التقارير

نظرة على حرب أرمينيا واذربيجان...

2601 2020-10-05

 

كندي الزهيري||

 

بدأت حرب أرمينيا وأذربيجان بعد الثورة الروسية. كانت هذه الحرب على شاكلة سلسلة "وحشية" من الهجمات يصعب فيها تصنيف الصراعات. حصلت الحرب بين الجمهوريتين عام 1918 ثم توقفت لمدة وعادت ما بين 1920 حتى عام 1922، أي بعد فترة وجيزة من استقلال جمهورية أرمينيا (1918-1920) ونفس الأمر بالنسبة لدولة أذربيجان. في الحقيقة لم يكن لمعظم الصراعات بين الدولتين نمط معين، وبالرغم من ذلك فقد تدخلت بعض القوى الأخرى على الخط مثل الإمبراطورية العثمانية والإمبراطورية البريطانية التي ساهمتا في الحرب بشكل غير مباشر. غادرت الإمبراطورية العثمانية المنطقة بعد هدنة مودروس أما النفوذ البريطاني فقد استمر حتى انسحبت  قوة دانستر عام 1920. اشترك المدنيون في الصراع؛ حيث شملت الحرب كل من محافظة سيونيك، جمهورية نخجوان الذاتية وحتى مرتفعات قرة باغ. هذا وتجدر الإشارة إلى أن السبب الرئيسي في ارتفاع الخسائر في صفوف المدنيين هو نهج جيش الدولتين لما يُعرف بتكتيك حرب العصابات .

الأسباب الكامنة وراء الصراع لا تزال بعيدة عن الحل بعد قرن من الزمان تقريبا، فالقصة هذه تحمل تصورات مختلفة جدا ووجهات نظر مغايرة تماما حسب كل رواية، ووفقا للمؤرخين الأرمن فإن الجمهورية الأرمنية ترغب في أن تشمل منطقة ناخيتشيفا المناطق الأساسية من البلد (شرق أرمينيا) وبالتحديد محافظة يريفان كما ترغب في تملك الأجزاء الشرقية والجنوبية من محافظة إليزابيثبول، وفي المقابل فأذربيجان ترفض كل هذه المعطيات وتُؤكد على سيادتها ووحدة أراضيها على كل تلك المناطق..

·        على ماذا يدور الصراع؟

السيطرة على منطقة ناغورني قره باغ الجبلية، ويسكنها ويسيطر عليها أغلبية أرمينية العرق، وتقع داخل الأراضي الأذربيجانية، وترتبط بأرمينيا عبر طريق سريع باهظ التكلفة. وهي منطقة تم عسكرتها إلى حد كبير، وقواتها مدعومة من أرمينيا، التي لديها تحالف أمني مع روسيا. وتدعي أذربيجان منذ وقت طويل أنها ستعيد السيطرة على الأراضي المعترف بها دوليا بوصفها أذربيجانية. أصبحت السيطرة على المنطقة نقطة ذات طابع قومي، وجودية تقريبا، وكبرياء في كلا البلدين.

·        لماذا اشتعلت الأحداث الآن؟

من غير الواضح ما الذي بدأ هذا التصعيد الأخير، إذ تقول أذربيجان إن أرمينيا استفزتهم بالعدوان. وتقول أرمينيا إن القوات الأذربيجانية هاجمت. وبدأت التوترات في التصاعد منذ  تموز الماضي عندما هزت الاشتباكات الحدود بين أرمينيا وأذربيجان لعدة أيام. وأسفرت تلك الاشتباكات عن مقتل 11 جنديا أذربيجانيا وأحد المدنيين، وفقا لما أعلنته أذربيجان، ودفعت عشرات الآلاف من المتظاهرين إلى الخروج في شوارع باكو، مطالبين بإعادة السيطرة على المنطقة.

" وتركيا" التي تسعى إلى تعزيز دورها الإقليمي وحليف الأذربيجانيين من العرقية التركمانية، كانت تقدم الدعم، ربما أيضا عسكريا، كما دعمت ادعاءات أذربيجان بصوت عال.

·        هل من المرجح أن تتصاعد إلى حرب شاملة؟

الإيقاع الطبيعي لهذا الصراع يُرجح أن الدبلوماسية ستتسارع لتهدئة البنادق بعد 48 ساعة من إراقة الدماء. ولكن هذا لم يحدث بعد، والعكس يتحول إلى واقع بشكل أسرع، إذ أعلنت أرمينيا الأحكام العرفية الأحد الماضي وقامت بتعبئة جميع قواتها، وتبعتها بالأحكام العرفية الأحد والتعبئة الجزئية للقوات يوم الاثنين.

وتقول باكو منذ وقت طويل إنها ستعيد السيطرة على المنطقة ولديها ثروات نفطية لإنفاقها على تحقيق تلك الغايات. الصراع مهمل وغير معروف جيدا في العالم الخارجي إلى حد أن البعض يتوقع أن يخرج عن السيطرة، مع تشتت واشنطن عن حشد قواها الدبلوماسية الكاملة لوقف ذلك الصراع، فمساعد وزير الخارجية الأمريكي دعا الجانبين إلى "وقف الأعمال العدائية فورا"، فيما قال  ترامب: "سنرى إن كان بوسعنا إيقافه".

·        لماذا تتعامل روسيا وتركيا مع الصراع؟

مرة أخرى، تجد تركيا وروسيا نفسيهما على جانبي خط المواجهة، مثلما في سوريا وليبيا، من أجل السيطرة على أجزاء من الشرق الأوسط أو القوقاز. وتركيا بشكل خاص فياضة في تشجيعها لأذربيجان، إذ قال الرئيس أردوغان على تويتر إن أرمينيا "أثبتت مرة أخرى أنها أكبر تهديد للسلام والاستقرار في المنطقة. ولا تزال الأمة التركية تقف أمام إخوانها وأخواتها الأذربيجانيين بكل الوسائل، كما فعلت دائما".

بينما كان الكرملين قوة أكثر هدوءا، حيث دعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان، إلى "بذل كل الجهود اللازمة لمنع التصعيد العسكري للمواجهة، والأهم من ذلك وقف العمليات العسكرية". ولكن موسكو داعم طويل الأمد لأرمينيا، في مجال الأسلحة والدبلوماسية، ومن غير المرجح أن تتسامح مع تركيا التي تفرض إرادتها في منطقة نفوذها السوفييتية السابقة، كما أن بوتين لديه علاقة طيبة بالرئيس الأذربيجاني إلهام علييف.

ولكن العداوة تُبنى، بالنظر إلى العنف المستمر في سوريا، حيث يضغط المقاتلون السوريون المدعوون من تركيا على حليف موسكو، النظام السوري. وتتزايد التوترات المماثلة في ليبيا، حيث تدعم تركيا الحكومة القائمة على طرابلس والمرتزقة السوريين، وقد أرسلت روسيا مرتزقة "واغنر"، وفقا لمسؤولين أمريكيين، لمساعدة القوات التي تسيطر على الشرق. ويبدو أن كلاً من موسكو تستغلان عدم اهتمام واشنطن بأن تكون القوة العظمى إقليميا، وناغورني قره باغ هي الساحة الأحدث...

·        ماذا يقول بقية العالم؟

الجميع يريد الهدوء لكن لا أحد على الخطوط الأمامية يستمع بعد. وقال حلف شمال الأطلسي (الناتو) إن على الجانبين أن يوقفا فورا الأعمال العدائية"، وإنه "لا يوجد حل عسكري لهذا الصراع". وطلب الاتحاد الأوروبي "الوقف الفوري للأعمال العدائية، ووقف التصعيد، والتقيد الصارم بوقف إطلاق النار" الذي نسقه فريق مينسك التابع لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا.

ولكن بعد 4 سنوات من قيام ترامب بفك ارتباط أمريكا بالعالم، أدت زيادة الثقة الروسية وجرأة تركيا الإقليمية إلى خلق ديناميكية جديدة يمكن فيها التخلص من المعايير القديمة. وحتى إذا نجحت الدبلوماسية فجأة في تعليق القتال في الساعات المقبلة، فإن النشاط الخطابي المتجدد من الجانبين سيشعل المواجهة من جديد  ...

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك