دراسات

أفكار في التخطيط الاستراتيجي ...بقلم: سعد الزيدي

3110 14:57:00 2012-10-09

 

 يُذكر أن احدى جزر الاطلنطي نزلها المستعمرون الفرنسيون وكانت جزيرة غناء  وقد ابتليت بكثرة القوارض التي كانت تلتهم النباتات وتعكر حياة السكان ففكر الفرنسيون بالقضاء على القوارض من خلال جلب القطط الى الجزيرة لتتكاثر فيها وقد نجحوا بالقضاء على القوارض لكنهم جابهوا مشكلة ثانية سببها انتشار القطط بأعداد كبيرة فكانت تفترس الدواجن وتأكل اللحوم في المنازل فجلبوا لها الكلاب لتتربى في هذه الجزيرة الواعدة من حيث المناخ والنباتات وتطارد القطط لتقضي على تأثيرها هنا ايضا نشأت مشاكل سببتها أعداد الكلاب السائبة ، وهكذا كانت المعضلة تحل بمشكلة ، كما يحدث في بلدنا الأن يستفاد من هذه القصة أن المعالجات الفرنسية لم تكن حلول جذرية استراتيجية مدروسة المقدمات والنتائج بل وقتية كأول ما يخطر ببال صاحب الحاجة وهو اعمى كما يقال وهذا صحيح الى حد بعيد  لكني هنا اشير الى دروس اخرى لم يلتفت ايها وهي أن التوفيق بين المخلوقات المتصارعة في طبيعتها أو ترويض هذه المخلوقات للعيش معاً هو الاخر ممكن الحصول فكيف بأبناء الجنس الواحد استفاد منها 

 

نحن في العراق منذ سقوط الصنم ولغاية هذا اليوم نشتكي التخبط في طرح مشاريع الحلول لمشاكلنا المشتركة وعلى كل الاصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية فلا طول الزمن تكفل بإيجاد الحل وانقذنا من حالة التخبط ولا طول الانتظار قرب لأمل ولا علاج مبتكر يلوح في الافق ولا عذر مقبول ! لكن تجمعنا قناعة بأننا سنصل الى الحل !! هذا الوصف لواقع متجسد يومياً لا تضخم  فيه و لا مبالغة كما أنه لا يأس معه !! هذه  حقيقة الماثلة أمامنا والتي يستشعرها كل عراقي ويحددها بنسب متفاوتة كل مُححل سياسي أو اجتماعي  نتلمسها في مكونات حياتنا الجماعية فمشاريعنا التي تتسم بالقصور والتقصير 0 ومناقشاتنا في مجلس الوزراء ومجلس البرلمان وكل اللقاءات المشتركة تتصف بالعناد وفقدان الثقة , كما أنه تتجسد في افعالنا العملية الرداءة ! ولذلك لا نتمكن وفق هذا المشهد دراسة مشاريع استراتيجية  ذات عمق في السياسة أو في الاقتصاد ولا  نتلمس تأثير ايجابي يدوم للمشروع المنجز سوا أن كان في حل مشكلة أو معالجة ازمة  فضلاً عن فشل الكثير منها ، والمشاريع الاقتصادية المنفذة أما طاقاتها التصميمية والفعلية  دون الاحتياج أو تحتاج الى مشاريع مكملة لها لم تكن قد تم التعرف عليها في حينه ، وقد ينقلب المشروع المنفذ الى الضد فهي عموماً من المشاريع البائسة والمتعثرة والتي تعتبر مشاريع تركيع  فلا عمران للأسس المدمرة ولا تطوير أو تحديث للتي تقادمت  والغريب أن أغلب مرافق حياتنا مهملة لا يشملها من الاعمار حتى التفكير , والأكثر غرابة  لا نجد تقارب في الرؤى أو تحديد واقعي للأسباب ,ثم  الكل يعرب عن عدم الرضا ويتحدث عن وجوب الاصلاح ولديه قناعة بالعمل على اساس المشتركات وينادي بالمصلحة العامة  ووحدة العراق والتوزيع العادل للثروات والاحتكام الى الدستور وغير ذلك مما ظاهره خير , في الوقت الذي نرى حتى ( الدستور ) يخترق كل يوم وهو قانون الدولة الاساس الذي يجب أن يحترم  بغض النضر عن كونه غير محصن ولا يعالج الموقف بل هو الاخر صورة لبعض هذا المشهد 0 أذن كفا الضحك على الذقون والخوف من قول الحقيقة  التي هي وراء كل هذا السلبيات التي تشكل السبب الرئيس لاستمرار حالة التخلف والتخبط  في كل القطاعات الحياتية   فضلاً عن استمرار حالة الارهاب باعتبارها تمثل حالة التطرف للبناء الثقافيي الضال والمنحرف للشخصية المعنوية اللإنسان الذي وراء هذا المشهد المأساوي ، أذن نحن ننتمي الى أكثر من مدرسة  او منهج ثقافي الذي يكون الضمير أو الارادة عبر عنه بما شئت فالبعض منا نتج من نوع مختلف أن لم يكن منحرف متضاد وهو يتحكم بكل جزئية من حياتنا فهذه حقيقة يعرفها القاصي والداني ، فمن نشاء فاسدا فبفساد مكونات بناء شخصيته المعنوية الثقافية  والعكس بالعكس 0

يتضح من هذا المشهد الغير مقبول و الصورة المشوشة لدى الجميع  أن ما يعتقده أو يقدمه هؤلاء الحكام المجتمعة اجسادهم والمتفرقة قلوبهم لم يكن صواب بل فاسد أصلا  بفساد النوايا مما يزيد في  تتراكم الواجبات والاستحقاقات وتحار ألعقول فتراهم يلجئون ويحاولون من خلال آليات أنية قديمة روتينية وليست مبتكرة من جنس المشكلة وجذرية حلول معضلات قديمة ومتداخلة ،فعند التفتيش عن أنجح الحلول الاقتصادية نستعين بالشركات الاستشارية ,ومن أجل أن نتقارب في الفكر نفتش في النظريات الاجتماعية المجتثة من فوق الارض أو ننقل تجارب الاخرين حرفياً  0و هذا يأتي بعد فوات الأوان ،ثم نكتشف أنه ليس بالحلول  ، أن حالة عدم التكامل في مراكز القرار العراقي وانتشار ظاهرة الفساد  فضلاً عن تزاحم المعضلات وعدم استحضار المستقبل في التخطيط  , كان ناتج للمعضلة الرئيسية وليست سبب وراء التخلف والمعانات  وحتى عقدة  كرسي الحكم  وتسلط المصابين بقصر النظر أو تولي  أذناب الحكم المباد أدارة مراكز القرار في الدولة العراقية, أو حالة عدم إعطاء التنازلات من طرف الى الاخر كل ذلك نتائج لنوع الوعي الثقافي 0

هنا يأتي السؤال العريض هل نتفرد بين بلدان العلم بهذا التنوع الثقافي القومي والديني والمذهبي وهل هو السبب في التقاطعات الثقافية وعدم التقارب وهو الذي يمنع  تفعيل المشتركات الانسانية  ! أذن هل يصلح العطار ما افسده الدهر !!!!وأين نجد الحل وما هي آلياته ؟

نعم أقولها بضرسٍ قاطع يُصلح العقل اللبيب ما افسده الاحمق وتتحقق القناعة التي تجمعنا بأننا شعب واحد ولديه قناعة بالعمل على اساس المشتركات وبأننا سنصل الى ألحل

 أن ايقاف حالة التدهور والتخريب والدمار للشخصية الانسانية العراقية والحضارة بشقيها المادي والروحي ،ثم عملية أعادة البناء  للمجتمع ومد الجسور بين المكونات وخلق الاجواء للعمل المشترك والمثمر وحصول حالة النجاح والتقدم التي يمكن قياسها وفق مقاييس العالم وليست بالتصريحات الاعلامية الدعائية  تأتي من تفعيل المشتركات وهي كثيرة لا نحتاج الى أن نفتش عنها وهذا هو ما  صلح به الاولون و آلياته هي الكف عن تغيب أو تعطيل دور المثقفون الفلاسفة المختصون الاستراتيجيون المخلصون ،وهم على قلتهم يشكلون لب المشتركات لأنهم ينظرون الى الحياة الانسانية بمنظار واحد فهم عناصر الفهم المشترك العميق لكل المكونات  وهم مادة البناء المشترك وارضية العيش المتكامل هذه الحقيقة المجربة في بلدان كان الاختلاف القومي والديني واضمحلال المشتركات فيها على اشد ،أما لماذا هو الحل الوحيد ولا يكون غيره كأن يذهب كل منا بعيد عن الاخر الى حيث تتطابق المشتركات أو تتقارب لأن التطابق مستحيل فهذا لم يكن في يوم من الايام حل انساني ومن هذا المستحيل جاء الحل ! وأرجو لا يتبادر الى اعتقاد البعض بأن هذا الاعتقاد يقلل من حرية الاختيار وديمقراطية الحكم ويدعوا الى المركزية المقيتة ويقلص دور الفدرالية ! لا ابدا أن هؤلاء الاستراتيجيون من مختلف الاختصاصات سوف يضعون المشاريع التي تسبطن اسس نجاحها فعلى سبيل المثال علماء الاجتماع والطبيعة سوف يحددون الصلاحيات والآليات التي تربط المركز بالمحافظات 0أن هؤلاء  يعرفهم انتاجهم الفكري ومواقفهم الانسانية  وليست يحددهم أو يرشحهم  رئيس القائمة الفلانية أو المحافظ الفلاني وتجدهم مجتمعون في نواديهم المشتركة , قد يعترض عليّ من يقول ببُعد هذا عن المنال وأن الذين يمسكون بزمام القيادة يستحوذون على القرار وأن بناء الشخصية فكرياً يستغرق عقود من الزمن أقول نعم ولذلك فأن خطابي موجه الى ابناء شعبي ليحسنون الاختيار القادم في ومن الحقائق الانسانية أن يتفاوتون الفلاسفة في المعتقدات والمدارس والمستويات أقول نعم لكن التطابق في المشتركات مستحيل واختلاف المدارس ضرورة انسانية والانسان اجتماعي بالطبع فلو لم يكن إلا هذه الحقائق لكفا ودليل ذلك فعندما كان البعض من أهل الفكر  موجود ابان سقوط الصنم كان التباين في الطرح الفكري قليل نتج منه كتابة الدستور قياسا 

توجه سماحة السيد عمار الحكيم في الفترة الاخيرة بمقترح مشروعين تنمويين الى المعنيين بالتنمية الشاملة والمهتمين بتوفير مقومات التنمية في ال عراق ضمن اختصاص المشاريع الاستراتيجية للتنمية ، ومقترح المشروعين المتكاملين يستند الى دراسة عميقة شاملة من حيث الاسباب وآليات التحقق ومقومات النجاح وهما معروضين على كل مراكز تهيئة القرار في الحكومة والبرلمان وأعني بهما (البصرة عاصمة اقتصادية للعراق وتأهيل محافظة ميسان )0 أن ثقافة الحروب والاهمال ولدت القبول بالواقع ونسيان التفكير في أخراج بلادنا من حالة التخلف بالاستفادة من النعم الالهية التي تزخر بها بلادنا , واستمرار هذا النهج رغم الزيادة الكبيرة في واردات النفط ورغم كثرة التنبيه سبب رئيس لعرض هذين المشروعين الذي يضاف الى جملة الاسباب الحاضرة لدى الحكيم والاهتمام المتواصل من قبل سماحة السيد الحكيم بهموم أهله ،هو أولاً استمرار المركز القيادي المتطور والاستثنائي للمجلس الاسلامي الاعلى الذي جعل منه أمل جماهير شعبنا ومحط انظارها في العمل الاستراتيجي سوى أن كان في العمل التحريري للعراق كما حصل آنذاك أو طرح المبادرات والمشاريع في شتى المجالات والحلول للمعضلات ، وثانياً الذين لا يروق لهم مشاهدة ابن البصرة أو ميسان وقد استعاد بعض من حقوقه رابعا القيادات العلياء الذين يتعاملون بروح البيروقراطية وخامسا لم نشهد دور فاعل للجامعات ومراكز البحث رغم وجودها في كل المحافظات   الدولة سادسا – محدودية فعاليات الحكومات المحلية  

يضاف لها بُعد حصول الاستقرار السياسي والامني تأشير الى مرور البلد في فترة مظلمة قد تطول فتعجل من حالة الرفض الشعبي للنظام القائم ودخول البلد من جديد في نفق الاحتمالات ومرحلة الانتظار فضلاً عن ما لا تحمد عقباه من الاحتمالات المخيفة 0 لأن التجارب العالمية تؤكد عندما تعجز الدوائر المسئولة بشكل مباشر عن الحلول الاستراتيجية لمعضلات البلد من طرح المبادرات والمشاريع يعني أقرت بالفشل وخلقت الاسباب الموجبة لاسبدالها , وأن الصمت المتبادل يعني الكثير من الضياع والتخبط في الحلول والانتظار بدون هدف،وبالتالي استمرار حالة التخلف واستفحال الجريمة بكل أنواعها وصعوبة السيطرة وضياع مفاتيح الحل وفوات الاوان في الوقت والثروة والمخاطر الخارجية وهذا عمليا فتح ابواب الجحيم ,ومن المسلم به  أن جرس الخطر قد قرع اكثر من مرة فلو اطلعت ميدانياً على محافظتي البصرة وميسان ودرست المكونات الاقتصادية والاجتماعية وعدت الى تاريخ المنطقة وعايشت معنات العراقيون هنلك ثم حملت ملاحظاتك الميدانية الى مختبرك ومكتبتك وجمعت حولك مستشاريك وكنت قد بيت حسن النية والتوكل على الله الذي لا يعجزه شيء وتخيلت عن المناطيقية والحزبية والطائفية فلا بد أن  يأخذ هذا النهج بيدك كما أخذ بيد السيد عمار الحكيم عندما يطرح علاجه للمعضلات التي تكبل مجتمعنا 0لأن رمي النظر الى ابعد من بين القدمين يفتح افاق يحصل بعد النظر وفتح المقفل من العقول تحصل التوعية والاصغاء الى اهل الاختصاص يحصل تصفير أو تقليص الاخطاء ويقرب وجهات النظر وبالتالي يرفع نسبة المشتركات ويسهل اتخاذ القرار ويقصر فترة تنفيذه

 

في الخدمات البلدية فأن عملية جمع النفايات لا تجعل البيئة نظيفة ما أن تطمر النفايات وطمر النفايات كذلك لا يعالج نظافئة البييئة ما أن يم فرز النفايات وتحويلها الى عدد من الانواع المفيدة  ولا يقتصر الحال على  النفايات بل مشكلة  كهرباء لم تحل بزيادة محطات التوليد فقط بل تظهر مشكلة نقل الكهرباء وماء ومجاري نعالج المركزية والدكتاتورية بالديمقراطية فيتولد بالفدرالية فيتولد الانفصال الحكم  أن ينتج التمدد على حساب الاخرين وتعارض في الصلاحيات 

 

3/5/1009 تح / علي عبد سلمان

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
شاعر الامه علي الميساري
2012-10-19
من يقره من يكتب ..... لو كان الكلام فيه نفع لما تجرء العمل بميزان ولو كان العمل غير ذي نفع ...لما كان الكلام من اجمل الالوان
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك