التقارير

ابناء "ابو روية"..الموت عطشا!!


 

عبدالزهرة محمد الهنداوي ||

 

ابو روية، واحدة من اكبر القرى التابعة لناحية الخيرات، بقضاء الهندية من اعمال محافظة كربلاء المقدسة، وتسكنها عشيرة "گريط" ولهذه العشيرة صيت وتاريخ مشرّف، بدءاً من مشاركة ابنائها في ثورة العشرين، مرورا بانتفاضة "خان النص" عام ١٩٧٧، وانتفاضة اذار "الشعبانية" عام ١٩٩١، التي كادت ان تطيح بالنظام السابق، وصولا الى تلبية ابناء القرية لفتوى المرجعية الدينية حيث قدمت القرية الكثير من ابنائها شهداءً ضمن فصائل الحشد الشعبي، في الحرب ضد داعش الارهابي.

وتحتل قرية "ابوروية" موقعا ستراتيجيا، بين ثلاث محافظات (كربلاء- بابل- النجف)، مايجعلها تمثل مصدرا مهما من مصادر الانتاج الزراعي، للمحافظات الثلاث، وفعلا كانت القرية كذلك ، لانها تشتهر وتهتم بزراعة المحاصيل المهمة التي تمثل مكونات السلة الغذائية، وكان ابناؤها، ينعمون بحياة طيبة، وهم يمارسون مهنة اجدادهم ، في الزراعة، ولم تبخل عليهم ارضهم بخيرها الوفير، ولكن بين ليلة وضحاها، تغير الحال، وادبرت الحياة، ولم يعد لحياة ابناء "ابو روية" اي طعم، بعد ان جفت الانهار، وامحلت الارض، فمات الزرع، ونفقت الماشية، وبات هم الناس هناك، هو البحث عن  الماء بين طبقات الارض، فلجأوا الى حفر الابار مقابل  بمبالغ كبيرة، الا ان المياه التي استخرجوها من باطن الارض كانت مالحة وغير صالحة لا للاستهلاك البشري ولا الحيواني، ولا حتى الزراعي، الامر الذي  زاد من مأساتهم، الناشئة عن خطأ تسببت به وزارة الموارد المائية، التي لم تستطع معالجة المشكلة، فقبل نحو اكثر عشر سنوات، شرعت الوزارة بمشروع تبطين الانهر، لتقليل الضائعات، وكان "شط ابو روية" المعروف، احد الانهار المشمولة بعملية التبطين، التي تأخرت لعدة سنوات، كان خلالها الماء مقطوعا عن القرية بالكامل، وعندما انتهت العملية، واستبشر ابناء القرية خيرا، كانت الصدمة اشد، فعملية تبطين الشط بالكونكريت، كانت اعلى بكثير من مستوى  "شط ملّة" الذي يزوّد شط "ابو روية" بالمياه الواردة من الفرات "الهندية"، ومنذ ذلك الحين، وعشيرة "گريط" القاطنة على جانبي "شط ابو روية" لم تذق طعما للماء، وهي لا تبعد  عن نهر الفرات، سوى عدة كيلو مترات، فكان ما كان من عظيم المأساة.

لم يستسلم ابناء القرية للحال، بل مارسوا كل انواع الضغوط، من التظاهرات الى الاحتجاجات، الى التهديدات، الى الوساطات، الى الشكاوى والمقترحات، ولكن كل ذلك لم يغير من الحال شيئا، فالقرية، باتت تلفظ انفاسها الاخيرة، وبحاجة الى تدخل عاجل و طارئ لينقذها من الموت المحقق..

اليس غريبا ان تموت قرية بكاملها، عطشا، في بلاد وادي الرافدين؟!!

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك