متابعةـ تبارك الراضي ||
خلال الايام الماضية، تصاعدت وبشكل لافت، نبرة تهديدات زعماء الكيان الاسرائيلي لايران، حتى ان القناة "12" في التلفزيون الإسرائيلي إستعرضت سيناريو الهجوم المحتمل الذي يمكن أن يشنه الكيان، مع او بدون أمريكا، على المنشآت النووية في إيران، وتناول السيناريو ادق تفاصيل الهجوم، وكذلك الموعد المفضل لتنفيذه.
هذه التهديدات ليست بالجديدة، فقبل ما يقارب العامين، وصلت التهديدات الاسرائيلية الى اقصى مدياتها ضد ايران ايضا، وذلك عندما هدد رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت، ان كيانه سيواجه إيران وحلفاءها في المنطقة، بغض النظر عما يحدث بين طهران والقوى العالمية فيما يخص ملف إيران النووي. وفي ذات الوقت ايضا، هدد وزير الحرب في الكيان الاسرائيلي حينها بيني غانتس، ايران قائلا ان "الجيش الاسرائيلي يقوم بتحديث خططه لمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية، وإن إسرائيل مستعدة للعمل".
أما رئيس أركان قوت الاحتلال أفيف كوخافي، فقال ان "الجيش يكثف استعداداته لهجوم محتمل على المنشآت النووية الإيرانية، وان الميزانية التي تمت الموافقة عليها، تجعل من الممكن التعامل مع مجموعة متنوعة من التهديدات".
اللافت ان التهديدات الاسرائيلية تزامنت حينها مع اخبار عقد اجتماعات بين ممثلي مجموعة 5+1 وايران، لبحث عودة امريكا الى الاتفاق النووي. فقد تعودنا على تزامن التهديدات الاسرائيلية ضد ايران، مع كل تطور او تطورات تشهدها المنطقة والعالم، يشعر الكيان الاسرائيلي بانها ليست في مصلحته، او انه تم تجاهله، او تُرك وحيدا.
حينها تجاهلت ايران تلك التهديدات ولم ترد عليها، لمعرفتها بخوائها وانها للاستهلاك المحلي، وانها موجهة الى الراعي الامريكي، اللافت ان الرد جاء من بعض زعماء الكيان الاسرائيلي انفسهم، حيث اكد رئيس وزراء الكيان الاسرائيلي الاسبق إيهود أولمرت، في لقاء مع صحيفة "معاريف" عام 2021 : أن كيانه لن يقدم على "شن حملة عسكرية شاملة" ضد إيران، وقال: ان "نهج بينيت لن ينجح.. ويبدو أن الحكومة الحالية تختار نهجا يهدف إلى إثبات أنها لا تتأخر عن موقف الحكومة السابقة (حكومة نتنياهو)".
وأوضح "أنه يعتقد منذ 10 سنوات أن رفع ميزانية الجيش للاستعداد إلى سيناريو الهجوم على إيران كان إهدارا لمليارات كثيرة من الدولارات، ولا أنصح بإنفاق الأموال على شيء لا توجد إمكانية لحدوثه، اسرائيل لن تشن حملة عسكرية شاملة ضد إيران. ان كل الاستعدادات والمناورات العسكرية التي تنفذها إسرائيل بدعوى التأهب لضرب إيران تهدف إلى إخافة الإدارة الأمريكية فحسب".
التهديدات الجديدة، التي تطلقها حكومة نتنياهو هذه الايام ، تزامنت ايضا مع تطورات ومتغيرات، جاءت على النقيض من اهدف سياسة الكيان الاسرائيلي في المنطقة، ومنها الاتفاق السعودي الإيراني، وما يقال عن وجود مفاوضات تجري بين ممثلين من ايران ومصر لاعادة العلاقات بينهما، وعودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، والعملية الفدائية في مجيدو، وتآكل قوة الردع الاسرائيلية بعد معركة "ثأر الاحرار"، والمناورات التي قام بها مقاتلو حزب الله في ذكرى الانتصار وتحرير الجنوب، وظهور مقاومة افزعت الكيان الاسرائيلي في الضفة الغربية، وكابوس وحدة الساحات، وآخرها رفض الرئيس الامريكي جو بايدن دعوة نتنياهو لزيارة واشنطن، واعلن بايدن عن ذلك صراحة.
"هل إسرائيل مستعدة للحرب؟"، هو عنوان تقرير صحيفة "ماكور ريشون" الإسرائيلية، جاء في جانب منه :" اصبحت ايران قوة إقليمية عظمى معترف بها، وتحالفاتها مع الصين وروسيا تثير قلقا، وعلاقاتها الجديدة مع بعض الدول العربية مزعج .. ان إسرائيل غير مستعدة لخطط حرب إيران، وهي منهمكة في أخبار الصحافة الصفراء".
اللافت ان السيناريو الذي استعرضته الصحافة الاسرائيلية حول الهجوم على ايران، اشار الى كل تفاصيل الهجوم، إلا انه لم يذكر ماذا سيكون رد فعل ايران على الهجوم؟، وهل ستعود الطائرات الاسرائيلية المهاجمة سالمة؟، وإن عادت بعضها سالمة، فهل ستجد مطارات تهبط فيها؟، بل هل ستبقى هناك مدن مثل تل ابيب وحيفا اصلا؟.
اذا كان حقا ان زعماء الكيان الاسرائيلي يخططون للهجوم على ايران، فلماذا يجهرون بذلك؟، ولماذا يكشفون عن مخططاتهم وبالتفصيل؟، من الواضح ان كل هذه التهديدات تستبطن خوفا قاتلا، وهو الخوف من كسر قواعد الاشتباك السائدة الان، من قبل محور المقاومة، الذي انتقل من الدفاع الى الهجوم، فيما انكفأ الكيان الاسرائيلي، الى الدفاع من الهجوم، ومن اجل التغطية على حالة العجز هذه، فلم يجد زعماء الكيان من وسيلة الا الصراخ بأعلى اصواتهم.
ايران ردت بطريقتها الخاصة على صراخ "اسرائيل" الهستيري، وذلك عبر كشفها النقاب عن صاروخها الباليستي من طراز "خيبر"، ويبلغ مداه ألفي كيلومتر، ورأسه الحربي يزن طنا ونصف طن من المتفجرات، وله ميزات تكتيكية عدة منها توفر نظام توجيه وتحكم في المرحلة الوسطى من مسيره والقدرة على التحكم في حالة الرأس الحربي وتصحيح مساره خارج الغلاف الجوي للأرض.وتم تزويده بتقنية متطورة تجعل أنظمة دفاع العدو غير قادرة على كشفه او اعتراضه، وبذلك اوصلت ايران رسالة قوية ردت فيها عمليا على تهديدات "اسرائيل" ولكن بدون صراخ.
يبدو ان رفع نبرة التهديدات ضد ايران من قبل زعماء الكيان الاسرائيلي، وبدلا من ان تخيف ايران، زرعت الخوف في الداخل الاسرائيلي!، الذي بات يعيش هاجس الخوف والقلق، وهو ما دفع الناطق باسم جيش الاحتلال لتهدئة روع الصهاينة، عبر القول: "صحيح ان الوضع الإقليمي مقلق، لكن التصريحات الأخيرة لا تدل على حرب على الأبواب في لبنان، أو على هجوم إسرائيلي قريب على إيران"!!.
مصدر : نقلا عن العالم
ــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha