دراسات

المطلب الثاني: القوة الناعمة في الشرق الأوسط  /الجزء السابع..

3679 2019-09-23

كندي الزهيري

 

فقدت الولايات المتحدة بشكل عام قدرتها على التأثير في الأحداث في الشرق الأوسط، ويعني ذلك ضعف قدرة أوباما على تشكيل الأحداث وممارسة نفوذه عليها. فبعد قرابة سته  عشرة سنه من احداث 11/أيلول ومازالت الولايات المتحدة تفتقر إلى استراتيجية متكاملة  لمجابهة قضايا  في العالم الإسلامي، فعدم الاستقرار في العراق وأفغانستان وسوريا واليمن تثير الشكوك حول قوة الزخم الحالي .

 فالتحديث والإصلاح السياسي ودمقرطة الشرق الأوسط عن طريق الإسلام السياسي أو العلماني تارة، أو عن طريق المجددين تارة أخرى لم تأتِ أوكلاها على سياسة الولايات المتحدة. فمنذ أحداث 11أيلول طرحت كثير من المبادرات لمواجهة التحديات الناشئة في العالم الإسلامي وحظيت ثلاث مبادرات منها في عهد بوش، وهي مبادرة الحرب على الإرهاب، ومبادرة الشراكة لشرق الأوسط للنهوض بالإصلاح. اما المبادرة الثالثة والتي ستكون محور اهتمامنا هي حملة الدبلوماسية العامة لتحسين صورة الولايات المتحدة لدى العالم، هي ما تسمى بالقوة الناعمة، وعلى الرغم من أن كل هذه المبادرات يمكن أن تندرج ضمن مشروع واحد، وهو مشروع الشرق الأوسط الأميركي بمسمياته المختلفة.

يعرف جوزيف نأي القوة في كتابه (القوة الناعمة)، "بأنها القدرة على التأثير في الأهداف المطلوبة، وتغير سلوك الأطراف عند الضرورة"، أما القوة الناعمة هي "القدرة في الحصول على ما تريد من خلال الإقناع وليس الاكراه " وأدواتها تتمثل في القيم السياسية والثقافية، والقدرات الإعلامية والتبادل العلمي والفكري والسياسة الخارجية القادرة على مد الجسور وإقامة الروابط والتحالفات، أما القوة الصلبة فهي فرض العقوبات الاقتصادية والسياسية.

 وقد دار حوار داخل الدوائر الرسمية الأميركية حول الاستراتيجية الواجبة والفعالة لتحقيق المصالح الأميركية في الشرق الأوسط، وهذا الحوار افرز تيارين، التيار المحافظ المتمثل في الحزب الجمهوري، ويؤمن بفلسفة القوة العسكرية والاقتصادية لتحقيق الحفاظ على تلك المصالح، والتي يطلق عليها القوة الصلبة، على الجانب الآخر برز التيار الليبرالي والمتمثل في الحزب الديموقراطي الذي يرى أن المصالح الأميركية يمكن حمايتها وتحقيقها من خلال تبني القيم الأميركية ونشرها مثل الحرية والديموقراطية وحقوق الانسان والعلاقات الاقتصادية وهي ما يطلق عليها بالقوة الناعمة، لأنها أقل تكلفة وأكثر نجاحاً من القوة العسكرية.

 وهذا يتطلب تحولاً في السياسة الأميركية من القوة الصلبة إلى القوة الناعمة، لأنها أقل تكلفة وأكثر نجاعة وإيجابية في النتائج. فالتحول من القوة الصلبة إلى القوة الناعمة يقتضي من الرئيس أوباما الترويج للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في العالم العربي،

يصف نأي القوة الناعمة بثلاث طرائق: أولهما يفسر القوة الناعمة بأنها الهوية الوطنية، مجمل القيم السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية عبر المواقع  الإلكترونية  الخاصة بأميركا، القوة الناعمة تمثل شخصية أميركا الجذابة وثقافتها وقيمها السياسية ومؤسساتها. أما الوصف الثاني، فيصفها بأنها وسيلة غير إجبارية تجهد الدولة الأميركية، فالقوة الناعمة هي قدرة الدولة الأميركية في الحصول ما تريده من الاستمالة لا الاكراه أو دفع المال، ودعوة الناس لا إجبارهم. أما الوصف الثالث الذي قدمه نأي، للقوة الناعمة، فهو يرى انها شيء متعلق بالهيمنة الأيديولوجية الأميركية أو الهيمنة العالمية،اذ تصف القوة الناعمة المدى الذي تدرك عنده اميركا اخلاقياً ومعنوياً باعتبارها الزعيمة العالمية الشرعية من قبل الدول والمنظمات والشعوب الأخرى اللاأميركية، ومن أهم مصادرها هي القيمة الثقافية التي تجتذب بها الاخرين، والقيمة السياسية الداخلية والخارجية.

أما عن القوة العسكرية وتدخل الولايات المتحدة العسكرية فيعزوها روبرت كيغان بأنها لم تكن لرغبة الولايات المتحدة، وإنما لحماية النظام العالمي من التهديدات التي تستهدف أمنه واستقراره، والحفاظ على المصالح الاقتصادية وحماية المواطنين من الأخطار ومحاربة الإرهاب والديكتاتوريات ونشر الديموقراطية، فالحروب والتدخلات العسكرية للولايات المتحدة شرعية، وإنها أحد أدوات سياستها الخارجية، ويعطي شرعية للهيمنة الأميركية على العالم؛ لأن لولا التدخل الأميركي في تشكيل النظام الدولي لكنا بصدد نظام دولي مختلف عما عليه اليوم.

فانتصار المشروع الديموقراطي ودمقرطة الشرق الأوسط، وانتصار الديموقراطيات وما عداها من الأنظمة السياسية ليس لرغبة الأنظمة السياسية في تبني القيم الديموقراطية،

" ويؤكد كيغان على قيادة الولايات المتحدة للنظام العالمي بشكل منفرد، بالرغم من وجود الأزمات؛ لأن العالم الذي أوجدته أميركا بعد الحرب العالمية الثانية نظام اتسم بغياب الحروب بين القوى الدولية ونمو الاقتصاد العالمي، وتضاعف عدد الديموقراطيات حسب المزاج الأمريكي.

لذا ما تزال الولايات المتحدة مهمتها الحفاظ على هذا النظام الذي شكلته وتساهم في تشكيله إلى اليوم عبر ديموقراطيتها المتكررة في الشرق الأوسط وعملية تركيع  المجتمعات الشرق أوسطية بقوتها الصلبة تارة والناعمة تارةً أخرى.

وعلى ما يبدو أن كيغان يتجاهل الدعم الاميركي للديموقراطية، ارتبط بالأساس بتحقيق المصلحة الأميركية؛ لأنها تغافلت عن ديكتاتوريات أنظمة الشرق الأوسط من اجل الحفاظ على استقرار مصالحها في   المنطقة، واستمرار تدفق النفط إلى السوق الأميركية.

واستعرض نأي تلك العلاقة بين الولايات المتحدة وأنظمة الشرق الأوسط الديكتاتورية وما طرأ عليها من تغيرات، وعلى الرغم من تلك العلاقة، الا أن أحداث 11/أيلول دفعت الولايات المتحدة إلى دمقرطة تلك الأنظمة بالقوة الصلبة، الا أن تجربة الحرب على العراق دفعت الإدارة الأميركية بقناعة أن التغير الحقيقي للمنطقة يحتاج إلى القوة الناعمة إلى جانب وسائل أخرى وهي دعم الإرهاب، على الرغم من أن كيغان يفند ذلك العالم فيما بعد؛ لان القوة المرشحة لقيادة العالم بعد الولايات المتحدة (الصين وروسيا)، هي  تتوجس من الديموقراطية خوفاً على أنظمتها ، مستنداً بذلك كون هذه القوى عادةً ما ترفض فرض عقوبات على أنظمة  مثل سوريا وإيران وكوريا الشمالية ، فروسيا والصين هما القوتان اللتان تنافسان الولايات المتحدة في المستقبل مثلما تنبأ بذلك برجنسكي. وعلى الرغم من تلك المنافسة والتنبؤات الا أن البعض يرى في الصين وهي المرشح الاكثر تنافسياً من روسيا للولايات المتحدة في المستقبل، لا يمكنها أن تنافس الولايات المتحدة عالمياً، لأنها ستواجه عقبات اقتصادية وجيوستراتيجية، وهي محاطة بقوى تنافسية على المكانة الدولية ، أما روسيا فعادةً ما تدخل في أزمات وآخرها مع أوكرانيا وعقوبات الاتحاد الأوربي .

والقوة العسكرية ودحض مقولات التمدد المفرط التي تحدث عنها بول كندي في كتابة (صعود وسقوط القوى العظمى) زيادة على ذلك فالولايات المتحدة تمتلك قوه تأثيرية جذابة بادعائها  (النموذج الأخلاقي) الذي يعد أحد المصادر الناعمة لديها.

 لنشاهد اليوم  تحول واضح في السياسة  الأمريكية، اي تكون المعاملة مبنية على اساس  مادي،كما يجري اليوم مع دول الخليج  وامريكا  ،اذا ادعاء  بالحرب من اجل الديمقراطية ،ماهو الا حجة ومدخل لنسف  الشعوب العربية والإسلامية اي حرب دينية غير معلنة  بالظاهر  ...

ـــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك