التقارير

أيران وما يجري في العراق وفي لبنان .


                د.جواد الهنداوي ||

               سفير سابق /رئيس المركز العربي الاوربي                 للسياسات و تعزيز القدرات /بروكسل .                في ٢٠٢٢/١/١٣ .      حدثان بارزان ،من بين وقائع و احداث المنطقة ، يسترعيان  المتابعة و التحليل و الاستنتاج ، الاول في العراق ، والثاني في لبنان .       كلاهما سياسيّان و متزامنان ، و كلاهما يهّمان امريكا وحلفاءها في المنطقة ، وكذلك ايران .       الحدث الاول انتخابات العراق وما ترّتب عليها من نتائج و اختيار رئيس مجلس النواب و مساعي تشكيل الحكومة . لم يشهد الحدث ، حسب علمنا و متابعتنا ،تدخلاً ايرنياً مباشراً او غير مباشراً ، من اجل وحدة الكتل والاحزاب الشيعية ، وخاصة بين التكتل الصدري و الاطار التنسيقي ، و تهنئة السيد قاليباف ،رئيس البرلمان الايراني ،للسيد الحلبوسي ،تعني عدم استياء سياسي ايراني لما حصلْ ، وتأيدياً برلمانياً ، وتعني ايضاً رسالة ايرانية ايجابية للخطوات السياسية الدستورية القادمة ( اختيار رئيس الجمهورية واختيار رئيس الوزراء ) .       تهنئة السيد قاليباف هي رسالة لاطراف البيت الشيعي المتخاصمة : عدم استياء او عدم معارضة  لما اقدمَ عليه الصديق ( السيد مقتدى الصدر ) ، و دعوة الى الحليف بقبول الامر الواقع ،والتعامل معه ، واستخلاص العِبر و النتائج ، و ان في السياسة كّرٌ و فّر ، و مواجهة و احتواء ، ومصالح ومبادئ ، و خُدعة وذكاء وبصيرة و دهاء .      ثلاثة اسباب تُعلّل ابتعاد ايران عن ارهاصات هذا الحدث ،الذي يخّصُ المكوّن السياسي الشيعي .فما هي ؟         - الاتفاق النووي بين ايران و الغرب اهّم بكثير من حدث العراق ، واهّم مِنْ ذا الذي سيتولى رئاسة مجلس النواب العراقي او رئاسة الوزراء في العراق . ايران ،و بأبتعادها عن حدث العراق ،تُقّدمْ ، وبصورة ضمنيّة ، تجربة ملموسة ، للامريكين و للغرب ، بعدم التدخل ، ولكنها لاتناقش موضوع نفوذها في المنطقة . التدخل شئ والنفوذ شئ آخر . ويمكن ان يكون عدم التدخل في حدث ما و في وقت ما ، عاملاً مساعداً لتوسع النفوذ وليس انحساره ، والعكس صحيح.         المكُّون الشيعي و المؤسسات السياسية في العراق هي رافد واحد من روافد النفوذ الايراني في العراق ، علاقات ايران مع المكوّنات الاخرى ، والحدود المشتركة مع ايران ، والعلاقات الدينية و الاجتماعية ، والعلاقات الرسمية بين العراق وايران في مجال الاقتصاد و الجيش والحشد الشعبي والفصائل الاخرى ،جميعها روافد تؤسس لايران نفوذاً في العراق .       - لعل فشل المكوّن الشيعي في التوافق قبل الدخول الى قبّة البرلمان هو اول اثر سياسي على غياب الشهيد قاسم سليماني .الآن ، ليس للقيادة الايرانية في طهران ترف الوقت لاضاعته من اجل حلفاء او اصدقاء عجزوا عن  التوافق فيما بينهم . حال لسان الشارع الايراني يقول " كفانا مع العراق تضحية قاسم سليماني على طريق المطار " ، وبغدرٍ مِنْ أصدقاء العراق ( امريكا ) .      وما يهّمُ ايران ،في الوقت الحاضر ، أنْ لا ينجّر او لا ينزلق العراق نحو اقتتال اهلي ،لانّّ جغرافية العراق و استقراره هما جزء من الامن القومي الايراني ، وسياسة ايران تتسّمُ بالصبر الاستراتيجي ،مثلما قال الرئيس الاسبق للولايات المتحدة الامريكية ،السيد اوباما ،خلال حديثه لمجلة دي ادلنتيك قبيل مغادرته البيت الابيض ، وتتسّمُ ايضاً بالواقعية ،و الشاهد هو تعامل و تعاون ايران مع حكومة طالبان في افغانستان .      - مثلما جزِعت المملكة العربية السعودية من حلفائها و اصدقائها في لبنان ، ها هي ايران ايضاً تصل ،على ما اعتقد ، الى ذات الشعور ازاء اصدقاءها و حلفائها في العراق . صبر ايران ،على ما اعتقد ،لم يعد يطيق ، اخطاء و تقصير وفساد جهات و احزاب ، وشخصيات ، وفي نظر الشارع العراقي ، محسوبين عليها سياسياً و مذهبياً . ايران ستتركُ الحلفاء و الاصدقاء في العراق يتنافسون في التصريحات ،  ويختلفون و يتوافقون في المواقف ، ويحتكمون للقضاء او لتدخل المرجعية ، ولا تخشى على نفوذها في العراق ، فليس لدولة عربية او اقليمية او دولية نفوذ في العراق يوازي النفوذ الايراني، للآخرين اداور مهمة ولكنها مؤقتة و عابرة .  و تاريخ نفوذ ايران في العراق لم يبدأ عام ٢٠٠٣ ،عام سقوط النظام السياسي الصدامي ،وانما سادَ سلباً و ايجاباً  بحروب او بسلام وبوئام منذ خمسينيات القرن الماضي .      اكتبُ الآن عن الحدث الثاني الذي شهدهُ لبنان ،يوم ٢٠٢٢/١/١٢ ، بانعقاد مؤتمر او تجمّع المعارضة في الجزيرة العربية ، في الضاحية الجنوبية في بيروت ، وبرعاية حزب الله اللبناني .       جاء انعقاد المؤتمر تكريساً لخطاب السيد حسن نصر الله ،الذي القاه يوم ٢٠٢٢/١/١٠ ، والذي انتقد فيه المملكة العربية السعودية ، و وصفها بالداعم و الممّول للارهاب في العراق وفي سوريا وفي لبنان ، و الاعتداء على اليمن .      لم يكترث السيد حسن نصر الله ،في خطابه تجاه السعودية ،لا في اجواء النوايا الايرانية الايجابية تجاه العلاقة مع المملكة ، ولا في حرص  رئيس الوزراء اللبناني السيد نجيب ميقاتي على عدم ازعاج المملكة .      موقف حزب الله تجاه المملكة ، والذي جاء رداً على وصفها له بالارهاب ، يدّلُ على تحرر الحزب من ايّة املاءات تتعارض مع مصلحته و كرامته ومصلحة لبنان ؛ سواء كانت هذه الاملاءات من حليف كأيران او من جهات سياسيةً ورسمية لبنانية .       ارادَ الحزب بتبنيه مؤتمر للمعارضة  السعودية ،ان يوجّه رسالة لداخل لبنان ولخارج لبنان ،مفادها بأنَّ سوء الحال الاقتصادي و النقدي للبنان لن يُثنْ الحزب عن التشابك الاعلامي و السياسي مع ايّة جهة عربية او دولية تنالُ من سمعة و كرامة و مواقف الحزب .       وجدَ الحزب فرصة لجعل الاشتباك الاعلامي والسياسي بين الحزب و المملكة  ، بين خطاب للملك سلمان بن عبد العزيز و خطاب للسيد حسن نصر الله ، وليس بين المملكة ولبنان ، وليس بين صحيفة الشرق الاوسط السعودية وصحيفة الاخبار اللبنانية .       كيف تعامل الامريكان مع الحدثيّن في العراق و في لبنان ؟     كان تدخل امريكا في ما حدثَ في العراق تدخلاً غير مباشر ،ومن خلال حلفاء امريكا وخاصة الامارات و تركيا ، وكان دور هاتيّن الدولتيّن محدوداً على توحيد وتوجيه المكوّن السني . لم تكْ امريكا بحاجة الى مزيد من الجهد والمال لتوجيه البوصلة لضمان مصالحها، وتعزيز دور حلفائها في العراق ،لانها حققّت المُراد قبل الانتخابات باسقاط حكومة السيد عادل عبد المهدي و بزعزعة الصف الشيعي سياسياً و اجتماعياً .      لا لامريكا و لا لحلفائها حول او قوّة على حزب الله في لبنان ، لذا تجدُ لبنان ،دولةً وشعباً عرضة للرهان وللابتزاز في خبزه و وقوده و دواءه ، ومن خلال عقوبات على الشعب و الضعفاء وحماية امريكية للفاسديّن والمتواطئين في تجويع الشعب ونهب امواله .
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك