دراسات

الحكومة القادمة .. ولادة اقتصادية او موت سريري


فراس زوين /باحث اقتصادي 

شهد الشارع العراقي في السنوات التي أعقبت عام ٢٠٠٣ تطورات مهمة على المستوى المعاشي للمواطن، مكن كل العوائل العراقية من الحصول على الكثير من وسائل التواصل الإعلامية جعلتهم على اطلاع وتواصل مع بيئتهم المحلية الصغيرة، وعالمهم الخارجي الكبير، مثل اجهزة التلفاز والساتلايت والتي لم يعد أي بيت عراقي يكتفي بجهاز او جهازين منها وبمختلف الاحجام والتقنيات، ومارست هذه الأجهزة دورها بكل براعة لتنقل لنا الاحداث السياسية والأمنية والاقتصادية، مع تداعياتها وارهاصاتها على الواقع المعاش، ومع تعدد القنوات الإخبارية وتقاطع توجهاتها ومنطلقاتها وأهدافها لم يعد للحقيقة وجهاً واحداً، بل اصبح للحقيقة الإعلامية وجوه كثيرة تختلف باختلاف مصادر تمويل القنوات الناقلة للخبر السياسي او الاقتصادي. 

لقد ساهمت هذه القنوات من خلال تحليلاتها الاخبارية وبرامجها السياسية والاقتصادية، في نشر وتطوير الوعي الثقافي السياسي والاقتصادي والاجتماعي لملايين الناس، حيث مكنتهم من الاطلاع على الاحداث السياسية والاجتماعية والسياسية التي تعصف بالبلدان، وجعلت من الشارع عامل ضاغط ومشارك في صنع القرارات السياسية والاقتصادية . 

ان المواطن العراقي بعد مرور اكثر من ١٥ سنة من المشاهدات والمتابعات اليومية المستمرة من برامج التحليل ونشرات الاخبار والامسيات السياسية اصبح يعي تداعيات الأمور وتأثيراتها على الواقع الحياتي للبلاد، ولم يعد خافياً على ابسط الناس الفساد والتخبط وعدم الجدية في إدارة الملف الاقتصادي للبلد، بل ان المواطن العادي اصبح عالماً بالأسباب الموضوعية للمشاكل الاقتصادية، وعلى دراية بطرق الحل والمنهج الذي على الحكومة اتباعه اذا ارادت التعامل بواقعية مع الملف الاقتصادي، وبالرغم من اعداد الخبراء والباحثين الاقتصاديين والذين ملئوا الدنيا دراسة وتحليلاً عن أسباب التراجع الاقتصادي، وعن تصدعات سوق العمل المحلي تحت اقدام الاستيراد الخارجي، وعن تصاعد مستويات البطالة وتعاظم مستوى الطبقات المسوقة تحت خط الفقر، ومع كل الصراخ بضرورة مغادرة النهج الريعي للاقتصاد العراقي والبحث عن مصادر تمويل أخرى تحقق التنمية المستدامة، وتفعيل باقي القطاعات الإنتاجية وبالرغم من كل التحذيرات من تقلص حجم الإنتاج الزراعي والصناعي العراقي بحيث اصبح لا يرى بالعين المجردة، لاتزال الحلول كما عهدناها ترقيعية ووهمية، ان كان هناك من حلول اصلاً. 

ان الساحة السياسية العراقة اليوم تعاني الم المخاض العسير لولادة الحكومة الرابعة التي نأمل من كل قلوبنا ان لا يكون الوليد مخنوقاً بحبل المحاصصة السريري كما هو حال التجارب السابقة، وان نشهد ولادة حكومة اقتصادية واعية لواقع الازمات المحلية وبعيدة عن الشكل السياسي التقليدي الذي رافق كل الحكومات المتعاقبة، وان يأخذ التراجع الاقتصادي والمعيشي للمواطن النصيب الأكبر من حساباتها، وان تحمل في طياتها أفكار ورؤى واستراتيجيات لبناء القاعدة لاقتصادية التي لم يعد منها بد، اذ بلغ صبار الناس حدوده القصوى ، وان تسفر الأمور عن حكومة اقتصادية تعمل على دفع عجلة السياسة الى الامام بعد ان عجزت السياسة عن دفع عجلة الاقتصاد طوال هذه الفترة . 

ان المنطق والعقل السليم يوجب على السياسي العراقي ان يعيد حساباته جيداً، ويبدأ بقراءة موضوعية للمشهد العراقي المعقد، فأن المتابع للتطورات الأمنية التي رافقت احتجاجات البصرة الأخيرة والتي كانت الاخفاقات الاقتصادية احد أسبابها الرئيسية، يلاحظ نفاذ صبر المواطن، واستهانته بالعملية السياسية برمتها وعدم ثقته بمخرجاتها ووعودها، وان هذا النهج من اليأس ان استمر، وبهذا المستوى من تراجع الخط المعاشي للمواطن العراقي وتفاقم معدلات الفقر والبطالة، مع عدم التفات الحكومة القادمة لعظيم الخطر وضرورة الإسراع بالحلول الاقتصادية الحقيقية والواقعية، فأنه سيقودنا لامحالة الى مهاوي سحيقة قد لا يكون من الحكمة الوصول لها. 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك