التقارير

توطين عيد الله الأكبر شعبيا

1046 2023-07-03

د.أمل الأسدي ||

 

يتصور  بعضهم أن عيد الله الأكبر(الغدير)  مناسبة خاصة بالشيعة كمذهب؛ والحقيقة أن هذا  العيد عيدٌ عالمي، ينطلق من التشيع بالمعنی القرآني وليس المذهبي، فالتشيع قرآنيا يعني الانحياز الی جهة الحق ونصرتها واتباعها، وهذا ما نجده متجسدا في كتاب الله وفي أغلب مواضعه التي تمثل نصرة الحق والدعوة إليه واتباعه، فجميع الأنبياء والمرسلين يشكّلون حركة الحق والدعوة إليه،  إذن نحن نتحدث عن مناسبةٍ يفرح بها جميع الخلق؛ لأنها تشكّل مظهرا من مظاهر ترسيخ الحق في العالم الإنساني؛ لذلك  كانت مفصلا مهما من  مفاصل  نصرة كلمة التوحيد وعملت علی استمراريته، وشكّل هذا العيد مرحلة ديمومة الدين وظهوره؛ لأن رسول الله الأعظم( صلی الله عليه وآله) عمل علی مرحلة التأسيس والترسيخ، وعمل أمير المؤمنين  الإمام علي وأبناؤه من بعده(عليهم السلام) علی الديمومة والظهور كما في  قوله تعالی ذلك:((هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ)) فالتأسيس والترسيخ عند رسول الله(صلی الله عليه وآله)  والديمومة والظهور عند أهل البيت(عليهم السلام).

ولعل بعضهم يتصور أن الحديث عن عيد الغدير ينبز بموقف بعض الصحابة في حقبة تأريخية مرت علی المسلمين، فيحوّل الفرح والسعادة والبهجة إلی  الهم والغم والتراشق الطائفي، في حين أنه ينبغي لكل نفس عاقلةٍ مُحبّة للتوحيد، مُحبّة للإسلام، مُحبّة للقرآن الكريم أن تفرح وتسعد وتفخر بأن الله (عز وجل) قال: ((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)) فكمال الدين يعني توحيد الله والدعوة الی  عبوديته وأن لا يدخل فيه شيءٌ ولايخرج منه شيء، وأيّ نقص يشار إليه؛ دليل علی أنه ليس من الدين بشيء، وإتمام النعمة دليل علی أن الله تعالی مستمر بعطائه ونعمه بناءً علی  الإيمان بهذا اليوم، فإن الله تعالی في  هذا العيد استرعی انتباه جميع خلقه من المُكلَّفين حين أمر رسوله الكريم أن يعلن عنه، وجعل إعلان  العيد موازيا للتبليغ بالرسالة.

إذن؛  نحن نتحدث عن يوم يدخل تحت طيات الإيمان به كل من دُعي إلی رسالة الرسول الأعظم(صلی الله عليه وآله) كما في قوله تعالی: ((يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ۖ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ۚ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ )) وقد أخذ هذا العيد تسميةً عقائدية شرعية تتناسب مع التوحيد والإسلام والقرآن الكريم وهي(عيد الله الأكبر) وكأنه مظلةٌ للموحدين يستظل تحت ظلها خلق الله، فكل شيء يضاف إلی لفظ الجلالة ؛ يكتسب صفة العموم كما هو الحال في( بيت الله، حرم الله...الخ) وبمقتضی هذا العموم يصبح التكليف بالعمل والإحياء واقعا علی المُكلَّفين جميعهم.

أما تسمية (عيد الغدير)  التي جاءت في نصوص كثيرة  فإنها ترتبط  بمكان الحدث الذي تم الإعلان فيه عن العيد، ولاتخلو هذه المفردة من دلالات عميقة تعبر عن الإرواء والحياة والنماء والرزق والاستمرار والاجتماع..الخ.

وما يهمنا هنا؛ هو الدعوة إلی إتمام مشروع العلامة  الأميني(رض) صاحب موسوعة (الغدير في الكتاب والسنة والأدب) فقد أحصی جميع الآيات التي يُستدل بها علی فضل الإمام علي وأهل بيته(عليهم السلام)، ثم أردفها بالاستدلال علی حديث الغدير ومصادره علی مستوی السند والمتن، ثم انتقل الی الأدب ووثق ما قيل في الغدير من  نصوص، وقد حققت هذه الموسوعة  غايات كثيرة للمثقف بصورة عامة، ولكننا نحتاج اليوم إلی توطين مبادئ عيد الله الأكبر وإشاعتها في أذهان الشباب وسلوكهم، أسوةً  بما عمله رسول لله الأعظم(صلی الله عليه وآله) وأمير المؤمنين وأهل بيته(عليهم السلام)، فقد أمر الرسول بالمباركة لأمير المؤمنين وبيعته، ليكون عملُ كلّ مبارِكٍ ومبايعٍ حجةً عليه، وأمر الشعراء أن ينظموا شعرا في  المناسبة.

أما الإمام علي(عليه السلام) فقد وافق ـ في زمانه- الجمعة والغدير فصلی بالناس صلاة العيد واكتفی بها عن الجمعة  ودعا الی الإنفاق والتوسعة علی العيال إذ ورد في خطبته: (...ومن فطّر مؤمنا في ليلته فكأنما فطّر فئاما وفئاما يعدّها بيده عشراً، فنهض ناهض فقال يا أمير المؤمنين، وما الفئام؟ قال : مائتا ألف نبي وصديق وشهيد فكيف بمن يكفل عدداً من المؤمنين والمؤمنات فأنا ضمينه على الله تعالى الأمان من الكفر والفقر ...).

أما عن توطين مبادئ الغديرـ الآن- فذلك يكون عبر وسائل عديدة، وبتمظهرات متنوعة ومن ذلك:

١- توظيف وسائل الإعلام المرئية والسمعية وغيرها في الدعوة الی التوطين وإظهار الفرح  والسرور في هذا اليوم.

٢- إقامة الندوات والمؤتمرات والمحاضرات  والمهرجانات في الجامعات والكليات والمعاهد والمراكز البحثية.

٣- تفعيل دور النقابات والاتحادات  والمنظمات غير الحكومية في إشاعة المحبة وتعزيز روح الإخوة وتقديم بعض الأعمال بمناسبة  عيد الله الأكبر.

٤- أن  تقوم الجهات المحتفية( مؤسسات وأفراد) بطباعة حكم أمير المؤمنين (ع) تحت شعار يرتبط بعيد الله الأكبر مثل(الغدير يجمعنا) أو (الغدير هويتنا) أو غيرها، مع توفير زي موحد لمواكب الاحتفاء.

٥- استثمار زيارة عيد الغدير في تقديم النصائح وبث الإيجابية وترك خطاب التقريع والتعالي علی الأبناء.

٦- نزول رجال الدين والنخب الأكاديمية وممثلي المؤسسات الدينية  الی الشارع، ومشاركة الناس أفراحهم وتوزيع الهدايا والحلوی بين الناس ولاسيما الأطفال؛ لأن ذلك يترك الأثر الإيجابي البالغ في نفوسهم.

٧- توظيف الفنون والآداب في إحياء المناسبة وذلك من خلال إقامة المهرجانات العامة التي تتسع لجموع غفيرة من الناس، مع ترك خطابات الندية والتراشق الطائفي،  وتكون المهرجانات تحت عنوان" الغدير يجمعنا"

٨-إطلاق مبادرة المسرح الجوال للأطفال الذي يقدم عروضا مسرحية( مسرح الدمی) ليرسخ عيد الغدير في أذهانهم ويحببهم فيه، ويحفظ هويتهم.

٩-  تسيير عجلات تحتفي بالغدير عن طريق الأناشيد المفرحة عبر مكبرات الصوت مع توزيع الحلوی علی الناس.

١٠- رفع هاشتاك في وسائل التواصل الاجتماعي تحت عنوان" الغدير يجمعنا" أو " الإمام علي  حبيب الإنسانية" أو غير ذلك من الشعارات المرتبطة بعيد الله الأكبر.

١٠- توجيه الحكومة للوزارت والمؤسسات بالاحتفاء بعيد الغدير،  هذا إذا  لم يتم إعلانه عطلة رسمية.

١١- إقامة مهرجانات وأسواق خيرية للأعمال اليدوية، تقدم أعمالا مرتبطة بالغدير.

ومن ثم ندعو عوائلنا الكريمة للاحتفاء بهذا اليوم وتمييزه، وندعو الی اجتماع الأُسر والأقارب وإظهار البهجة والسرور، وتبادل التهاني أسوةً برسول الله وأهل بيته(صلوات الله عليهم).

 

ـــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك