الناتج الدستوري للعملية السياسية هو أن تكون السلطة التنفيذية بيد الأغلبية, و بما يوجب عليها حفظ حقوق الأقليات التي ينص عليها الدستور.
أن الحالة العملية لهذا المفهوم هو تكليف الكتلة البرلمانية الأكبر بتشكيل الحكومة وتتوزع باقي الكتل والإفراد الذين وصلوا إلى البرلمان في المعارضة البرلمانية، حيث يشغل كل منهم المساحة المخصصة لعمله تحت قبة البرلمان، بدون اضطراب وتداخل في الصلاحيات والمسؤوليات، وفق ضوابط الدستور والقوانين التي تترجمه إلى اللغة التطبيقية، وبهذه الآلية تتكون الأرضية التي تلتقي عليها السلطات التشريعية والتنفيذية، لتحقيق أهدافها المشتركة في بناء الدولة، فتحفظ الحقوق، وتنجز الإعمال، ويصان الدستور، ويبقى هو المرجع في الخلافات السياسية، لا تعلو عليه مصلحة فئوية او حزبية، فضلا عن الشخصية، كما لا يجتهد في تفسير وتأويل نصوصه، أي فريق للاحتيال ضد فريق أخر، بل تضمن نصوصه حسم التباين في فهم النص الدستوري بالعودة الى المحكمة الدستورية المستقلة.
وبهذا الفهم المشترك فأن المعارضة البرلمانية بحق تعبر عن حالة تكامل للحكومة في الأساسيات التي ترتبط ببناء الوطن وحفظ أمنه وفي المواقف اتجاه القضايا الأساسية والسياسة الخارجية وفي أي الاتجاهين، مع الاحتفاظ بالاختصاص في دور الرقابة والتشريع ضمن الكتلة البرلمانية وبهذا تعبر السلطات التنفيذية والتشريعية عن مسؤولية مشتركة وحالة ايجابية وصحية ولا تتقاطع فيما بينها إلا ما ندر خصوصاً في مرحلة التأسيس.
أما حكومة الكتلة الأوفر حظاً من أصوات الناخبين، فأن حيازتها لمصادقة البرلمان، وتصديقه لبرنامجها التنفيذي من خلال قناعته بحصول التلاقي بين برنامج الحكومة ومتطلبات التنمية الشاملة تعتبر هي الأخرى حالة ايجابية.
مثل هذه الأنظمة تكون فاعلة مع نسبة مقبولية عالية والسلطات فيها تسير في مهامها سيرا ايجابيا وهي متحققة في دول الغرب الأوربي المستقر سياسيا وفي دول الأنظمة الديمقراطية التي يقل فيها التباين بين المكونات وتريد بناء أوطانها.
إلا أن في العراق لم نجد تطبيق للمهام يقارب هذا الفهم عند كل من الحكومة والمعارضة بحيث يصدق على وجود حالة تكاملية ، ففي ظل الشراكة الوطنية التي أُريد لها أن تكون مشاركة فعالة وتطبيق عملي لمبدأ المساواة في الحقوق والواجبات التي كفلها الدستور، برزت سلبيات خشنة لا تبرير لها ولم يكن مصدرها الحداثة في الفهم الديمقراطي للشراكة الوطنية ولا غيره من الاحتمالات المقبولة في جو الشراكة، بل يندرج في خانة تحريف الشراكة الوطنية لتصبح احتيال واستغلال وتآمر في آلية عمل منحرفة للتطبيقات الديمقراطية، ففي الوقت الذي أرادت الغالبية من مفهوم الشراكة رداً عمليا على حالة التغيب التي مارسها النظام ألبعثي ألصدامي المباد وأن لا تتعارض مع وجود الأغلبية البرلمانية و تعكس التعددية.
اعتقد من لا عهد له بالوفاء بأنها عامل ضعف فاغتنمه فرصة لتحقيق مأرب غير مشروعة لا يضمنها شرع ولا عرف، فهذا عدو متخفي بزي المعارضة البرلمانية لتحقيق مشروعه بأقل كلفة وتحت حماية دستورية، وتتعدد المواقف فنجد من يقحم في مفهوم المعارضة بأنه لا يشارك في الايجابيات ويضخم من السلبيات أو يساعد في خلق السلبيات وهذا ليس مشارك يحترم مبدأ الشراكة ومن المؤسف أن يسمح البعض للسلبيات أن تتراكم فتغيب الثقة المتبادلة و يصغى للإيحاءات الخارجية في إفساد العملية الديمقراطية ويتمادى في العمل المعاكس وفق أجندات الإرهاب المعدة من جهات مشبوهة معادية لتطلعات الشعب العراقي فتتحول الألفة الوطنية إلى حرب طائفية تأكل الأخضر واليابس وبالتالي خراب البلد، ونجد البعض يفضل أن يبقى متفرجا يستفيد من الفرص التي تحققها له الشراكة الوطنية دون أي تضحية ،مثل هكذا تجمع لا يصح ان يطلق عليه معارضة دستورية ولا حتى برلمان لبلد واحد ذات مصالح مشتركة0ولا حكومة شراكة وطنية.
أن هذه التشكيلات يجمعها الاسم فقط وأن بنيانها اوهن من بيت العنكبوت، هذا الحال الذي لا يغيظ العداء ولا يسر الأصدقاء دفع المخلصين في البرلمان وفي كل العملية السياسية الى تحمل دور المراقبين بين الفرقاء المشاركين في العملية السياسية بالإضافة إلى مهامهم الاجتماعية ومسؤوليتهم في حفظ العملية السياسية من الانحراف وهذه الرقابة ليست مشابه لرقابة الإعلام ولا هي رقابة المتفرج ولا تتربص بالآخرين الأخطاء بل هي رقابة المتخصص المنصف كونه يملك الروئ الصحيحة ولا يتأخر بإسداء النصح وعرض المشاريع التي توحد الصفوف فأن صح هذا الدور ولا اعتقد يصح غيره في هذه المرحلة فهو الايجابي والضروري بمرتبة الامتياز ويدل على التواجد الواعي في ساحة العمل السياسي والاجتماعي والحريص على حقوق كل مكونات الطيف العراقي 0
من هنا كانت أهمية بناء مواقف برلمانية مسؤولة تدعوا إلى النظر بعين الحرص على مصلحة المواطن فهم يعملون لترسيخ مبدأ الشراكة الحقيقية المسؤولية ويحرصون على تقريب وجهات النظر في المسائل الخلافية والاحتكام الى الدستور.
فاليوم ونحن امام واقع لا نحسد عليه، فهنالك أسباب للتخلف ولمجمل الوضع الغير مرضي لم تعالج ولم تفتح ملفاتها وكثيرة من الحالات السلبية التي طفت على سطح العمل السياسي لم تدرس بعناية، بعضها تحتاج الى تعديل دستوري، بالاظافة إلا ان كثير من مواد الدستور غير مفعلة، بسبب عدم تشريع القوانين التي تفعلها، ونستعيض بقرارات وقوانين مجلس قيادة الثورة المنحل.
اليوم لا فرار من وقفة تاريخية لقادة العراق على كل المستويات للنظر في الاساسيات والمشركات التي توقف حالة التشرذم والتمزق فأن حفظ العراق مسؤولية الجميع ولن يسمح حق المواطنة لاي من المكونات يقى الحال يسير نحو اللارجعة
https://telegram.me/buratha