التقارير

مونديال قطر يخنق الكيان ويعزله


د. مصطفى يوسف اللداوي ||   لم يكن يدور في خلد الكيان الصهيوني خلال السنوات الأربع الماضية التي تلت فوز قطر باستضافة مباريات كأس العالم في دورة 2022، أن المونديال سيكون لعنةً عليه ووبالاً على مستوطنيهم، وأنهم سيعانون فيه وسيعزلون، وسيكونون فيه غرباء وحيدين، وضيوف منبوذين ومقاطعين، بل مكروهين فلا يقترب منهم أو يرحب بهم أحد، ولا يفرح باستضافتهم أو الاستفادة من أموالهم أحد، وتتبرأ منهم الشعوب العربية وتنفر، ويرفض أبناؤها التعامل معهم أو الاقتراب منهم، ويعرضون صفحاً عن لقائهم، وقد كانوا يظنون أن المونديال في قطر سيكون لهم فرصةً للاختلاط بالمواطنين العرب والتعامل معهم، وسيستغلونه في كسر حواجز الرفض النفسي والعداء معهم، وسيتيح لهم الفرصة للتواصل المباشر مع المواطن العربي. لكن الحقيقة كانت عكس ذلك وأسوأ، فقد شعر الإسرائيليون بحجم الهوة بين الواقع الرسمي العربي والحقيقة الشعبية العربية، وبين القشرة الخارجية والمجاملات الرسمية وبين القلب الحقيقي والمواقف الصريحة، فقد وجدوا أن الأنظمة الرسمية العربية في وادٍ وشعوبها في وادٍ آخر، فهي تخطط لنفسها بعيداً عن شعوبها، وتعمل لمصالحها ولا تلفت إلى إرادة شعوبها، التي لا تصغي لها ولا تسمع، ولا تطيعها ولا تتبع، ولا تؤمن بسياستها ولا تخضع، وتصر بعالي الصوت وصريح العبارة أن الكيان الصيهوني عدوٌ للأمة العربية والإسلامية، وأنه لا مكان له بيننا ولا وجود له أصلاً في أرضنا، وأنه يجب أن يطرد منها ويستأصل من جذورها، ويشطب من خارطتها ولا يعود له اسمٌ فيها، بينما فلسطين هي الأصل، وهي التي يجب أن تعود وتسود، وأن تبقى وتعيش. شعر الإسرائيليون بالإحباط وذاقوا مرارة العزلة والحصار، وتجرعوا الإهانات المقصودة والشتائم المباشرة والتوبيخات القاسية، وأدركوا أن الموقف العربي الحقيقي هو ذلك الذي ترسمه الشعوب وتعبر عنه كلماتها، التي ترفض وجودهم وتصر على قتالهم حتى زوالهم، وأنها لا تخشاهم ولا تخاف من قوتهم، وأن اليقين لديها بالنصر ثابتٌ لا يضعف، وراسخٌ لا يتزعزع، وأنهم يصرون على مقاومتهم، ويرفضون الاعتراف بهم والتطبيع معهم، ويشعرون بعار التعامل معهم والاحتلاط فيهم.  أخذ الإسرائيليون الذين صفعتهم كلمات العرب في شوارع الدوحة، وقد أدركوا صلابة الموقف الشعبي وعمق العداء القومي والديني، يتوارون عن الأنظار، ويخفون معالمهم وينكرون حقيقتهم، ولا يكشفون عن هويتهم، ويظهرون بجنسيةٍ غير جنسيتهم، ويتحدثون لغةً غير لغتهم، ويزيلون كل العلامات الفارقة الدالة عليهم وعلى وسائلهم الإعلامية، وحاروا في البحث عن سياراتٍ تقلقهم، ومطاعم تستقبلهم، ومرشدين يرشدونهم، ومعاونين يساعدونهم في التصوير وإجراء المقابلات، وقد انتابهم الخوف على أنفسهم ومصالحهم، ودخل الروع إلى قلوبهم على كيانهم ومستقبلهم. يتغابى الكيان الصهيوني أم يظن أن الشعوب العربية غبية، أو كما يقول المثل العربي "ضربني وبكى وسبقني واشتكى، إذ في الوقت الذي يمنع فيه وسائل الإعلام الدولية والفلسطينية من نقل صور عدوانه ووحشية ممارساته ضد الفلسطينيين، ويطلق النار على الصحافيين والطواقم الإعلامية، ويقتل بعضهم ويصيب آخرين بجراحٍ ويصادر كاميراتهم ومعداتهم، فإنه يطالب قطر والفيفا بضمان حرية الإعلام الإسرائيلية، والسماح للصحافة الإسرائيلية بتغطية فعاليات المونديال وتسهيل عملهم ووضع العراقيل أمامهم، وتيسير استضافة المشاركين عرباً وأجانب ومحاورتهم، وعدم ممارسة التمييز العنصري ضدهم. أما الأمن القومي الإسرائيلي فقد اجتمع أعضاؤه على عجلٍ، وتدارسوا ما يتعرض له مستوطنوهم في قطر، فأبدوا استياءهم الشديد مما يحدث، وعبروا عن إحباطهم وخيبة أملهم، وقرروا تقديم شكوى إلى الفيفا ضد الممارسات التي يتعرض لها جمهورهم، والتضييق الذي يمارس عليهم، وكذلك أمروا بعثتهم المؤقتة في الدوحة، برفع شكوى عاجلة إلى وزارة الخارجية القطرية، ضد الممارسات العنصرية وسياسات التمييز الذي يتعرضون لها خلال مباريات المونديال. لم يخفِ رئيس حكومتهم المنصرف يائير لابيد الذي رعت حكومته التفاهمات الأخيرة مع حكومة قطر، ورئيس الحكومة المكلف بنيامين نتنياهو الذي يتطلع إلى المزيد من التطبيع والاعتراف العربي، مخاوفهم من سراب الاتفاقيات ووهم الزيارات وشحوب الابتسامات، فلا شيء يبشر بالأمن لهم، ولا يوجد ما يطمئنهم على مستقبلهم ومصالح كيانهم، ونسوا أنهم سبب الكره ومبرر العداء. عجيبٌ أمر هذا الكيان الصهيوني وقادته، يقتلون الشعب الفلسطيني ويحتلون أرضه، ويمارسون البطش والإرهاب المستمر ضده، ويعتدون على حرماته ومقدساته، وينتهكون حرمة المسجد الأقصى ويدنسون ساحاته، ويطلقون العنان لقطعان مستوطنيهم يجوسون كالثيران خلال المدن والبلدات العربية، يخربون ويدمرون ويقتلون ويعتقلون، ثم يريدون من الشعوب العربية أن تسكت على جرائمه، وأن تغض الطرف عن ممارساته، وأن تغفر له وتسامحه على كل ما ارتكب في حق الشعب الفلسطيني، وأن تبش له وتضحك، وأن ترحب به وتقبل، وأن تصدقه فيما يقول، وأن تقبل تبريراته وتتفهم دوافعه وحاجاته، وألا تصغي إلى الرواية الفلسطينية وتصدقها، وألا تؤمن بما تراه عيونها أو تسمعه آذانها.   بيروت في 28/11/2022 moustafa.leddawi@gmail.com
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك