الجزيرة العربية، التي ارتكزت عليه الاستراتيجية الأمريكية لتربط بين منطقة الدفاع الأطلسي والتواجد في القرن الأفريقي من جهة فضلا عن وقوعه في منطقة الامتداد الجغرافي البري من منطقة القوقاز، حتى مشارق المحيط الهندي، أي أنه يتحكم في الأرض التي تفصل الخليج العربي من جهه عن الإقليم الروسي من جهة أخرى.
كما أكد العديد من الباحثين والمهتمين بالاستراتيجية الدولية على أهمية موقع العراق الجغرافي، ولعل في مقدمتهم رواد الاستراتيجية الحديثة أمثال (سیکمان وماکندر وسفر سیکي)، فعلى وفق نظرية (سیکمان)، فأن العراق يقع ضمن ما اسماه (الإطار الارضي)، ذو الأهمية الاستراتيجية، بحيث يشكل هلالا يحيط بالقلب الروسي، واعطى العالم (ماکندر) أهمية خاصة في نظرية (قلب العالم) وتنبأ له منذ عام 1904 بمستقبل كبير، وكذلك العالم الروسي (سفر سيكي) في نظرية (القوة الجوية مفتاح البقاء) على أن العراق يقع ضمن منطقة المصير التي هي أهم المناطق من الناحية الاستراتيجية في العالم، بحيث أن من يسيطر عليها يصبح بإمكانه السيطرة على أجزاء العالم الأخرى، لذلك حاز العراق أهمية كبيرة من حيث موقعه في خارطة الاستراتيجية الدولية.
وتتوضح الأهمية الاستراتيجية للعراق من خلال ما يؤكده صانع القرار الأمريكي فهذا (بروس رایدل) المساعد الخاص للرئيس الأمريكي الأسبق (كلنتون) لشؤون الشرق الأوسط وجنوب شرق أسيا في تصريحه أمام جماعة يهودية قائلا: "أن الاسباب التي جعلت من العراق مهمة إلى هذا الحد للولايات المتحدة الأمريكية، والمنطقة والعالم باسره، انه يتمتع بموقع جغرافي استراتيجي، اذ يقع على حدود إيران وتركيا وسوريا والأردن والعربية السعودية والكويت أن هذه الأهمية الجغرافية الاستراتيجية مازالت اليوم كما كانت في الماضي". (1)
من خلال ما تقدم، يمكن القول أن الموقع الجغرافي المميز للعراق أعطاه أهمية استراتيجية كبيرة ومن ثم تزايد الاهتمام الأمريكي نتيجة لهذه الأهمية الاستراتيجية المؤثرة على الصعيدين الإقليمي والدولي على حد سواء."
___________
1- كتاب: العلاقات الإيرانية الأمريكية: توافق أم تقاطع/ لـ محمد طالب حميد/ من صفحة 107 الى 108
ـــــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha