التقارير

الفوضى العلمية لاستهداف الحوزة..من أين ستبدأ؟


 

إيليا إمامي  Ailia Emame ||

 

·        ( كُتب هذا المقال للتنبيه على خطأ ما يقوم به بعض المحسوبين على المؤسسة الدينية الذين جعلوا من وسائل التواصل منبراً لطرح الأفكار التخصّصية خارج أروقتها العلمية )

 

يحكى أنه قبل مئات السنين وفد أحد علماء الحوزة على مدينة بعيدة .. وخلال وجوده فيها .. كان يلقي درسه على مجموعة من الطلبة .. وكان بينهم طالب حاد الذكاء سريع الفكرة .

كان الطالب لا يترك درساً يمر بدون مناقشة الأستاذ في آرائه .. وترتفع الأصوات ويحتدم النقاش بينهما .

وكان في براني ( مكتب ) ذلك العالم .. شخص يعمل في خدمة الطلاب وتقديم الشاي .. وكان من محبي العالم .. وكل يوم يرى هذا الطالب كيف يناقش الأستاذ ولا يسكت في درسه .

يوماً ما .. تأخر الطالب عن حضور درس الأستاذ .. فألقى الأستاذ درسه حتى النهاية بدون مقاطعة .. والخادم يراقب .

في اليوم التالي لم يحضر أيضاً .. فانتاب الاستاذ القلق .. وفي اليوم الثالث لم يستطع العالم أن يلقي درسه .. ووقف على باب الدار يحدق في الطريق عسى أن يرى تلميذه قادما .

جاء خادم البراني ووقف بجوار العالم وقال : ما الذي تنتظره يامولانا ؟ فقال العالم : أنتظر الطالب الغائب منذ ثلاثة أيام .

قال الخادم : تعني ذاك الذي يجادلك في الدرس ؟ فقال العالم : نعم .

فقال الخادم : إطمئن ياسيدي .. لن يتعدى هذا الوقح حدوده بعد اليوم .. ولن يزعجك في درسك.

فسأل : ماذا تعني ؟

رد الخادم : أعني أني كمنت له ياسيدي وضربته على رأسه فقتلته ودفنته .. و أرحتك منه  .

فلطم العالم على رأسه ووجهه .. وصرخ بذلك الأحمق .. أن هذا الطالب كان من أفضل طلابه .. وكان يعده ليرسله للنجف الأشرف عاصمة العلماء النوابغ !

 • شاهدي من هذه الحكاية _أيها القارئ الكريم _ أن الناس حتى الآن لاتعرف حدود الاختلاف وثقافة الحوار في الحوزة العلمية .. والأكثر أسفاً أن هناك أصوات محسوبة كرجال دين .. وهي لاتعرف هذه الثقافة .

 • بعبارة واضحة : من دخل الحوزة ليجرب حظه .. ووضع قطعة قماش على رأسه .. ثم خرج للعلن يتكلم عن التعددية العلمية في الحوزة .. فهو أحد قسمين :

 1. قسم يقول لك أن الحوزة دكتاتورية لاتسمح بتعدد الآراء ولهذا فأنا مضطر لمناقشة المسائل العلمية عبر النت .. أمام الجمهور .. فاعلم أنه ببساطة فاشل علمياً ولا يستطيع طرح آرائه في المحافل البحثية .. لأن مطبخ الخبراء في النجف لن يسمح لوجبة علمية واحدة أن تمر بدون فحص ومناقشة .. فيبرر لنفسه خداع عوام الناس ممن لايدققون بل يعجبهم أسلوبه فقط .. وشعارات عدم التصنيم وعدم التقديس الزائد !

وقد أسميت هذا الصنف في أحد المقالات السابقة ( فقهاء اليوتيوب )

 2. قسم على العكس .. يقول أن آراء العلماء مقدسة ولا يقبل بمناقشتها .. ويتهم أي بحث يفند آراء العلماء السابقين .. وهذا الأخر فاشل كصاحبه الأول .

أما الاعتدال .. والوجه المشرق للساحة العلمية في النجف .. فهي رائعة في مرونتها .. حية في تداولها .. تنافس كل جامعات الأرض _ ولا مبالغة _ في مدى استيعابها للآراء المختلفة .. تفتخر أنها غير محكومة بأي أزمة نفسية .. في تعاطيها من الأدلة .

فتجد اليوم .. أبناء السيد السيستاني يناقشون في بحوثهم آراء والدهم وربما يفندونها .. كما ناقش والدهم آراء أستاذه الخوئي واختلف معه كثيراً .. كما ناقش الخوئي آراء أستاذه النائيني وأختلف معه .. كما ناقش النائيني آراء أستاذه الخراساني واختلف معه .. وناقش الخراساني آراء أستاذه الأنصاري واختلف معه .. رغم كل القداسة التي كان يحملها الأنصاري حتى سمي ( الشيخ الأعظم ) وهكذا لو بقيت أعدد لك .. سنصل الى زمن الغيبة .. بل سندخل في زمن حضور المعصومين وكيف كان أصحابهم يختلفون علمياً .

 • خلاصة المقال : العراق خلال 16 سنة تعرض للكثير من الشبهات الفكرية .. والقادم أعظم .

 • ظهرت وستظهر الكثير من منصات اليوتيوب والفيسبوك البائسة .. التي يعتبر أصحابها أنفسهم علماء .. وما داموا بعيدين عن مختبر الحوزة سيمشي سوقهم بين أتباع الكاريزمات والمظاهر .

 • فالعلامة كل العلامة للتمييز بين الممتلئ والفارغ .. أن يطرح رأيه بين حلقات الدروس .. بين الشيبة أصحاب اللحى البيضاء والخبرة المتراكمة من المراجع والأساتذة  .. فإن صمد الرأى فهو العالم .. وإلا فليستمر بالتعلم .

 • وهذا الميزان ليس من جيب الكاتب .. تقول الرواية كما في الوسائل ( عن أحمد بن حاتم بن ماهويه قال: كتبت إليه - يعني أبا الحسن الثالث (عليه السلام) - أسأله عمن آخذ معالم ديني؟ وكتب أخوه أيضا بذلك، فكتب إليهما، فهمت ما ذكرتما، فاصمدا في دينكما على كل مسن في حبنا، وكل كثير القدم في أمرنا، فإنهما كافوكما إن شاء الله تعالى ).

ـــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك