التقارير

رسائل المرجع في لقاء البابا

2152 2021-03-09

 

عادل الجبوري ||

 

   ثلاثة ايام من الفعاليات الرسمية والجماهيرية المتواصلة لزعيم الفاتيكان البابا فرانسيس خلال زيارته التأريخية للعراق، التي شملت العاصمة بغداد والنجف الاشرف وذي قار واربيل ونينوى، حيث شهدت الكثير من الكلمات والاحاديث والخطب والتصريحات، وحظيت بأهتمام سياسي وديني واعلامي واسع جدا لا على الصعيد المحلي او الاقليمي فحسب، وانما على الصعيد العالمي. وقد بدا ذلك واضحا من حجم ردود الافعال والمواقف المرحبة بهذه الزيارة التأريخية التي جاءت في خضم ظروف واوضاع معقدة وشائكة وحساسة وحرجة يعيشها العالم من اقصاه الى اقصاه، الى جانب التغطيات الاعلامية المستمرة لها بصورة استثنائية غير مسبوقة.

   ولكن ما بدا وظهر واضحا الى حد كبير، هو ان لقاء بابا الفاتيكان بالمرجع الديني الكبير اية الله العظمى الامام السيد علي السيستاني، الذي دام مدة خمسة واربعين دقيقة، كان الحدث الاهم والابرز من كل برامج الزيارة، ولايحتاج تأكيد هذا الاستنتاج الى الكثير من البحث والتقصي والتدقيق والشرح والتفسير، فما تناولته مختلف وكالات الانباء العالمية والقنوات الفضائية الواسعة الانتشار، وغيرها من وسائل الاعلام المقروءة والمرئية والالكترونية عن لقاء البابا فرانسيس والامام السيستاني، عبر في جانب منه عن ابعاد ودلالات اجتماع زعامتين روحيتين عالميتين في مدينة النجف الاشرف، التي تمثل مركزا دينيا عالميا متميزا، حيث المرجعية الدينية والحوزة العلمية ومرقد امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام، وفي جانب اخر منه عكس طبيعة ومضمون وماهية الرسائل التي انطلقت من ذلك اللقاء التأريخي، وهي رسائل عميقة للغاية، اشرت الى اشكاليات الواقع القائم، والاخطاء والانحرافات الفاضحة والمؤلمة فيه، والتي تجلت وتبلورت عبر مظاهر الظلم والطغيان والاستبداد والفقر والحرمان والاضطهاد ضد العديد من الامم والشعوب المسلمة.

   فقد تطرق المرجع السيستاني الى ما يعانيه الكثيرون في مختلف البلدان من الظلم والقهر والفقر والاضطهاد الديني والفكري وكبت الحريات الاساسية وغياب العدالة الاجتماعية، لاسيما بعض شعوب المنطقة التي ترزح تحت نير الحروب والعنف والارهاب والحصار الاقتصادي وعمليات التهجير، ومن بينها الشعب الفلسطيني. وهذه اشارة واضحة من المرجع السيستاني برفض الاحتلال الصهيوني لفلسطين ورفض مشاريع التطبيع معه، ودعوة زعيم الفاتيكان الى تبني مواقف قوية وحازمة بهذا الخصوص، من خلال تأكيده على الدور الذي ينبغي ان تضطلع به الزعامات الدينية والروحية الكبيرة لوضع حد لهذه المآسي والويلات، فضلا عن التأكيد والتشديد على قيام القوى الدولية الكبرى بتغليب جانب العقل والحكمة ونبذ لغة الحرب والعدوان، وعدم التوسع في رعاية مصالحها الذاتية على حساب حقوق الشعوب في العيش بحرية وكرامة.

   ولاشك ان اية الله العظمى السيد السيستاني، شخص مكامن الخلل والضعف في منظومة العلاقات الدولية، وحقيقة الاسباب والعوامل والاطراف التي تقف وراء مختلف المشاكل والازمات التي تأن تحت وطأتها الكثير من الدول والشعوب، وهي غير مقتصرة على المسيحيين-كأقليات في الدول ذات الاغلبية المسلمة، وانما في جانب كبير منها تطال المسلمين في مجتمعاتهم الكبيرة، وكمكونات وجاليات في الدول غير المسلمة، ولعل الشواهد على ذلك كثيرة جدا، من الماضي البعيد والماضي القريب، وكذلك من الواقع الراهن، فماسي المسلمين في البوسنة والهرسك وكوسوفو مازالت حاضرة في الاذهان، وماسي المسلمين في ميانمار  لم تجف دمائها بعد، وغيرها ربما الكثير، ناهيك عن انتهاك الحريات الفردية والاساءة الى مقدسات المسلمين من قبل العديد من الاوساط السياسية والمحافل الفكرية ووسائل الاعلام في العالم الغربي، التي تتطلب مواقف رفض وادانة واضحة من قبل الزعامات الدينية المسيحية، كما تتعاطى الزعامات الدينية المسلمة ايجابيا مع الانتهاكات التي يتعرض لها المسيحيون وابناء الديانات الاخرى، وهو ما اشير اليه في بيان الفاتيكان حول لقاء البابا بالمرجع السيستاني، بالقول "ان اللقاء مثل فرصة للبابا لتقديم الشكر إلى آية الله العظمى السيستاني لأنه رفع صوته مع الطائفة الشيعية في مواجهة العنف والصعوبات الكبيرة في السنوات الأخيرة، دفاعا عن الأضعف والأكثر اضطهادا، مؤكدين قدسية الحياة البشرية وأهمية وحدة الشعب العراقي".

   وفي واقع الامر لايحتاج تطبيق قيم التسامح والتعايش، وتكريس مباديء الحق والعدل، ومواجهة الظلم والاستبداد الى الاستغراق بعقد المؤتمرات، وابرام الاتفاقيات والمعاهدات، وتوقيع الوثائق والمواثيق، بقدر ما تتطلب نوايا حسنة وارادات جادة ومواقف شجاعة، تشخص الخلل والخطأ، وتقف بوجه الظالم وتنصف المظلوم، ايا كان الدين والمعتقد والمذهب والعرق والقومية.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك