التقارير

الأسس الدستوريّة والشرعيّة لقرارات الرئيس التونسي


 

د . جواد الهنداوي *

                    

.وهل ممكن مقاربة التجربة مع لبنان او مع العراق ؟    

              نجحَ الرئيس التونسي قيس سعيّد في تثبيت قراراته الاستثنائية المُتخذّة بتاريخ ٢٠٢١/٧/٢٥ ، والتي قادت الى تجميد  سلطة مجلس نواب الشعب ، و أقالة  رئيس الوزراء ،  و أصدار اوامر رئاسيّة ،مُلزمة التنفيذ من قبل اجهزة الدولة .

            معيار او مؤشر النجاح هو الهدوء الذي يسود البلاد،  وغياب تظاهرات شعبيّة مناهضة او رافضة لتلك الاجراءات ، و استمرار تسيير العمل الاداري ، و عدم معارضة اغلب و اكبر الاحزاب السياسية للأجراءات ،بأستثناء حزب النهضّة ، وتأييد اغلب منظمات المجتمع المدني واتحاد نقابات العمال للأجراءات التي أتخذّها الرئيس ، كذلك تأييد مثقفين و نُخب .

       تدهور الاوضاع الاقتصادية ، وتدهور الوضع الصحي ، وفشل مواجهة الحكومة لتداعيات وباء كورونا ، و انتشار الفساد ، و اتهامات لاحزاب سياسية بتلقي اموال من الخارج وتبنيها لاجندات و برامج خارجية ، جميعها أسباب  قادتْ الرئيس الى أصدار وتبني قرارات تجميد سلطة مجلس نواب الشعب و أقالة الحكومة .

       اساسان ضمنا و كفلا قانونية وصحة اجراءات الرئيس التونسي . اساس دستوري مكتوب و آخر شرعي ، ضمني و غير مكتوب .

الاساس الدستوري هو نصَّ الفصل رقم ٨٠ من دستور الجمهورية التونسية لعام ٢٠١٤ ، والذي يجيز للرئيس اتخاذ مثل هذه التدابير " في حالة خطر داهم مهدد لأمن الوطن وكيان البلاد واستقلالها ". لم يعّرف الدستور التونسي مفهوم " الخطر الداهم ..." ، وتركَ امر تقديره الى رئيس الجمهورية ، و وفقاً ،بطبيعة الحال ، الى مُعطيات وحقائق و وقائع ، وبرأينا ،حسناً حسبَ الرئيس الامر و قدّره من حيث التوقيت و من حيث حجم و عدد الاخطار التي تواجه البلاد .

      لا يمكن وصف اجراءات الرئيس " بانقلاب " مثلما يدّعي معارضيه . اجراءاته تنّم عن اداءه لمسؤولياته الدستورية ،دون المساس بحرية الرأي و التعبير و العدالة .

      الاساس الشرعي ، الضمني و غير المكتوب ، لاجراءات الرئيس التونسي هو كون الرئيس مُنتخباً ، وبالاقتراع المباشر من قبل الشعب . الرئيس هو السلطة التنفيذيةالوحيدة المُنتخبة من قبل الشعب و المُمثل لارادة الشعب ، و هذا التمثيل يُضفي شرعية على اجراءاته والتي جاءت متطابقة مع الفصل رقم ٨٠ من الدستور . قرارات الرئيس مثلّت حقاً مطالب و ارادة الشعب ، وهذا ما يُفسّر هدوء الشارع و رضاه وعدم اعتراضهِ .

 ما يواجهه كل من العراق ولبنان من اخطار اكثر من تلك التي يعيشها ويواجهها الشعب التونسي ، و كلا البلدين شهدا احتجاجات و تظاهرات و اغتيالات ، وارتقى شهداء من اجل تغيير النظام ، و استقالت حكومات ، و تعالت مطالبات و نداءات بحلْ مجلس النواب ، ولكن لم ولن يسمحْ الدستور ، ،سواء في لبنان او في العراق ، لا لرئيس الجمهورية و لا لرئيس الوزراء باتخاذ اجراءات مشابه لتلك التي اتخذها الرئيس التونسي . كما أنَّ طبيعة  النظام السياسي في كلا البلدين ، و القائمة على التوافق ( في السرّاء و في الضّراء و حتى على مصلحة واهداف الشعب ) لن تسمح لا لرئيس الجمهورية و لا لرئيس الوزراء بالاقدام ، او حتى بالتفكير بمثل تلك الاجراءات التي اتخذها الرئيس التونسي . رئيس الجمهورية في لبنان ،كما هو حال نظيره في العراق يفتقران الى شرعية تمثيلهما المباشر لارادة الشعب ،كونهما غير منتخبين بالاقتراع المباشر من قبل الشعب .

    الدستور الاتحادي العراقي حدّدَ قدرات السلطة التنفيذية في اتخاذ قرارات سياسية ، حددها لصالح مجلس النواب ، والذي ماهو الاّ مجلس احزاب ، جُّلَ ما يستطيع فعله رئيس السلطة التنفيذية في العراق ، عندما يصبح البلد مُهدّدْ بالاخطار ، هو تقديم استقالته ، كما كان حال السيد عادل عبد المهدي ،رئيس الوزراء السابق .

 

*سفير سابق / رئيس المركز العربي الاوربي

                     للسياسات و تعزيز القدرات / بروكسل

                          في ٢٠٢١/٧/٣٠ .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك