دراسات

العراق والعقوبات الإقتصادية على إيران

2359 2018-08-11

ضياء المحسن

مما لا شك فيه أن الولايات المتحدة دأبت بعد سقوط الإتحاد السوفيتي، على معاقبة الدول التي لا تسير على نهجها، مستخدمة أساليب مختلفة، منها العسكرية والإقتصادية، في محاولة لتركيع هذه الدول للسير على وفق ما ترسمه الإدارة الأمريكية لهذا البلد أو ذاك، متجاهلة الأمم المتحدة، ضاربة بمواثيقها عرض الحائط، خاصة مع العرض بأن الولايات المتحدة تساهم في تمويل الأمم المتحدة بمبلغ كبير، وكثير من المنظمات التابعة للأمم المتحدة مقراتها في أمريكا، الأمر الذي تغض فيه الأمم المتحدة الطرف عن تصرفات الشرطي الأمريكي.

العقوبات الإقتصادية التي تفرضها الأمم المتحدة تستند الى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وبناء على موافقة مجلس الأمن الدولي، كون الدولة التي يتم وضعها ضمن هذا الفصل تشكل تهديد على السلم والأمن الدوليين.
في حالة إيران، نجد أن الولايات المتحدة تجاهلت الأمم المتحدة ومواثيقها، وحتى أنها تجاهلت مجلس الأمن الدولي، والتي هي عضو دائم فيه، وقررت أن تُوقع عليها عقوبات إقتصادية بحجة أنها ترعى الإرهاب الدولي، بالإضافة الى محاولة إمتلاكها للسلاح النووي، في وقت يتذكر جميع المراقبين للوضع السياسي أن إيران وقعت إتفاق مع المجموعة 5+1 فيما يتعلق بفتح منشأتها النووية وإخضاعها للمراقبة، مع موافقة المجموعة على مضي إيران في تخصيب اليورانيوم بنسب معينة وافق عليها المجتمعون، كل هذا حصل في عهد الرئيس الأمريكي باراك أوباما، وكان يعده بمثابة إنتصار له.
مع مجيء الرئيس ترامب الى البيت الأبيض، إختلف الوضع كليا مع وجود أيدي خفية تحاول الضغط على البيت الأبيض لنقض الإتفاق النووي وضرب إيران بحجة مساعدة المجموعات الإرهابية، وكان هذا بدفع من السعودية والإمارات اللتين دفعتا رشوة ضمن صفقة القرن تقدر بأكثر من 500 مليار دولار، وهو الأمر الذي جعل الرئيس الأمريكي يرضخ لضغوط هاتين الدولتين.
دخلت العقوبات الأمريكية على إيران موضع التطبيق شيئا فشيئا، من خلال الضغط على الشركات العاملة في مختلف القطاعات في إيران، ما حدا بتلك الشركات الى مغادرة الأراضي الإيرانية، ولم يكتفِ الرئيس ترامب بذلك، بل أنه هدد كل من يتعامل مع إيران بإيقاع عقوبات إقتصادية عليه، وهو الأمر الذي حدا برئيس الوزراء العراقي الى تنفيذ المقاطعة فعليا على إيران.
لسنا هنا نناقش تنفيذ المقاطعة من الجانب السياسي، فهو أمر ليس هذا محله، بل إننا نحاول مناقشة الأمر من الناحية الإقتصادية البحتة، من خلال طرح عدد من الأسئلة والإجابة عليها.
ماذا يستفيد العراق من مقاطعة إيران إقتصاديا؟
ما هي الأضرار التي سوف تلحق بالإقتصاد العراقي، فيما لو تم تطبيق العقوبات الإقتصادية.
أيهما أكثر ضررا على العراق، تطبيق العقوبات، أم عدم تطبيقها؟
قطعا لن يستفيد العراق من المقاطعة الإقتصادية لإيران، فلو نظرنا الى حجم التبادل التجاري بين العراق وإيران، نجد أنه يقترب من 18 مليار دولار سنويا، وهو رقم ليس بالهين، خاصة إذا ما علمنا أن أغلب إستيرادات العراق من المواد الغذائية والمحاصيل الزراعية تأتي عن طريق إيران، من ثم ليس هناك من بلد أو بلدان مجتمعة تستطيع أن تغطي حاجة السوق العراقية من هذه المحاصيل الزراعية، وفي هذه الحالة سوف يتعرض السوق العراقي الى هزة كبيرة نتيجة إرتفاع السلع الى معدلات كبيرة، وهو الأمر الذي يؤدي بالنتيجة الى إرتفاع معدلات التضخم التي هي مرتفعة بالأساس.
فيما يتعلق بالأضرار الإقتصادية على الإقتصاد العراقي، الأمر الأول هو إرتفاع أسعار المنتجات الغذائية والمحاصيل الزراعية لمعدلات لن تستطيع الدولة السيطرة عليها، بسبب عدم قدرة المعروض من السلع على مواجهة الطلب من قبل المواطن، وهو ما سيؤدي بالنتيجة الى إرتفاع معدلات التضخم، وإنخفاض قيمة الدينار العراقي أمام الدولار، ما ينتج عنه بالضرورة قيام أصحاب النفوس الضعيفة الى تهريب الدولار، وقد يؤدي حتى الى قيامهم بتزوير العملة المحلية.
نجد أن الضرر الأكبر هو في تطبيق العقوبات، ذلك لأن التعاملات العراقية مع البنوك الأمريكية محدودة، خاصة في الفترة القريبة والتي تستند في الأساس الى شراء سندات الخزينة الأمريكية، لأن العراق يبيع نفطه الأن لأوربا والهند والصين واليابان، بنسبة تزيد على ما يبيعه للشركات الأمريكية.
لم تكن الحكومة العراقية بشخص رئيس الوزراء موفقة في تطبيقها للعقوبات الأمريكية على إيران، ونجد أنها محاولة لكسب ود الجانب الأمريكي في الترشح لفترة ثانية، وهو الأمر الذي ينعكس عليه سلبا، خاصة مع وجود الفصائل المسلحة التي تدين بالفضل لإيران التي ساعدتها ووقفت الى جانبها في الحرب ضد الإرهاب وتخليص المدن العراقية من عصابات داعش الإرهابية، وهو الأمر الذي لم تأخذه في حساباتها الحكومة.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك