د. قاسم بلشان كاظم التميمي
2018
المقدمة
المياه مورد طبيعي له اهمية استراتيجيةكبيرة لاسيما في المنطقة العربية الواقعة غالبيتها في المناطق الجافة او شبه الجافة،فالمياه من المشكلات التي برزت في الصراعات الاقليمية والعالمية في اعقاب الحرب الباردة فأزمة المياه في منطقة الشرق الاوسط من أهم القضايا الاستراتيجية ، ومع بداية القرن الحادي والعشرين فأن اهمية المياه قد برزت بشكل واضح وربما تتجاوز اهمية النفط. (1)
باتت قضايا المياه تحتل حيزا مهما من اهتمامات الدول والمنظمات الدولية وتزداد باستمرار تنامي المؤشرات التي تتنبىء بأزمة مائية خانقة في اكثر من مكان في هذا العالم ولعل اهم المؤشرات تتمثل بنضوب او تدني الموارد المائية في عدة دول بسبب تظافر دور العوامل الطبيعية مع الزيادات المطردة في اعداد السكان، تضاف الى ذلك التطورات التكنولوجية والاجتماعية التي تؤدي الى توسع كبير في استخدامات المياه دون وجود امكانية حقيقية لزيادة كمية المياه العذبة المتاحة للاستخدام البشري.(2)
ان العراق ليس بعيد عن ازمة المياه العالمية بل انه يعيش هذه الازمة بكل تفاصيلها لذلك اصبح من الضروري والاهمية البالغة وجود حلول سريعة جدا لتفادي ازمة المياه في البلاد خصوصا وان دول الجوار وعلى وجه التحديد تركيا اسهمت بشكل فعال في ازمة المياه في البلاد وذلك من خلال مشاريعها العملاقة منها مشروع جنوب شرق الاناضول ومختصره (CAP) ، الذي يعتبراكبر مشروع تنموي متعدد الاغراض ينفذ في تركيا في العصر الحديث، وكذلك مشروع اليسو وهو من السدود المهةالتي اقامتها تركيا على نهر دجلة، ومن هذا المنطلق بات واجبا على العراق ان يبحث عن تنمية مستدامه للمياه تجنبه او تقلل من ازمة المياه التي يعيشها حاليا والتي من الممكن ان تكون ازمة مستعصية في المستقبل القريب جدا.
(1) فارس مظلوم العاني واخرون ،السياسات المائية وانعكاساتها في الازمة المائية العربية،ص7
(2) ناجي علي ومجموعة مؤلقين، العرب وتركيا تحديات الحاضر ورهانات المستقبل، ص377
المستخلص:
الفصل الاول
اولا اهمية البحث: تأتي اهمية البحث في دور التنمية المستدامة للمياه في تجاوز العراق لمشاكل وازمة المياه التي يمر بها.
وذلك لما للتنمية المستدامةأهمية كبرى وتأثير فعال في الحد من ازمة المياه .
ثانيا:مشكلة البحث
تكمن مشكلة البحث في وجود ازمة مياه يعيشها العراق حاليا والتي من الممكن ان تتفاقم وتصبح خطيرة جدا خلال السنوات القليلة المقبلة لذلك جاءت مشكلة البحث من خلال دورالتنمية المستدامة للمياه للتقليل والحد من ازمة المياه.
ثالثا:هدف البحث
يهدف البحث في الكشف عن التنمية المستدامة للمياه واهميتها في الحد من مشكلة المياه في البلاد
رابعا: حدودالبحث
تحدد البحث الحالي في الحدود الموضوعية والزمانية والمكانية حيث الموضوع دور التنمية المستدامة وكيفية الاستفادة منها وتوظيفها بشكل يتناسب وحجم ازمة المياه في العراق واهم المشاكل والتحديات التي تواجه وفرة المياه في البلاد منذ القرن الماضي وما بعدعام 2003 .
.خامسا: منهجية البحث
اعتمدت الدراسة الحالية على المنهج الوصفي
سادسا: تحديد المصطلحات وشملت (التنمية المستدامة)
والفصل الثاني تضمن مبحثين المبحث الاول مفهوم ودورالتنمية المستدامة للحد من ازمة المياه
والمبحث الثاني تضمن المشاكل والتحديات التي تواجه وفرة المياه في العراق
وشمل الفصل الثالث محورين حيث تم في المحور الاول عرض النتائج
والمحور الثاني تضمن التوصيات واخيرا هوامش ومصادر البحث.
الفصل الاول
اولا:اهمية البحث
تأتي اهمية البحث الحالي في دور التنمية المستدامة للمياه في تجاوز العراق لمشاكل وازمة المياه التي يمر بها.وذلك لما للتنمية المستدامةأهمية كبرى وتأثير فعال في الحد من ازمة المياه .
ثانيا:مشكلة البحث
ان مشكلة البحث الحالي تكمن في وجود ازمة مياه يعيشها العراق حاليا والتي من الممكن ان تتفاقم وتصبح خطيرة جدا خلال السنوات القليلة المقبلة ،وتكمن مشكلة البحث في الاجابة على السؤال التالي
كيف تقوم التنمية المستدامة للمياه بدورها للتقليل من ازمة وشحة المياه في العراق؟.
ثالثا: هدف البحث
يهدف البحث الحالي التعرف على مشكلة البحث والوقوف عندها ومعرفة اهم العوامل المؤثرة والوصول الى نتائج تسهم في الحد والتقليل من ازمة المياه في البلاد.
رابعا : حدود البحث
١ -حدود موضوعية إذ يتحدد البعد الموضـوعي فـي بحثنـا هـذاعن التنمية المستدامة واهميتها في الحد من ازمة المياه في العراق بصورة خاصة واهم معوقات وفرة المياه.
٢ -حــدود مكانيــة: إذ اتخــذ الباحــث مــن العــراق انمــوذجا للدراســة واهم الانهار التي تغذيه والقادمة من دول المنبع تركيا وايران اضافة الى سوريا .
٣ -الحـدود الزمانيـة : في بحثنا هذا فأن الحدود الزمانية تبدأمن القرن الماضي والى مابعد 2003
خامسا: منهجية البحث
اعتمدت الدراسة الحالية على المنهج الوصفي
سادسا: تحديد المصطلحات
التنمية المستدامة: هي عملية تحديث وتطوير وإدارة الموارد الطبيعية و البشرية من أجل زيادة مصادر الثروة و الرخاء على المدى الطويل وذلك بما يُلبي احتياجات الواقع دون أن يتم المساس بحق الأجيال القادمة في الموارد المختلفة. (1)
(1)فاروق صالح الخطيب، المياه والتنمية الإقليمية في المملكة العربية السعودية،ص73
الفصل الثاني
المبحث الاول: مفهوم ودورالتنمية المستدامة للحد من ازمة المياه
تهدف التنمية المستدامة للموارد المائية إلى مواجهة متطلبات الحياة من الاستخدامات الزراعية و الصناعية و الاستهلاك اليومي وغير ذلك، إن مصطلح التنمية المستدامة هو مصطلح حديث وأصبح مصطلحا شائعا بعد أن ورد في تقرير برونتلاند وهي اللجنة العالمية الخاصة بالبيئة و التنمية وهذا المصطلح يعني عدم التهاون في احتياجات الأجيال المستقبلية أثناء تلبية احتياجات الأجيال الحالية(1)
ان التنمية المستدامة في حقيقة الامر هو مصطلح اقتصادي اجتماعي يعني تطوير وسائل الإنتاج بطرق لا تؤدي إلى استنزاف الموارد الطبيعية لضمان استمرار الإنتاج للأجيال القادمة بمعنى تلبية احتياجات الجيل الحالي دون إهدار حقوق الأجيال القادمة ، وتشمل التنمية المستدامة البيئة بمكوناتها الإنسان والنبات والحيوان والجماد والهواء بما فيها مصادر الطاقة المتجددة وغير المتجددة، حيث من المعلوم أن كثيراً من هذه الموارد هي موارد غير متجددة ، بمعنى أنّها تتناقص وخاصة موضوع الطاقة الذي يتضاعف الحاجة إليها كل يوم أكثر من اليوم الذي يسبقه وكان للثورة الصناعية الأثر الأكبر في زيادة الطلب على الطاقة والمواد الأولية، ونشر مبدأ التنمية المستدامة وذلك بقمة الأرض التي عقدت عام 1992متخذةً الخطوات التالية :
1- مساعدة المجتمعات الفقيرة على تطوير مصادر دخلهم لمنعهم من تدمير عناصر البيئة من حولهم.
2- تشجيع المشاريع الملائمة لكل منطقة حسب ظروفها البيئية.
3- تشجيع المبادرات الفردية والمجتمعية لإقامة المشاريع التي تلائمهم.
4- تطوير مهارات المجتمعات الفقيرة لرفع مستوى حياتهم.
5- خلق مصلحة مشتركة ما بين الإنسان والبيئة بحيث ترتبط البيئة بارتفاع مستوى حياته.
(1)فاروق صالح الخطيب، المياه والتنمية الإقليمية في المملكة العربية السعودية،ص167
ان التنمية المستدامة للموارد المائية تعني تأمين الماء الصالح للاستخدام على مدى طويل بحيث يفي باحتياجات الحاضر والمستقبل.
لايخفى ان الظروف التي مر بها العراق في السنوات الماضية أدت الى اهمال مؤشرات البيئة العراقية وجعلتها من اسوأ البيئات في العالم في مجالات الماء –الهواء – التربة وبالرغم من وضع خطط التنمية الوطنية الخمسية المتتالية مجموعة من الاهداف التي من شأنها ان تنهض بواقع التنمية المستدامة العراقية، الا ان اغلبها بقي حبراً على ورق يقف دون تحقيقها روتين حكومي كُبل بموازنات تقشفية خلال السنتين الماضيتين.(1)
وحقيقة الامر ان منطقة الشرق الأوسط تواجه العديد من التحديات في ظل المتغيرات الدولية، ولعل من أهم هذه التحديات "حرب المياه" وقد ظهر العديد من الدراسات والتحليلات التي تحذر من أن دول الشرق الأوسط تعاني شحاً في كميات المياه لأسباب متعددة، ومن هذه الدول مصر والأردن والعراق وسوريا والضفة الغربية، وأن الشرق الأوسط نتيجة لذلك على حافة الهاوية، حيث تشير الدراسات إلى أن تركيا أخذت تقوم ومنذ سنوات عدة ببناء سلسلة من السدود العملاقة على نهري دجلة الفرات والتي يمكن أن تحتجز آخر الأمر نصف حجم المياه المتدفقة إلى سوريا والعراق.
كما أن نهر النيل يلقي ظلالاً عميقة التأثير على العلاقات بين مصر والسودان وأثيوبيا. وهو يعني أن الحرب القادمة لن يثيرها النفط بل المياه، ولاسيما أن عدد السكان في تزايد مستمر، ومما يزيد الأمر تعقيداً أن نصف المياه العذبة هو في الدول المتقدمة، وأن العالم العربي يقع في منطقة مدارية جافة، وأن نسبته 90% من مياهه ينبع ويمر بدول أخرى، ويقع معظم سكانه تحت خطر الفقر المائي، حيث نصيب الفرد أقل من 1000 متر مكعب سنوياً، فضلاً عن التهديدات الإسرائيلية، حيث أن مصادر المياه لا تكفي سكان إسرائيل عام 2015 إلا بنسـبة 15% من حاجتهم مما يزيد من احتمالات التوسع الصهيوني على حساب حقوق المياه العربية.(2)
(1)د.أيسر ياسين ،التنمية المستدامة في العراق بين الحاجة والرفاه،صحيفة الصباح،2015
(2)غازي إسماعيل ربابعة، معضلة المياه في الشرق الأوسط،ص12
أسباب قلة المياه :
لا ينتظم توزيع المياه في العالم إذ أنها (المياه) تكثر في جنوب شرق أسيا و حوض ألامازون بأمريكا الجنوبية ووسط وشرق أمريكا الشمالية ،بينما تكاد تقل في جنوب غرب قارة آسيا وشمال قارة أفريقيا و قارة استراليا.
ان من اهم اسباب ندرة المياه مايأتي
1- الزيادة السكانية مع زيادة معدلات الإسراف في استهلاك المياه ، فسكان قارة آسيا هم أكثر السكان العالم استهلاكا للمياه ويفوق معدل استهلاكهم عن معدل جريان المياه في القارة
2-التلوث الخطير و السريع لمعظم الموارد المياه المتاحة .
3- عدم وجود تشريعات صارمة لتنظيم عملية استغلال الماء للمستهلكين.
4- عدم الاستفادة من مياه الأمطار في الأقاليم الذي لاينتظم سقوط مياه الامطار فيها 5- عدم إنشاء السدود و خزنات المياه لتنظيم استغلال الماء. (1)
ان عملية التنمية المستدامة هي تراكمية وتتطلب عقودا من العمل المتواصل الدؤوب لتثمر عن مغزاها في الربط بين استمرارية عملية التنمية والتطور البيئي ضمن اطار يؤمن متطلبات الأجيال الحالية والمستقبلية ضمن جوانبها الاساسية الاربعة من اقتصادي وسياسي ومؤسسي وبيئي. والواقع العراقي يعاني من مشكال عدة في الايفاء بالاهداف التنموية الموضوعة من عدم التوافق ما بين التزايد السكاني المضطرد في مقابل شح في مصادر المياه ومن ثم انخفاض متوسط نصيب الفرد منه وعدم كفاءة توظيف المياه وبخاصة في القطاع الزراعي، بالاضافة الى مشكلة تدهور شبكات الصرف الصحي وهو ما زاد من تلوث مصادر المياه المحدودة اصلاً، وهذا الاستخدام غير الرشيد للموارد الطبيعية ادى الى تدهور واقع الاراضي الزراعي وتوسع المناطق الصحراوية في مختلف ارجاء العراق.(2)
(1) المنتدى الجغرافي لجامعة الملك عبد العزيز،الجغرافية الطبيعية، شبكة الالوكة،2009
(2)د.أيسر ياسين ،التنمية المستدامة في العراق بين الحاجة والرفاه،صحيفة الصباح،2015
تنطلق التنمية المستدامة من نظرتها الى الفرد كعنصر اساسي في ديمومة ما تبقى من الموارد الطبيعية، وهو ما يعني ضرورة النهوض بالواقع المعاشي للفرد العراقي واخراجه من مجال الفقر ليتمكن من تطوير قدراته العلمية والمهنية لتتلائم مع حاجة سوق العمل وكسر الحلقة المفرغة للبطالة والفقر. وان اي تجاهل لهذا الواقع لن يزيد الامور الا سوءاً ولابد من وضع نقطة انطلاق تنسجم مع الخطط الموضوعة والشروع بها باقرب فرصة للمحافظة على ما تبقى الموارد المتجددة الباقية وادراك حقيقة عدم وجود تعارض بين اعتماد المعايير البيئية بشكلها الصحيح مع اعتبارات النمو الاقتصادي، بل على النقيض من ذلك، فمن الممكن توظيف ترشيد استخدام الطاقة ان يساهم في رفع كفاءة مصادر الطاقة ووضع معيار للأثر المجتمعي لاي من المؤسسات الانتاجية الجديدة تأخذ بالحسبان المعايير الموضوعة للتنمية المستدامة في العراق.(1)
لا شك في أن أزمة الجفاف وتراجع مستويات المياه العذبة تعد واحدة من أهم الإشكاليات البيئية التي يواجهها العالم حالياً، وبالأخص في ظل تزايد حدة تداعيات التغير المناخي وارتفاع درجة حرارة الأرض.
لقد أصبح العالم يدرك تماماً مدى خطورة التغير المناخي وتداعياته، ولذلك اعتمدت الجمعية العمومية للأمم المتحدة خلال انعقادها الأخير في نيويورك قراراً بإجماع دولي على إطلاق خطة عمل عالمية من أجل المياه على مدار 10 أعوام تحت شعار «عقد من العمل الدولي: المياه لتنمية مستدامة». وتشمل الخطة تنفيذ برامج وأنشطة تهدف إلى التركيز بشكل أكبر على التنمية المستدامة والإدارة المتكاملة لموارد المياه، وذلك انطلاقاً من حقيقة أن المياه النظيفة والعذبة تعتبر من أهم عوامل التنمية المستدامة وتشكّل عنصراً لا يمكن الاستغناء عنه لصحة الإنسان ورفاهيته وازدهاره.(2)
(1)د.أيسر ياسين ،التنمية المستدامة في العراق بين الحاجة والرفاه،صحيفة الصباح،2015
(2)د.ثاني بن أحمد الزيودي،صحيفة البيان الاماراتية،29 مارس2018
أهداف التنمية المستدامة
تسعى التنمية المستدامة بشكل عام لتحقيق اهدافها ويمكن تلخيص الاهداف كما يلي:
1- الحفاظ على المياه، وضمان إمدادها بشكلٍ كافٍ، واستخدامها بالشكل الأمثل في المجالات الصناعية والزراعية والريفية ومختلف الاستخدامات الاخرى، وهذا هو الهدف الأساسي للتنمية الاقتصادية، أما التنمية الاجتماعية فتهدف إلى تأمين المياه للاستخدامات المنزلية، أما التنمية البيئية فتهدف إلى توفير حماية كافية للماء ومصادره.
2- زيادة إنتاج الغذاء والسعي لتحقيق الأمن الغذائي، ورفع الإنتاج الزراعي، ورفع منتجات التصدير، وزيادة أرباح المشاريع الزراعية الصغيرة، وتحقيق الأمن الغذائي على مستوى الأفراد في منازلهم، والحفاظ على موارد المياه الجوفية والثروة السمكية والأراضي الزراعية.
3- رفع الإنتاجية لتحقيق الرعاية الصحية بشكلها الأمثل، وتحقيق الصحة الوقائية، وتوفير الأمان الصحي في مواقع العمل المختلفة، ووضع معايير معينة للماء والهواء والضوضاء لضمان حماية الصحة العامة للبشر، وتقديم الرعاية الصحية الأولية، وحماية الأنظمة البيئية المختلفة.
4- ضمان الاستخدام الأمثل لمواد البناء وشبكة المواصلات، وذلك لتوفير المأوى المناسب والخدمات اللازمة للأفراد، وخصوصاً الفقراء، بالإضافة إلى ضمان وصول جميع الأفراد إلى بيوتهم بالطريقة المناسبة والسعر المناسب، وتوفير خدمة الصرف الصحي والمواصلات، وخصوصاً للفقراء، وضمان حصولهم على سكن مناسب بأسعار تناسب دخلهم، وإيجاد وظائف مناسبة للأغلبية الفقيرة، وضمان استمرار الموارد الطبيعية اللازمة للنمو الاقتصادي سواء في القطاع العام أو الخاص، وذلك لزيادة دخل الفرد.(1)
(1)بواسطةالموقع الالكتروني كتّاب وزي وزي - آخر تحديث: 28 فبراير، 2018
خصائص تحديات استراتيجية التنمية المستدامة
طرح مصطلح التنمية المستدامة عام 1974 في اعقاب مؤتمر ستوكهولم ، الذي عقبته قمة ريو للمرة الاولى حول البيئة والتنمية المستدامة الذي اعلن عام 1992عن خصائص التنمية المستدامة التي تتلخص فيما يأتي:
1- هي تنمية يعتبر البعد الزمني هو الاساس فيها، فهي تنمية طويلة المدى بالضرورة، تعتمد على تقدير امكانات الحاضر، ويتم التخطيط لها لاطول فترة زمنية مستقبلية يمكن خلالها التنبؤ بالمتغيرات.
2- هي تنمية ترعى تلبية الاحتياجات القادمة في الموارد الطبيعية للمجال الحيوي لكوكب الارض.
3- هي تنمية تضع تلبية احتياجات الافراد في المقام الاول.
4- وهي تنمية تراعي الحفاظ على المحيط الحيوي في البيئة الطبيعية كالهواء والماء.
5- هي تنمية متكاملة تقوم على التنسيق بين سلبيات استخدام الموارد واتجاهات الاستثمار والاختيار التكنولوجي ويجعلها تعمل جميعا بانسجام داخل المنظومة البيئية بما يحافظ عليها ويحقق التنمية المتواصلة المنشودة.(1)
(1)عثمان محمد غنيم وماجدةابوزنط ،6المؤتمرات العالمية للتنمية المستدامة، ص286
وسائل التنمية المستدامة للموارد المائية
اولا: ترشيد استهلاك المياه
1 - المياه المنزلية
يقصد بها استعمال المياه بطرق تقلل من الكميات المستهلكة دون أن يؤثر في نظافة المنزل أو صحة الفرد ، ويمكن تقليل الكميات المستهلكة إلى النصف بواسطة الطرق التالية :
أ- استعمال رذاذ الماء الذي يبلغ كميته أقل من 20 لتر، بدلا من حوض الاستحمام الذي يبلغ كميته 200 لتر .
ب - عند الاستخدام الشخصي يجب إغلاق صنبور الماء وفتحه عند الحاجة .
ج- يفضل استعمال أجهزة الغسيل صغيرة الحجم بدلا من كبيرة الحجم .
د- التغلب على تسرب المياه من شبكة الأنابيب المياه و تعبر من أهم الطرق .
2 - مياه الزراعة :
أ- استعمال طرق الري بالرش و التنقيط أو المحوري بدلا من الري بطريقة الغمر.
ب- زراعة المحاصيل التي تحتاج إلى كميات قليلة من المياه .
ج- استخدام مياه الصرف المعالجة في ري المزروعات التي تتحمل ذلك .
3 - مياه الصناعة :
أ- إعادة استعمال المياه في بعض الصناعات مثل صناعة التعدين , في عمليات التبريد .
ب- استخدام مياه المعالجة.(1)
(1)المنتدى الجغرافي لجامعة الملك عبد العزيز،الجغرافية الطبيعية، شبكة الالوكة،2009
ثانيا: معالجة مياه الصرف الصحي:
و مراحلها كالاتي
1- المعالجة الأولية (طور الميكانيكي):تحتوي المياه العادمة المنزلية التي يمكن أن تعيق العمل الميكانيكي لمحطات المعالجة ، ويتم التخلص من المواد باستخدام المصافي أو منخل تكون بداية محطة المعالجة . و تنقل المياه إلى أحواض الترسيب ، يبلغ ارتفاعها ثلاثة أمتار تستقر في قعر المواد ذات الكثافة الأعلى أو ما يسمى الحمأة بينما يطفو على السطح المواد الدهنية والزيتية ، حيث يجري (كشط) على الماء ، و قد يضاف إليها الكلور ،لكن إذا كان هناك مراحل أخرى كالمرحلة الثانوية فلا يضاف إليه الكلور كي لا تقتل الكائنات الحية التي تقوم بالمعالجة الثانوية .
2- المعالجة الثانوية( طور البيولوجي):تمثل حد المقبول من حدود المعالجة التي يسمح بعدها للمياه للوصول إلى التجمعات المائية كالأنهار و السدود ، وفي هذه المرحلة يتم ضخ المياه المعالجة الأولية إلى أحواض ذات التهوية الجيدة حيث يزود بالأوكسجين لتعزيز أنشطة الكائنات الدقيقة لقضاء على المواد العضوية و تحويلها إلى مواد عضوية ثابتة
3- المعالجة الثلاثية : و هي أساسا لمرحلة التنقية الكيميائية و تتضمن إزالة المغذيات النباتية من مياه المعالجة الثانوية،و تتم بعدة طرق منها:
أ- استعمال غربال الدقيق للتخلص من الجسيمات غير مرغوبة
ب- امتصاص المواد المذابة بجسم صلب كالكوبون المنشط
ج- التبادل الايوني بالاستخدام المتماثرات، ويلجأ هذه الطريقة في التخلص من النيتروجين و المعادن الثقيلة.(1)
(1)المنتدى الجغرافي لجامعة الملك عبد العزيز،الجغرافية الطبيعية، شبكة الالوكة،2009
تحلية المياه المالحة ثالثا:
يستعمل الغاز الطبيعي الوفير في تحلية مياه البحر في محطات ضخمة لتوفير مياه الشرب ، كما يمكن تحلية المياه الجوفية المالحة وتكلفة تحلية المياه الجوفية أقل من تكلفة تحلية مياه البحر.
إنشاء السدود رابعا:
في المناطق غير منتظمة الأمطار الغزيرة في وقت قصير تتحول إلى جريان فيضاني ينتهي إلي البحر فتصبح مالحة ، أو إلى الصحراء فتتبخر،لذلك يجب انشاء السدود للأستفادة من مياه هذه الامطار.
الحصاد المائي خامسا:
هو تجميع الأمطار الساقطة في مسقط المياه و تحويلها إلى البركة أو إلى آبار الجمع للاستفادة منها.
حصاد الضباب :سادسا
تتألف هذه العملية من إنشاء حواجز متعامدة على اتجاه الرياح و هذه الحواجز مثقبة كالغربال المصنوع من النايلون ، فعندما يصطدم الضباب بهذه الخيوط تتساقط منه قطرات الماءوبالتالي يمكن تجميع مياه بشكل وفير.
سياسة تسعير المياه:سابعا
أن تكون العلاقة طردية بين أسعار المياه و كمية المياه المستهلكة ، وهذا يفيد في أ-
. ترشيد استهلاك المياه من قبل السكان
.(1) الاستفادة من عوائد التسعير في صيانة و تحسين الموارد المائية ب-
(1)المنتدى الجغرافي لجامعة الملك عبد العزيز،الجغرافية الطبيعية، شبكة الالوكة،2009
ووفقاً للإحصاءات العالمية، فإن 60% من سكان العالم يتواجدون في مناطق تعاني من نقص في موارد المياه العذبة بسبب تجاوز معدل الطلب على إجمالي العرض. ومن المتوقع أن ترتفع هذه النسبة في ظل ما نشهده عالمياً من تداعيات التغير المناخي التي تؤثر على أنماط سقوط الأمطار، مما يتسبب في فترات أطول من الجفاف وزيادة حدّة الفيضانات.(1)
وتعتبر التنمية المستدامه نمط تنموي يمتاز بالعقلانية والرشد، وتتعامل مع النشاطات الاقتصادية التي ترمي للنمو من جهة ومع اجراءات المحافظة على البيئة والموارد الطبيعية من جهة اخرى.
لقد اصبح العالم اليوم على قناعة بأن التنمية المستدامة التي تقضي على قضايا التخلف هي السبيل الوحيد لضمان الحصول على مقومات الحياة في الحاضر والمستقبل. (2)
(1)د.ثاني بن أحمد الزيودي،صحيفة البيان الاماراتية،29 مارس2018
(2) المصدر السابق
المبحث الثاني :المشاكل والتحديات التي تواجه وفرة المياه في العراق
اولا: تمهيد
اطلق اليونانيون القدماء على البلاد التي يحدها نهرا دجلة والفرات اسم (بلاد مابين النهرين)، واما اسم نهر دجلة فقد كتب بالعلامات المسمارية(ادكنا)، ومن هذه التسميات التي وردت في اللغة العبرية (هداقل) أو (حداقل) وفي العربية دجلة(1)
اما نهر الفرات باللغة التركية يسمى ( فيرات) وهي ذات جذور عربية، باللغة العربية يسمى(فرات) وباللغة السومرية(بوارنونو)، وفي الارامية(فروت) ومعناها النمو والخصب، ومن ناحية اخرى فقد سمي العراق قديما ( ميزوبوتاميا) التي تعني بين الانهار او نهرين ويقصد منها (نهري دجلة والفرات وروافدهما(2)
ظل الماءيجري في دجلة والفرات دون عائق يحول او يعرقل معدل الجريان والتصريف منذ اقدم العصور، وبقى العراق ينعم بهذا الماءوما يصاحبه من خير عميم ويجابه اخطار الفيضان لوحده،وفي ظل هذه الظروفنشأت حضارة العراق القديمة، وارتبط اسم الفرات بأسم دجلة( حضارةوادي الرافدين وحضارة بين النهرين)، غير ان هذين النهرين يمران الان اكثر من أي وقت مضى بأزمة خطيرة بسبب رغبة دول المنبع تركيا وايران بالنسبة لمياه الانهار الحدودية المشتركة ومساهمة سوريا دولة الوسط، وذلك للأستحواذ على مياه النهرين والانهر الحدودية المشتركة.(3)
ان النزاع على المياه قد نشأ عند ارتباطه بالطموحات السياسية والاقتصادية، اذ اعطت تركيا لنفسها الحق في التصرف بمياه النهرين في مشاريع ضخمة(كاب) وقبلها مشروع (كيبان)، ثم اعلنت عن نيتها بيع المياه لدول الخليج العربي(مشروع انابيب السلام)، لأجل لعب دور سياسي مؤثر في المنطقة ولكن هذا المشروع فشل.
(4)
(1)شعبان عبدالله سعيد، حقوق العراق وتركيا في نهري دجلة والفرات بحسب القانون الدولي للمدة1970-2010 ،ص33
(2) المصدر السابق ص34.
(3)د.محمدعبدالمجيد حسون الزبيدي،الامن المائي العراقي، ص99
(4) (المصدر السابق،ص101
لقد أدت الضغوطات الناتجة عن ارتفاع الطلب على الموارد المائية معدّلاتها إلى تغيرات كبرى على وضع العراق المائي منذ القرن الماضي، فالنقص بمستويات المياه السطحية خلال السنوات القليلة السابقة يعكس تقلّص منسوب مياه الخزانات والبحيرات والأنهر إلى مستويات خطيرة. وقد انخفض مستوى نهري دجلة والفرات، وهما مصدر الماء الرئيسي في البلاد، إلى أقل من ثلث معدلّاته الطبيعية. ومع تدهور قدرة التخزين في كانون الأول 2009 وبلوغها حوالي 9 في المئة فقط من مجمل مخزون المياه، قدرت الحكومة انخفاض احتياط المياه لديها بحدود 20 في المئة. وبحسب وزارة الموارد المائية، واجه ما يقارب مليوني عراقي نقص حاد في مياه الشرب بحلول نهاية العام 2009. لافتةً النظر إلى ان واقع أكثر من 90 في المئة من مجمل مياه العراق يتم استهلاكها في القطاع الزراعي الذي لا يوفر سوى ربع احتياجات البلاد الغذائية.
كان لهذه العوامل الضاغطة آثارها الجلية لدرجة تحول العراق من مصدّر كبير للقمح إلى أكبر مستورد له في العالم. فقد أدت أساليب الري والصرف التقليدية وغير المتّزنة إلى هدر كبير في بمصادر المياه. (1)
ثانيا:الوضع القانوني لنهري دجلة والفرات واهم الاتفاقيات
يعد نهرا دجلة والفرات نهرين دوليين إذ يمران عبر أراضي دول ثلاث هي سوريا وتركيا والعراق،بينما تعتبر تركيا أن نهري دجلة والفرات يتميزان بخصائص تجعلهما يختلفان عن العديد من المجارى المائية الأخرى في العالم، وأنهما ليسا نهرين دوليين بالمعنى المتعارف عليه بل يندرجان في إطار ما يمكن اعتباره مياها عابرة للحدود، وقد بدأت جهود التأطير القانوني لوضع النهرين منذ أوائل الستينات بدعوة من العراق، الذي دعا كلاً من سوريا وتركيا للدخول في مفاوضات ثلاثية بغية التوصل إلى اتفاق ثلاثي يضمن حصص البلدان الثلاثة في مياه النهرين طبقاً لقواعد القانون الدولي والاتفاقيات الثنائية.
واستناداً إلى المعطيات القانونية دولياً فهناك لوائح تنظم كمية وسعة المياه التي تمر بين الدول المتشاطئة ولا يوجد مبرر قانوني يسمح لتركيا أن تتحكم في المياه التي تنبع من أراضيها وتجري عبر دولاً أخرى والتصرف فيهاً طبقاً لمصالحها من دون مراعاة حقوق الدول الأخرى بعد أن ثبت وبموجب الاتفاقية الدولية الموقعة عام (1997) والخاصة باستخدام المجاري المائية الدولية لأغراض ملاحية والتي حددت المجرى المائي الدولي بأنه المجرى الذي تقع أجزاؤه في دول مختلفة وهذا بدوره يؤكد الصفة الدولية لنهري دجلة والفرات . (2)
(1) موقع مكتب اليونسكو_ العراق
(2) د. منذر خدام، الأمن المائي العربي: الواقع والتحديات، ص 243.
(3)
اهم الاتفاقيات والبروتوكولات التي نظّمت بعض أوجه استغلال ماء النهرين منها
1- المعاهدة الفرنسية- البريطانية، في23/12/1920، حول استخدام مياه دجلة والفرات.
2- معاهدة لوزان في 24/7/1923، التي تلزم تركيا في المادة 109،بوجوب اخطار كل من سورية والعراق كلما رغبت في القيام بأعمال انشائية على دجلة والفرات. حيث نصّت المادة 109 على ما يلي: ( عند عدم وجود أحكام مخالفة، يجب عقد اتفاق بين الدول المعنية من أجل المحافظة على الحقوق المكتسبة لكل منها، وذلك عندما يعتمد النظام المائي ـ فتح القنوات، الفيضانات، الرّي، البزل، والمسائل المماثلة ـ على الأعمال المُنفذة في إقليم دولة أخرى، أو عندما يكون الاستعمال المائــي في إقليــم دولـة ومصادر هذه المياه في دولة أخـرى بسبب تعيين حدود جديدة، وعند تعذّر الاتفاق تحسم المسألة بالتحكيم).
3- معاهدة حلب، في3/5/1930، التي تشير الى حق سورية في مياه دجلة.
وقد ألحق بها بموجب المادة السادسة منها، ستة بروتوكولات، عالج أولها موضوع تنظيم جريان مياه نهري دجلة والفرات مع روافدهما بالتأكيد على حق العراق في تنفيذ أية إنشاءات أو أعمال على النهرين تؤمن انسياب المياه بصورة طبيعية أو للسيطرة على معاهدة الصداقة وحسن الجوار بين تركيا والعراق في 29/3/1946، التي تنص على ضرورة التعاون المشترك بينهما في ما يختص بالمياه الدولية المشتركة، الفيضانات سواء في الأراضي العراقية أو الأراضي التركيـة على أن يتحمل العراق تكاليف إنشاءها، ونصت المادة الخامسة من البروتوكول على ما يلي: ( توافق حكومة تركيا على إطلاع العراق على أية مشاريع خاصة بأعمال الوقاية قد تقـرر إنشاءها على أحد النهرين أو روافده وذلك لغرض جعل الأعمال تخدم على قدر الإمكان مصلحة العراق كما تخدم مصلحة تركيا).(1)
(1 )د. منذر خدام، " الأمن المائي العربي: الواقع والتحديات ، ص 243.
4- وفي عام 1980 وقع العراق وتركيا في أنقرة محضر اجتماع اللجنة العراقية ـ التركية المشتركة للتعاون الاقتصادي والفني، وقد ورد في الفصل الخامس منه الخاص بالمياه ما يأتي: (اتفق الطرفان على انعقاد لجنة فنية مشتركة خلال شهرين لدراسة المواضيع المتعلقة بالمياه الإقليمية خلال مدة سنتين قابلة للتمديد سنة ثالثة وستدعى الحكومات الثلاثة لعقد اجتماع على مستوى وزاري لتقييم نتائج أعمال اللجنة الفنية المشتركة ولتقرير الطرق والإجراءات التي توصي بها اللجنة الفنية المشتركة للوصول إلى تحديد الكمية المناسبة والمعقولة من المياه التي يحتاجها كل بلد من الأنهار المشتركة).
5- في عام 1990 وقّــع العراق وسوريــا اتفاقـاً مؤقتاً يقضي بتحديد حصة العـــراق بـ [58% ] من المياه الواردة في نهر الفرات عند الحدود التركية السورية وحصة سوريا بـ [42% ] منها ولحين التوصل إلى اتفاق ثلاثي ونهائي حول قسمة مياه الفرات مـع تركيا.(1)
لكن تركيا تنصلت من كل هذه المعاهدات الدولية وفضلت توقيع اتفاق موقت مع سورية في 6/7/1987 (بروتوكول عام 1987) يقضي بتزويدها مايزيد على500م3 في الثانية من مياه الفرات ، مقابل تعهدات امنية سورية تتعلق بقضيةالاكراد(2)
واستناداً إلى المعطيات القانونية دولياً فهناك لوائح تنظم كمية وسعة المياه التي تمر بين الدول المتشاطئة ولا يوجد مبرر قانوني يسمح لتركيا أن تتحكم في المياه التي تنبع من أراضيها وتجري عبر دولاً أخرى والتصرف فيهاً طبقاً لمصالحها من دون مراعاة حقوق الدول الأخرى بعد أن ثبت وبموجب الاتفاقية الدولية الموقعة عام (1997) والخاصة باستخدام المجاري المائية الدولية لأغراض ملاحية والتي حددت المجرى المائي الدولي بأنه المجرى الذي تقع أجزاؤه في دول مختلفة وهذا بدوره يؤكد الصفة الدولية لنهري دجلة والفرات.
(1 )د. منذر خدام، الأمن المائي العربي: الواقع والتحديات، مركز دراسات الوحدة العربية، ص 243.
(2)مجموعة مؤلفين،العرب وتركيا تحديات الحاضر ورهانات المستقبل، ص438 -439)
ثالثا: اهم تحديات ومشاكل المياه التي تواجه العراق
ان من اهم المشاكل والتحديات التي تواجه العراق وتجعله قريب جدا من ازمة في المياه قد تكون ازمة دائمية هي سياسات دول منبع الانهاروالدول التي تمر في اراضيها الانهار قبل ان تصل الاراضي العراقية وهذه الدول هي تركيا وايران وسوريا، وسوف تكون البداية في محور البحث هذا مع السياسات التركية والمتمثلة في انشاء مشاريع عملاقة على نهري دجلة والفرات ، هذه المشاريع بعضها انجزت والبعض الاخر قيد الانجاز ،ويمكن ذكر بعض هذه المشاريع التركية التي هي بحق مشاكل وتحديات كبيرة تواجه العراق وتجعله مقبلا على ازمة وشحة مياه في القريب العاجل .
1- سياسة تركيا المائية وتأثيرها على العراق (مشروع جنوب شرق الأناضول ـ GAP):
تطلق تركيا على مشاريعها المقامة والمخطط لها على نهري دجلة والفرات اسم مشروع جنوب شرق الاناضول ومختصره (GAP) وتصفه بانه اكبر مشروع تنموي متعدد الاغراض ينفذ في تركيا في العصر الحديث ، وتعلق عليه امالا كبيرة في تنمية المحافظات الست الواقعة في الجنوب الشرقي لتركيا والتي تعد اكثر المناطق تخلفا فيها وهي ديار بكر ،غازي عنتاب،سيرت،شاذلي اورفا،أريمان ، ماردين، وتقدر تكاليف هذا المشروع(GAP) بأكثر من ثلاثين مليار دولار ويجري التنفيذ بطريقة التمويل المشترك عبر مساهمة من الخزينة التركية مع التسهيلات والقروض الخارجية. كما يعد هذا المشروع محور جهود تركيا الرامية إلى ضمان إمدادات المياه، وهو يتكون من 22 سدّاً و 19 محطة كهرومائية وعدد من الأنفاق والقنوات والمشاريع الإروائية، وقد باشرت تركيا بإنجاز أهم مرتكزات هذا المشروع.(1)
مكونات المشروع
يتكون ال (GAP) من ثلاثة عشر مشروعا رئيسيا على نهري دجلة و الفرات وفروعهما لارواء مساحة تبلغ1,8مليون هكتار وتعادل7,2 مليون دونم ويتكون كل مشروع من المشاريع المذكورة هو الاخر من مجموعة مشاريع فرعية، منها سدود عملاقة، وانفاق وقنوات لنقل المياه الى مسافات بعيدة عن المجرى الرئيسي، انجز بعض منها وهنالك قسم قيد الانشاء وقسم اخر لم يباشر به بعد، كما يتضمن المشروع اضافة الى المشاريع الاروائية على النهرين، سلسلة مجمعات سكانية وصناعية وتعليمية وصحية، كما بنيت ثمانية مطارات، وانشئت مئات الكيلومترات من الطرق والسكك الحديد.(2)
(1)ناجي علي حرج ومجموعة مؤلفين، العرب وتركيا تحديات الحاضر ورهانات المستقبل، 380
.(2)احمد هاني حميد ، السياسة التركية المائية وابعادها في سوريا والعراق، ص13)
أ- المشاريع على نهر الفرات
1- سدّ كيبان :يمثل سد كيبان اول مشروع تركي على نهر الفرات، وقد تم التخطيط له عام 1957 وانجز عام 1974، بسعة خزن تقدر ب30،7مليار متر مكعب، ويقع السد عند التقاء رافديا لفرات الرئيسين قرة صو ومراد صو، وسعة محطته الكهربائية 1240 ميغا واط، ويبلغ معدل انتاج الطاقة السنوي له5870
2- سدّ قره قاية :انجز عام 1987، سعة الخزن9,54 مليار متر مكعب وتبلغ سعة محطته الكهربائية 1800 ميغا واط، تنتج ما معدله 7500 مليون كيلوواط/ساعة في السنة (1)
3- سد أتاتورك: وهو من السدود الكبيرة في العالم والمرتكز الرئيسي لمشروع جنوب شرق الاناضول، انجز عام 1990، ويعمل منذ عام 1992، وهو اكبر السدود الحالية في تركيا وتاسع اكبر سد في العالم، تبلغ مساحة خزان السد (البحيرة الصناعية) 812كم2، وحجم ماتخزنه من المياه48,5 مليار متر مكعب، يتضمن المشروع محطة كهربائية ضحمة بسعة 2520ميغاواط، ويبلغ انتاج الطاقة السنوي 890 مليون كيلوواط/ ساعة، وتتفرع من السد قنوات تاخذ المياه الى مناطق خارج حدود حوض النهر .
4- نفق أورفة : انجزت المرحلة الاولى منه عام1994، وهو من المشاريع المهمة ضمن مشروع ال (GAP) ، ويعد اكبر نفق اروائي في العالم، حيث ينقل مياهه بقوة الدفع عبر نفقين متوازيين الى سهول اورفة وحران لأرواء مساحة تبلغ141835 هكتار، ويبلغ تصريفهماالاقصى328 مترا مكعبا في الثانية.(2)
5- سد بيرجيك: تم تنفيذه عام2000، ويقع على مسافة تقد بأقل من 50كم عن الحدود التركية السورية، وملحقة به محطة كهرومائيىة لانتاج 3168 كيلو واط/ ساعة من الطاقة الكهربائية.
6- سد قرقاميش: يقع على مسافة بحدود10 كم من الحدود التركية السورية، وقد اعلنت تركيا عن المناقصة لأنشائه في اواخر عام 1995 وانجز عام 1999، تنتج المحطة الكهربائية الملحقة به 652 كيلو واط/ ساعة من الطاقة الكهربائية.
(1) ناجي علي حرج ومجموعة مؤلفين، العرب وتركيا تحديات الحاضر ورهانات المستقبل، ص382
(2) المصدر السابق،384
المشاريع على نهر دجلة
1- مشروع دجلة – كيرل : يشمل هذا المشروع سدا يسمى دجلة بسعة خزنية مقدارها 595 مليون م 3 وتوليد طاقة كهربائية مقدارها 110 ميغا واط، كما يضم سد كيرال كيزي بسعة خزنية مقدارها 1,919 مليارم3 وتوليد طاقة كهربائية مقدارها 94ميغا واط، ويروي المشروع اراضي زراعية مقدارها 126080 هكتارا على الضفة اليمنى لنهر دجلة، وقد انجز المشروع عام 1997.
2- مشروع باطمان: يشمل انشاء سد باطمان سعة خزنية قدرها 1,75 مليار م3، ويولد طاقة كهربائية مقدارها 198 ميغاواط ،والمشروع مصمم لارواء مساحة زراعية قدرها 37744 هكتارا، بواسطة مشروعين للري السيحي ، انجز هذا المشروع عام 1998.
3- مشروع باطمان- سلفان: يشمل انجازسد سلفان سعة خزنية قدرها 8،735م3 وتوليد طاقة كهربائية قدرها 150 ميغاواط، اضافة الى سد قصروطاقته لتوليد الكهرباء هي 90 ميغاواط ويروي المشروع اراضي زراعية تبلغ مساحتها 257000 هكتار بواسطة مشروعين للري السيحي ومشروعين للري بالواسطة على الضفة اليسرى لنهر دجلة وقد انجز المشروع عام 1998.
4- مشروع كرزان: يشمل انشاءسد كرزان سعة خزنية قدرها449,5م3 وتوليد طاقة كهربائية قدرها 90ميغا واط ويروي اراضي زراعية مساحتها60000هكتار.
5- مشروع اليسو: وهو من اهم المشاريع على نهر دجلة بسعة خزن مقدارها 10،410مليار م3 وتوليد طاقة كهربائية مقدارها1200 ميغاواط والطاقة الناتجة منه تبلغ3833كيلوواط/ساعة، والمشروع مصمم لارواء اراضي زراعية تبلغ مساحتها3830 هكتارا، وهناك اشارات لدى العراق تفيد بأن الطاقة الخزنية للسد اكبر من الرقم المعلن وانها تصل الى30 مليارم3.(1)
(1)ناجي علي حرج ومجموعة مؤلفين، العرب وتركيا تحديات الحاضر ورهانات المستقبل ،ص383-384
ان سد اليسو سيحرم العراق من ثلث مساحة أراضيه الصالحة للزراعة، وبالتالي سيدفع بآلاف الفلاحين إلى ترك مهنهم الزراعية والاتجاه إلى المدن في هجرة معاكسة، إذ إنه بعد إكمال سد أليسو ستتم المباشرة بسد “جزرة”، مما سيؤدي إلى تحويل جميع كميات المياه إلى الأراضي الزراعية التركية قبل عبورها الحدود التركية ـ العراقية، إلا من كمية لا تتجاوز 211 مترًا مكعبًا من المياه التي وصفت بأنها ستكون بدرجة ملوحة عالية التركيز، ستتضاعف خلال مرور المياه بحوضه في المناطق الجنوبية التي تعاني أصلاً من ارتفاعها خلال السنوات الماضية.(1)
6- مشروع جزرة: يتضمن هذا المشروع سعة خزن قدرها360مليون م3وتوليد طاقة كهربائية مقدارها 240 ميغاواط، ويروي اراضي زراعية تبلغ مساحتها 21000 هكتار من خلال مشروع نصيبين جزرة ومشروع سهل صلوبي،اضافة الى سد ديوة كيجدي الذي يروي مساحة 36000 دونم وسد كوك صو الذي يروي مساحة16000 دونم. (2)
(1)ناجي علي حرج ومجموعة مؤلفين، العرب وتركيا تحديات الحاضر ورهانات المستقبل ،ص384
(2) المصدر السابق
2- سياسة ايران المائية وتأثيرها على العراق:
تخترق الحدود الشرقية للعراق مع ايران انهار صغيرة ومجاري مياه عديدة تجري معظمها من الاراضي الايرانية، وقد تسيرمع خط الحدود او تقطعها لتصب في النهاية داخل العراق، كذلك تقطع الحدود وديان متعددةتجري فيها مياه الامطار والسيول، وان قسما من تلك الانهار والوديان لم تحدث حولها مشاكل في السابق ، وهذه يقع اغلبها في المنطقة الشمالية، وهي ذات انحدار شديد كونها تنبع من منطقة جبلية منحدرة مع سفوحها وتمتاز بسرعة جريانها لقرب منابعها، وان دولة المنبع تواجه صعوبة في التحكم بها.(1)
اما في الاجزاءالجنوبية فتظهر الطبيعة السهلة، حيث تبتعد سلسلة جبال زاكروس الى داخل الاراضي الايرانية، مما جعل الانهارفيها طويلة وتجري في سهول الاحواز قبل ان يقودها انحدار السطح نحو الغرب الى مصباتها،حيث تصبح جزءا من حوض تغذية نهر دجلة، وكما هوواضح في نهري الكرخة والكارون، هذه الانهار التي اصبحت موضوع الاشكالية مع ايران ، وذلك بسبب تصرف ايران بشكل لايتفق مع مباديء القانون الدولي العام واحكام الاتفاقيات التي نصت على حصص الاراضي العراقية من مياه هذه الانهار.(2)
اهم الاتفاقيات والمعاهدات التي نظمت بهذا الشأن
أ- معاهدة أرضروم الاولى في28/7/1824، حيث تضمنت وصفا دقيقا للحدود فقط بين الدولتين العثمانية والفارسية.
ب- معاهدة أرضروم الثانية في31/5/1847 بين الدولتين العثمانية والفارسية ايضا، وعقدت بوساطة روسيا القيصرية وانكلترا.
(1)د.محمدعبدالمجيدحسون الزبيدي،الامن المائي العراقي،ص148
(2) المصدر السابق،ص149
ت- اما اول الاتفاقيات التي تناولت مياه الانهار الحدودية المشتركة، فهي محاضرجلسات قومسيري الحدود لعام 1914، وتضمنت محاضر الجلسة رقم 28( ان مياه نهر كنكير تصب في مندلي وكانت تقسم مناصفة في السابق، الا ان النصف لم يكن واضحا بالشكل الذي يمكن ان يفي بالغرض المطلوب،اذ لم يتم ذكر المقدار الذي تنفرد به كل دولة ، سوى مناصفة مياه النهر،دون ذكر كيف يتم قياس هذا النصف في الماءالجاري، هذا الامر سهل لايران التصرف بمياه النهر حسب رغبتها بانشاء السدود عليه وحرمان العراق من حصته المائية(1)
وتناولت محاضر الجلسات المرقمة (7،8،12) موضوع اشتراك العراق في مياه نهردوبريج، اما محضر الجلسة رقم (14) فكانت لموضوع نهر الطيب، والجلسة رقم (26) فقد حددت حق سكان زرباطية في العراق من نهر كنجان جم ، واعتبرت منتصف النهر خط الحدود الفاصل بين العراق وايران خلال المسافة التي يجري فيها ويكون لكلا الطرفين الحق في مياهه، ولكن دون وضع قواعد ثابتة لتوزيع المياه ، الا ان هذه المحاضر وعلى الرغم من انها لم تنص صراحة على حصةالعراق من جميع الانهار المشتركة مع ايران، فانها لم تعالج موضوع انهارمشتركة اخرى مثل نهر برواة سوتا (بناوة سونا)ونهر قرمتو ونهر الوند ونهر الكرخة ونهر الكارون.(2)
(1)د.محمدعبدالمجيدحسون الزبيدي،الامن المائي العراقي،ص148
(2) المصدرالسابق،ص151
الانهار الحدودية التي تنبع من ايران واهم المشاكل بشأنها:
أ- نهر الكارون: انشأت ايران عام 1961مجموعة من السدود والحزانات على نهر وروافد الكارون ، حيث انجزت(12) سدا منها (6) عليه واخرى على روافده، وبعد انشاء هذه السدود والخزانات اثر هلى كمية المياه الواصلةالى شط العرب وقلة عذوبتها وزيادة تركيز الاملاح فيها وتأثر بساتين واراضي شط العرب منها.(1)
ب نهرقرمتو: تقوم ايران بسد النهر بواسطة سدود مؤقتة لرفع مناسيب المياه وتحويلها الى اراضيها الزراعية، مما يؤثر على كمية المياه الواصلة الى الاراضي العراقية.(2)
ج – نهرالوند: يغذي مدينة خانقين ،وقد قامت ايران عام 1953 بتنفيذ مشروعا عليه وشق جدول منه قرب مدينة قصرشيرين الى مدينة خسروي الواقعة على الحدود مقابل مدينة خانقين، ما اثر على كمية المياه الواصلة الى العراق وحرمان مساحات زراعية واسعة داخل الاراضي العراقية. (3)
د: نهر كنكير: يصب في هور الشويجة قرب مدينة واسط، وهو من اهم الانهار التي حصلت بشأنها الاشكالية المائية مع ايران، حيث تم انشاء سد مؤقت اضافة الى سد ثابت كا اثر بشكل كبير على كمية المياه الواصلة الى العراق.(4)
ه- نهركنجان جم: يشكل خط الحدود لمسافة 13كم لمنطقة بدرة وجصان في محافظة واسط ، حيث قامت ايران بالتحكم بكمية المياه الواصلة الى الاراضي العراقية كما تم انشاء سد من قبلهاعلى احد روافد النهر، ما تسبب في نقص المياه بشكل كبيرعن منطقة بدرة وجصان وتحول مساحات واسعة الى اراضي جرداء.(5)
(1)د.محمدعبدالمجيدحسون الزبيدي،الامن المائي العراقي،ص169-170
(2) فلاح شاكر اسود،الحدودالعراقية الايرانية،دراسة في المشاكل القائمة بين البلدين، ص80
(3)(د.خالد العزي،مشكلة الانهارالحدودية المشتركة بين العراق وايران، ص30
(4) د.محمدعبدالمجيدحسون الزبيدي،الامن المائي العراقي،ص164
(5) المصدرالسابق،ص167
و- نهرالطيب: قامت ايران بأجراء المسوحات في منطقة دهلران لأجل انشاء سد قاطع على نهر الطيب وقطعت مياهه عام 1967 عن المناطق العراقية، حيث اثر هذ العمل الى نقص الوارد المائي لسقي الاراضي العراقية وتأثير ذلك على مياه هور الحويزة الذي كان يصب فيه النهر. (1)
ز – نهر دويريج: تقلصت الاراضي الزراعية العراقية المستفيدة من مياه هذا النهر من (70) الف دونم الى (30) ألف دونم وذلك بسبب قلة المياه الواصلة الى الاراضي العراقية نتيجة تجاوز دولة المنبع على كمية مياه هذا النهر.(2)
ح – نهر الكرخة: ويعد الرافد الثاني بعد نهر الكارون لشط العرب ، حيث قامت ايران بأنشاء سدعليه في منطقة سن العباس عام 1959وتقلصت المياه الواصلة الى الاراضي العراقية وان معظم فروع نهر الكرخة داخل الاراضي العراقية (نعمة،نيسان، السابلة، الكسرة، الخرابة، عمود السيدية) قد جفت وكانت جميعها تصب في هور الحويزة مما تسبب في تغييربيئة المنطقة. .(3)
ط – نهر براوه سوتا(بناوة سوتا): كانت لرعايا الدولتين حقوق مشتركة فيه، حيث لكل منهما ثلاث سواقي تم حفرها منذ القدم وحسب تعامل قديم تم بموجبه توزيع المياه بالتساوي عام 1954، الا ان ايران قامت بسد احدى السواقي التي تغذي الاراضي العراقية وحفرت ساقية اخرى تغذي اراضيها، وهذا العمل تسبب في احداث اضرار بمزارع ضكم الاراضي العراقية ،والبالغة(250 )دونم.(4)
من الملاحظ ان معظم السدود والخزانات التي اقامتها ايران على الانهار النابعة من اراضيها بأتجاه الاراضي العراقية خلال خمسينيات وستينيات القرن الماضي ،وقد اثرت هذه السدود والخزانات بشكل كبير على مساحة الاراضي العراقية المزروعة كما اثرت على الاهوار وشط العرب.
(1)د.خالد العزي،مشكلة الانهارالحدودية المشتركة بين العراق وايران، ص40)
(2) د.محمدعبدالمجيدحسون الزبيدي،الامن المائي العراقي،ص168
(3) فلاح شاكر اسود،الحدودالعراقية الايرانية، ص80
(4) د.محمدعبدالمجيدحسون الزبيدي،الامن المائي العراقي،ص160
3- سياسة سوريا المائية وتأثيرها على العراق:
تعد معاهدة (سان ريمو 1920) بين الحلفاء بريطانيا وفرنسا وتركيا، أول اتفاقية نظمت قضايا المياه بين العراق وسوريا، وقد عقدتها بريطانيا المنتدبة على العراق وفرنسا المنتدبة على سوريا ونصت المادة الثالثة منها (على وجوب تشكيل لجنة مشتركة تقوم بدراسة أي مشروع تقوم به حكومة الانتداب الفرنسية في سوريا لمياه نهري دجلة والفرات ، وأعترفت بحق العراق بالأطلاع على اي مشروع تنفذه سوريا خوفا من حدوث نقصا في مياه النهرين).
وبما ان المعاهدة عقدت بين الدولتين المنتدبتين، فأن اثارها تلزم سوريا والعراق اللتين ورثتا هذه الاتفاقية بحسب قواعد التوارث الدولي. (1)
بعد ذلك تطرقت معاهدة لوزان ، تموز1923 في المادة (109) والتي عقدت بين بريطانيا وفرنسا وتركيا الى العلاقة والحقوق المكتسبة التي يجب المحافظة من اجل اتفاق يعقد بين الدول المعنية ، عند اعتماد النظام المائي في دولة ما ، كفتح قنوات او عمليات ري وغير ذلك من هذه الاعمال، فأنه يعقد اتفاق للمحافظة على المصالح والحقوق التي اكتسبها كل منهم .(2)
تم تناولت اتفاقية حلب في 3 اذار 1930 هذه العلاقة وعلى ضؤمعاهدة لوزان بشأن ترسيم الحدود عند مجرى النهرين بين تركيا وسوريا والعراق ، حيث نص الاتفاق على وضع قواعد لاستغلال مياه النهرين، وجاء فيه ضمنا اعتراف تركيا بأن نهر دجلة يعد نهرا دوليا حدوديا فاصلا لمسافة 44 كم بينها وبين سوريا، ومنذ ذلك الوقت اخذت سوريا تطالب بحقها في نهر دجلة.(3)
(1) د.عبدالحسين القطيفي، التوارث الدولي فيما يتعلق بالمعاهدات الدولية ،ص87
(2) د.محمدعبدالمجيدحسون الزبيدي،الامن المائي العراقي،ص181
(3) المصدر السابق
اهم المشاريع والسدود التي اقامتها سوريا
أ- في نهاية اربعينيات القرن الماضي أنشأت سوريا خزان على نهر الفرات عند مضيق يوسف باشا .
ب -في عام 1975 قامت سوريا ببناء سد الطبقة لأغراض الري وتوليد الطاقة الكهربائية.
ج- انشاء سد تشرين في نهاية خزان الطبقة باتجاه الحدود التركية.
د- ومن السدود المهمة التي اقامتها سوريا هو سد (البعث) لأجل تنظيم جريان مياه نهر الفرات من محطة سد الطبقة.
ه-نفذت سوريا مشاريع اروائية على روافد نهر الفرات ( حوض البليخ) واخرى في وادي الفرات الاوسط ، كما قامت سوريا ببناء سد كبير على نهر الفرات يسمح بتخزين المياه بحجم إجمالي قدره 11,9مليار متر مكعب ومحطة كهربائية بقوة 800 ألف كيلو واط.(1)
وبذلك بدأت كل من تركيا وسوريا بتنفيذ مشاريعها باستغلال مياه نهري دجلة والفرات دون مراعاة لحقوق العراق المكتسبة في مياه النهرين مما دفع العراق إلى السعي لإجراء مفاوضات وعقد اتفاقيات لتحديد الانتفاع بمياه النهرين بين الدول الثلاث، إلا أن جميع اللقاءات والمحاولات قد باءت بالفشل او لم تحقق النتيجة التي يطمح لها العراق.
منظمة المياه الأوروبية توقعت جفاف نهر دجلة بالكامل في سنة 2040، حيث يفقد النهر سنويًّا ما يعادل 33 مليار متر مكعب من مياهه، بسبب “السياسة المائية الحالية التي تتبعها تركيا”، وبالتالي فإن العراق وفي حال عدم تمكنه من إتمام اتفاقات دولية تضمن حصصه المائية بشكل كامل مقبل على (كارثة حقيقية) حسب منظمة المياه الاوربية ، هذه الكارثة ستلحق الضرر بملايين الدونمات الزراعية في البلاد، وهو ما يعني تحول العراق لجزء من صحراء البادية الغربية خلال مدة لن تتجاوز عام 2040. (2)
(1) د.محمدعبدالمجيدحسون الزبيدي،الامن المائي العراقي،ص185
(2) شعبان عبدالله سعيد، حقوق العراق وتركيا في نهري دجلة والفرات ص89
اضافة الى ماتقدم ،فأن من العوامل الاخرى التي زادت من مشاكل ومعوقات المياه في العراق، وجود خلل في السياسة المائية العراقية المطبقة، منذ تأسيس الدولة العراقية خلال عشرينيات القرن الماضي والى الان، حيث لم تقوم الحكومات المتعاقبه بدورها بالشكل المطلوب ولم تحقق مستلزمات الأمن المائي.
كذلك فأن العراق لم يستخدم سياسة صحيحة وحكيمة للتعامل مع ازمة المياه، ولاسيما في اثناء الري التي تسمى (الضائعات المائية المهدورة)، حيث يقدر المهدور(الضائع) من الماء نتيجة للتبخر والتسرب العميق بنحو(100) مليار متر مكعب سنويا، هذا فضلا عن كفاءة الاستعمال. المتدنية نتيجة طرق الري السطحي المستعملة (1)
ان شحة المياه في العراق ادت الى تزايد مساحات الاراضي غير الصالحة للزراعة بسبب الملوحة نتنيجة نقص المياه ،هذا النقص جاء نتيجة قلة الامطار والثلوج وتدني الايرادات المائية لنهري دجلة والفرات وكذلك العامل المناخي ، وسياسة دول الجوارالمائية وذلك من خلال قيامها بتنفيذ مشاريع الخزن والري من دون التشاور مع العراق، وهذا خلاف للمعاهدات والاتفاقيات التي عقدها العراق مع هذه الدول والتي تم التطرق اليها وذكرها خلال بحثنا هذا.
بموجب الاتفاقيات الموقعة بين العراق وسوريا وتركيا فأن حصة العراق وسورية من المياه (500م3) في الثانية وهو المتفق عليه عام 1987 الا ان تركيا لم تلتزم بهذه الحصة وقللتها الى حدود (120م3) في الثانية لأسباب قلة الامطار وارتفاع درجات الخرارة وانخفاض مناسب المياه في سد اتاتورك حسب مزاعم تركيا(2)
أن تركيا تنكرت لمعاهدة الصداقة وحسن الجوار الموقعة بينها وبين العراق عام 1946 والتي ألزم البروتوكول الأول منها الملحق بالمعاهدة على ان تركيا توافق على اطلاع العراق على أية مشاريع خاصة تقرر إنشائها على نهري دجلة والفرات أو روافدهما لتلافي الآثار والأضرار المحتملة لتلك المشاريع.
ولهذا فأن على العراق البحث عن الحلول اللازمة للمحافظة على ما هو متوافر من المخزون المائي الحالي لتحسين وضع الموارد المائية في الوقت الحاضر، وتأمين الماء للأجيال القادمة ، ويجب ان يؤخذ بنظر الاعتبار ترشيد استخدام المياه والحد من هدرها والمحافظة على نوعيتها بمختلف الوسائل ويجب وضع الخطط والبرامج الطموحة لدرء المخاطر والكوارث المحتملة على الموارد المائية الناجمة عن حالات قطع المياه.
(1) د.محمدعبدالمجيدحسون الزبيدي،الامن المائي العراقي،ص98
(2) جريدة الاصالة البغدادية، العدد91، السنة السادسة، احزيران،2010، بغداد
الفصل الثالث
المحور الاول :عرض الاستنتاجات
توصل البحث الى الاستناجات التالية:
1- تسعى التنمية المستدامة الى الحفاظ على المياه، وضمان إمدادها بشكلٍ كافٍ، واستخدامها بالشكل الأمثل في المجالات الصناعية والزراعية والريفية ومختلف الاستخدامات الاخرى.
2- ان التنمية المستدامة للموارد المائية في العراق اصبحت حالة ضرورية لابد منها وذلك من اجل تأمين الماء الصالح للاستخدام على مدى طويل بحيث يفي باحتياجات الحاضر والمستقبل.
3- ان العراق ليس بعيد عن ازمة المياه العالمية بل انه يعيش هذه الازمة بكل تفاصيلها لذلك اصبح من الضروري والاهمية البالغة وجود حلول سريعة جدا لتفادي ازمة المياه في البلاد .
4- على العراق البحث عن الحلول اللازمة للمحافظة على ما هو متوافر من المخزون المائي الحالي لتحسين وضع الموارد المائية في الوقت الحاضروالمستقبل.
5- أن أزمة الجفاف وتراجع مستويات المياه العذبة تعد واحدة من أهم الإشكاليات البيئية التي يواجهها العالم حالياً، وبالأخص في ظل تزايد حدة تداعيات التغير المناخي وارتفاع درجة حرارة الأرض.
6- ان الظروف التي مر بها العراق في السنوات الماضية أدت الى اهمال مؤشرات البيئة العراقية وجعلتها من اسوأ البيئات في العالم في مجالات الماء والهواء و التربة .
7- ترشيد استهلاك الماء من الطرق الأمثل للتنمية المستدامة للماء.
8- غياب الإطار القانوني الشامل للعلاقات المائية بين العراق والدول المشتركة معه في الانهر هو السبب الرئيسي في تفجّر مشكلة ازمة المياه في البلاد.
9- استناداً إلى المعطيات القانونية دولياً فهناك لوائح تنظم كمية وسعة المياه التي تمر بين الدول المتشاطئة ولا يوجد مبرر قانوني يسمح لتركيا أن تتحكم في المياه التي تنبع من أراضيها وتجري عبر دولاً أخرى والتصرف فيهاً طبقاً لمصالحها من دون مراعاة حقوق الدول الأخرى بعد أن ثبت وبموجب الاتفاقية الدولية الموقعة عام (1997) والخاصة باستخدام المجاري المائية الدولية.
10- يفقد نهر دجلة سنويًّا ما يعادل 33 مليار متر مكعب من مياهه، بسبب السياسة المائية الحالية التي تتبعها تركيا ، وهو ما يعني جفاف النهر بالكامل وتحول العراق لجزء من صحراء البادية الغربية خلال مدة لن تتجاوز عام 2040، وذلك حسب منظمة المياه الاوربية.
11- يعد نهرا دجلة والفرات نهرين دوليين حسب الاعراف والقوانين الدولية إذ يمران عبر أراضي دول ثلاث هي سوريا وتركيا والعراق،وهو عكس ادعاء تركيا بأنهما ليسا نهرين دوليين بالمعنى المتعارف عليه بل يندرجان في إطار ما يمكن اعتباره مياها عابرة للحدود، وهو ادعاء غير صحيح.
12- ان سد اليسو التركي سيحرم العراق من ثلث مساحة أراضيه الصالحة للزراعة، وبالتالي سيدفع بآلاف الفلاحين إلى ترك مهنهم الزراعية والاتجاه إلى المدن .
13- من اسباب شحة المياه زيادة عدد السكان وكثرة الطلب على المياه وزيادة التلوث المائي.
14- ان النزاع على المياه قد نشأ عند ارتباطه بالطموحات السياسية والاقتصادية للدول.
15- أدت أساليب الري والصرف التقليدية وغير المتّزنة إلى هدر كبير في بمصادر المياه.
16- شحة المياه في العراق ادت الى تزايد مساحات الاراضي غير الصالحة للزراعة بسبب الملوحة نتنيجة نقص المياه.
17- سياسة دول الجوارالمائية سبب رئيسي لأزمة المياه في العراق وذلك من خلال قيامها بتنفيذ مشاريع الخزن والري من دون التشاور مع العراق، وهذا خلاف للمعاهدات والاتفاقيات التي عقدها العراق مع هذه الدول.
18- وجود خلل في السياسة المائية العراقية المطبقة، منذ تأسيس الدولة العراقية خلال عشرينيات القرن الماضي والى الان، حيث لم تقوم الحكومات المتعاقبه بدورها بالشكل المطلوب ولم تحقق مستلزمات الأمن المائي.
19- أن تركيا تنكرت لمعاهدة الصداقة وحسن الجوار الموقعة بينها وبين العراق عام 1946 والتي يموجبها تكون تركيا ملزمة على اطلاع العراق على أية مشاريع خاصة تقرر إنشائها على نهري دجلة والفرات أو روافدهما لتلافي الآثار والأضرار المحتملة لتلك المشاريع.
20- قارة اسيا من أكثر قارات العالم استهلاكا للماء و تفوق استهلاكها على معدل الجريان.
المحور الثاني : التوصيات
1- على العراق ان يسعى الى تفعيل معاهدة (سان ريمو 1920) بين الحلفاء بريطانيا وفرنسا وتركيا، وهي أول اتفاقية نظمت قضايا المياه بين العراق وسوريا، وقد عقدتها بريطانيا المنتدبة على العراق وفرنسا المنتدبة على سوريا ، باعتبار ان المعاهدة عقدت بين الدولتين المنتدبتين، فأن اثارها تلزم سوريا والعراق اللتين ورثتا هذه الاتفاقية بحسب قواعد التوارث الدولي.
2- على العراق ان يسعى وبكل قوة الى تفعيل معاهدة لوزان في 24/7/1923، التي تلزم تركيا في المادة 109،بوجوب اخطار كل من سورية والعراق كلما رغبت في القيام بأعمال انشائية على دجلة والفرات.
3- يجب تفعيل اتفاقية حلب في 3 اذار 1930 هذه العلاقة وعلى ضؤمعاهدة لوزان بشأن ترسيم الحدود عند مجرى النهرين بين تركيا وسوريا والعراق ، حيث نص الاتفاق على وضع قواعد لاستغلال مياه النهرين، وجاء فيه ضمنا اعتراف تركيا بأن نهر دجلة يعد نهرا دوليا.
4- تفعيل معاهدة الصداقة وحسن الجوار الموقعة بين تركيا والعراق عام 1946 والتي ألزم البروتوكول الأول منها الملحق بالمعاهدة على ان تركيا توافق على اطلاع العراق على أية مشاريع خاصة تقرر إنشائها على نهري دجلة والفرات أو روافدهما لتلافي الآثار والأضرار المحتملة لتلك المشاريع.
5- عقد مؤتمر دولي في بغداد بحضور وفود من دول العالم وممثلين عن الامم المتحدة يتم خلاله طرح الاتفاقيات التي عقدها العراق مع تركيا ولم تلتزم بها وبالتالي تكون قضية تقاسم المياه مع تركيا قضية دولية.
6- ان تكون هناك برامج ومشاريع جادة لتحلية المياه المالحة.
المصادر
اولا:الكتب
1-د. منذر خدام، " الأمن المائي العربي: الواقع والتحديات"، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 2001
2-مجموعة مؤلفين،العرب وتركيا تحديات الحاضر ورهانات المستقبل،المركزالعربي للابحاث ودراسة
https://telegram.me/buratha