محمد صادق الحسيني||
إليكم القصة :
حادثة دمشق " فطير بالدماء البشرية "
من أبشع الجرائم التي ارتكبها اليهود في هذا المجال ، الجريمة النكراء التي وقعت في دمشق سنة ١٨٤٠ م ، وذهب ضحيتها الأب توما الكبوشي وخادمه المسلم ابراهيم عمارة علي يد جماعة من اليهود ، قامت بتصفية دمهما لصُنع فطير العيد "عيد الكبور" او يوم الغفران ..
أما وقائع الجريمة ، فقد كان الأب توما يمارس الطب في دمشق ، حيث يقوم بتطعيم السكان ضد مرض الجُدري والعناية بالمرضي ، حيث كان وباء الجُدري متفشياً ، وقد استقدمه حاخامات اليهود بحجة تطعيم اولادهم باللقاح المضاد للجُدري في حارة اليهود ، وهناك ، تم ذبحه ، وذبح خادمه ، وتم استصفاء دمهما للغايات المقدسة ..
وقد اشترك في هذة الجريمة النكراء ستة عشر يهودياً ، بينهم أربعة حاخامات هم : موسي أبو العافية ، يعقوب العنتابي(كبير حاخامات اليهود في الشام) ، موسي بيماد ، يهودا سلاميكي ، وأربعة من عائلة هراري هم : داود هراري ، هارون هراري ، إسحاق هراري، يوسف هراري ، وخادمهم مراد فتال ، وثلاثة من عائلة فارحي هم : مايير فارحي ، مراد فارحي ، يوسف فارحي ، والخمسة الباقون هم : سليمان سلوم(الحلاق) ، هارون اسلامبولي ، أصلان رفائيل ، إسحاق بيجوتو ، يوسف لينادو ..
وأثناء التحقيق يقول مراد فتال وقد فضح امرهم ، قد قاموا بتقييد الأب توما ، وقد وضعوا في فمه خرقة بيضاء، ثم قُذفا به الي الأرض واجتمعوا حوله ، واحضروا طبق (طشت) نحاس ، ووضعوا رقبة الأب توما فوق الطبق ، وقام مراد فارحي بذبحه ، وقام الباقون بتثبيت جذعه والإمساك به حتي لا يتحرك ، الي ان يُصفي دمه ، وبعد ذبحه بساعة واستصفاء دمه بالكامل ، قاموا بتقطيعه إرباً إرباً ، وقذفه في مياة النهر المالح ..
ثم حصل لخادم الأب توما "ابراهيم عمارة" نفس ما حصل لسيده بالتمام ، وتم إثبات الجريمة من خلال الوقائع التي كان من أهمها العثور علي عظام ولحم وطاقية الأب توما وشعره وشهادات الأطباء واعترافات المجرمين أنفسهم ..
أصدر الحاكم العام "شريف باشا" حكما بالإعدام علي العشرة الباقين ( توفي منهم اتنين اثناء التحقيقات ، وأربعة اعتبروا شهود إثبات بعد اعترافهم ) وصُدق الحُكم ، ولكن الحُكم لم ينفذ ، ولم يُعدم اليهود العشرة ، بل أُطلق سراحهم !!!
· كيف تم ذلك ؟؟
قام القنصل الفرنسي في دمشق بالتدخل وطلب من الحاكم العام شريف باشا تحويل الحُكم الي ابراهيم باشا القائد العام للجيوش المصرية في بلاد الشام ، للمصادقة علي الحُكم ، ثم وصل الي الإسكندرية محاميان يهوديان أوفدهما يهود أوروبا لإنقاذ بني جنسهم من حبل المشنقة وهما إسحاق كريميو (الفرنسي) و موسي مونتفيوري (البريطاني)
*راجع سلسلة رؤوس الشر علي الصفحة
حدثت فعلا.. وكل محاضرها ووقائعها محفوظة ومسجلة في المحكمة الشرعية في حلب وحماة ودمشق في عام 1840.. وقد حصل على نسخة منها المستشرق الفرنسى (شارل لوران).. ونشرها في كتاب باللغة الفرنسية بعنوان (فى حادث قتل الأب توما وخادمه ابراهيم عمارة).. وقد ترجمه إلى اللغة العربية الدكتور يوسف نصر الله ونشره في القاهرة في 16 سبتمبر عام 1898 فى يوم الجمعة 7 فبراير عام 1840
وصل المحاميان الي الإسكندرية ، واستطاعت ان يدفعا محمد علي باشا الي إصدار أوامره بالتوقف عن ملاحقة اليهود المُتهمين بقتل الأب توما وخادمه ، وأمر شريف باشا بإطلاق سراح اليهود المعتقلين ، ومنح الهاربين والمطلوبين الأمان ، وعودة الجميع الي أعمالهم ، وكأن شيئاً لم يكن ..
لقد خضع محمد علي باشا لضغوط سياسية دولية هائلة ، وخاصةً من فرنسا صديقته ، وبريطانيا ذات النفوذ العالمي في ذلك الوقت ، بالإضافة الي تحسن أوضاعه المالية ، فقد دُفع له "٦٠ الف كيس ذهبي ، و ٣٠٠ الف ليرة ذهبية ، فكان هذا -بالنسبة له- أكثر فائدة من إعدام اليهود العشرة .
https://telegram.me/buratha