التقارير

إيران ترفع "راية القصاص الحمراء" لأول مرة منذ اغتيال سليماني!.. ما القصة؟


 

في مشهد مألوف في الثقافة الإيرانية، رفعت الجهات القائمة على جامع جمكران الشهير في مدينة قم جنوب العاصمة طهران "راية الانتقام الحمراء" فوق قبته الزرقاء، طلباً للثأر لضحايا تفجيري كرمان، وهو ما يرمز إلى واجب الانتقام.

وتزامنا مع تشييع الضحايا الذين بلغ عددهم 89 شخصا، تداولت الصحافة الفارسية، مشاهد لرفع "راية القصاص الحمراء" وذلك بعد 4 أعوام من رفعها عقب اغتيال القائد السابق لفيلق القدس الجنرال قاسم سليماني، الذي قضى في غارة أميركية على طريق مطار بغداد في يناير/كانون الثاني 2020.

من ناحيتها، سارعت بلدية طهران إلى استبدال الجدارية العملاقة في ساحة "ولي عصر" وسط العاصمة، ليتوسط اللوحة الجديدة شعار "الانتقام الصعب بإذن الله" على خلفية حمراء.

شعار الانتقام الصعب بإذن الله وسط جدارية ساحة وليعصر الشهيرة (الصحافة الإيرانية)

*إنذار ثأر

يعد الأحمر أحد ألوان الهوية الوطنية الإيرانية، ويرمز إلى القوة في القتال والشجاعة، وهو أحد ألوان العلم الإيراني، تحت اللونين: الأخضر الدال على الإسلام، والأبيض الذي يرمز إلى السلام.

وفي الثقافة الإيرانية القديمة، كانت ترفع الأعلام الحمراء فوق منازل أصحاب الدم، ولا تنزل إلا بعد الأخذ بالثأر، وخلال السنوات الماضية رفعت الرايات الحمراء في مسيرات تشييع رموز مقتولين "ظلماً" وفوق قباب المساجد والعتبات، إشارة إلى الحزن الوطني وواجب الانتقام.

ورغم أن السلطات دأبت -خلال السنوات الماضية- على رفع الراية المكتوب عليها "يا لثارات الحسين" عقب العمليات "الإرهابية" التي استهدفت أمن البلاد، للدلالة على عزمها الانتقام، لكن الخطوة الأخيرة قوبلت بتفاعل واسع لدى مشيعي الضحايا الذين هتفوا للانتقام من منفذي التفجيرين.

ويقرأ الباحث السياسي حسن هاني زاده مشهد التهديدات الرسمية والمطالبات الشعبية بالانتقام، بأنه "إنذار ثأر لا بد منه" مضيفا أن بلاده "سبق ونفذت عمليات عسكرية خلال السنوات القليلة الماضية ضد أهداف خارج الحدود، انتقاما لزعزعة أمنها الوطني، والقصاص ممن تسببوا في إراقة دماء الإيرانيين".

جهات ضالعة

ويؤكد هاني زاده أنه "بالرغم من تبني تنظيم (داعش) مسؤوليتها عن تفجيري كرمان، فإن السلطات الإيرانية لا تعير البيان اهتماما، ولا تفكر سوى بتصفية الحسابات مع محركي مثل هذه الجماعات الإرهابية" على حد تعبيره، واصفاً واشنطن وتل أبيب بأنهما "أكبر المتضررين جراء دعم طهران لفصائل المقاومة الفلسطينية".

ولدى إشارته إلى تطورات معركة طوفان الأقصى، واستهداف عدد من رموز وقوات محور المقاومة في سوريا ولبنان والعراق والبحر الأحمر، قال الباحث الإيراني إنه "لا يمكن قراءة تفجيري كرمان سوى في سياق مسلسل الاغتيالات والعمليات العسكرية في جغرافيا محور المقاومة".

ورأى هاني زاده أن "القيادات السياسية الأميركية سبق وكشفت عن دور بلادها في تشكيل الجماعات الإرهابية، وعلى رأسها داعش" مشيراً إلى أن "جماعة داعش لم تنفذ أي عمليات ضد المصالح الصهيوغربية فحسب، بل حتى لم تندد بالعدوان الإسرائيلي على غزة".

وخلص إلى أن "المعطيات والمعلومات الأمنية المتوفرة -لدى بلاده- تُظهر مساعي حثيثة تبذلها الولايات المتحدة طوال العامين الماضيين، لإعادة تأهيل جماعة داعش في المنطقة"، بحسب الجزيرة.

*ثنائية الرد والصمت

وبينما تجمع الأوساط الإيرانية على ضرورة الرد على الجهات التي تقف خلف تفجيري كرمان، للحد من تكرار مثل هذه العمليات الدامية داخل البلاد، يحذّر طيف من الإيرانيين من مغبة التورط في الرد المباشر على المصالح الأميركية والإسرائيلية.

وكثيرا ما أشارت التقديرات الإيرانية -خلال الأشهر الثلاثة الماضية- إلى أن تل أبيب تسعى لاستدراج طهران إلى معركة غزة، لوضعها في مواجهة الولايات المتحدة والحلف الأطلسي، لكن شريحة ثانية من الأوساط الإيرانية تعتقد أنه لا مفر من المواجهة، وتوجيه ضربات موجعة، لوقف مسلسل الاغتيالات والاستهدافات ضد إيران وحلفائها في المنطقة.

وعلى وقع الغليان الشعبي المطالب بالانتقام لضحايا تفجيري كرمان والتهديدات الرسمية بالثأر، فإن التفجيرين الأخيرين أحدثا "ثنائية الرد والصمت" داخل الأوساط الإيرانية، بين من يعقد مقاربة بين الرد المباشر واللعب وفق الإرادة الإسرائيلية، وبين آخرين يرون أن الصمت والتريث سوف يزيدان من الحنق الشعبي ضد السلطات الإيرانية.

*سيناريوهات محتملة

يذهب الباحث في معهد الشرق الأوسط للدراسات الإستراتيجية علي نجات إلى إن بلاده مضطرة لتحريك ساكن، انتقاماً لضحايا تفجيري كرمان، وهي على قناعة أن الرد المباشر لا يصب في صالحها في التوقيت الراهن.

ويرى أن حدود الرد الإيراني لا تتجاوز السيناريوهات الثلاثة أدناه:

*الرد المباشر من خلال استهداف مصالح أميركية وإسرائيلية في عقر داريهما، وهذا أضعف الاحتمالات.

*الرد المباشر من خلال استهداف مصالح جماعة تنظيم "داعش" أو مواقع أميركية أو إسرائيلية على أراضي دول أخرى، على غرار استهداف مقرات "إرهابية" في سوريا أو منطقة كردستان العراق خلال السنوات الماضية، وهذا خيار متاح أمام السلطات الإيرانية للتفاعل مع المطالب الشعبية بالانتقام.

*الرد عبر الحلفاء وهو أقوى الاحتمالات، وذلك من خلال التصعيد ضد مصالح الولايات المتحدة في العراق وسوريا، أو ضد إسرائيل عبر حزب الله في لبنان وجماعة الحوثي في اليمن.

وعلمت الجزيرة نت من مصدر إيراني مطلع (اشترط عدم ذكر اسمه) أن بلاده قررت تبني سياسة ذكية "تجنبها مسؤولية ما ستقوم به من جهة، واستعراض العضلات للرأي العام الإيراني من جهة أخرى، من خلال المناورة على الخسائر التي سوف تُمنى بها جبهة العدو"، وخلص إلى أن "الرد على تفجيري كرمان سيكون عبر الخاصرة الرخوة للعدو الإسرائيلي" دون الإدلاء بمزيد من التوضيحات.

 

وبين السيناريوهات المحتملة والقرار الذي يتحدث عنه هذا المصدر المطلع، فإن غالبية المواطنين الإيرانيين يترقبون ما ستؤول إليه الأمور بعد التفجيرين الأخيرين، في حين يراهن آخرون على ضعف الذاكرة الجماعية لدى المجتمع الذي شغلته همومه الاقتصادية عن تنفيذ الانتقام للحادث "الإرهابي" الذي استهدف مقام "شاه جراغ" الديني بمدينة شيراز الصيف الماضي.

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك