الدكتور جواد الهنداوي .||
سفير سابق
رئيس المركز العربي الاوربي
للسياسات و تعزيز القدرات
بروكسل في ٢٠٢٠/٥/٣١.
ماهو قانون قيصر ؟
هو قانون أمريكي ،حظي بتصويت الأغلبية في مجلس النواب ،بتاريخ ١٥/ نوفمبر / ٢٠١٦ ، وصادق عليه مجلس الشيوخ الامريكي ، وبالأغلبية ،بتاريخ ٢٠١٩/١٢/١٧ ، و وقّع عليه الرئيس ترامب بعد بضعة أيام ، وسيدخل حيز التنفيذ والتطبيق في شهر حزيران القادم ،اي بعد أيام .
هدف القانون هو فرض عقوبات على أشخاص و هيئات و مؤوسسات تابعة للجمهورية العربية السورية ، وعلى كافة المؤوسسات والهئبات و الشخصيات الأجنبية التي تتعامل مع الحكومة السوريّة ، وعلى ايران و روسيا وكافة المؤوسسات التابعة لهما ، والتي تتعامل عسكرياً او اقتصاديا او اجتماعياً مع سوريا . القانون لايميّز ، في فرض العقوبات ، بين القطاع الخاص والقطاع الحكومي ؛ جميع من يتعامل مع دولة سوريا معّرض للعقوبات .
الأسباب الموجبة لهذا القانون الامريكي هو ، كما تدعّي الإدارة الامريكية ،حماية الشعب السوري ومصالحه و حقوقه . استندَ القانون على معلومات و وبيانات و احصائيات و صور عن تعرّض ألاف السوريين الى السجن والتعذيب والاضطهاد والقتل على يد قوات الامن السورية ،قدّمها عسكري سوري معارض و منشق .
علينا إذاً ان نقّدر درجة الثقة و المصداقية التي يتمتع بها هذا العسكري السوري المنشق، مصدر هذه المعلومات والبيانات ، لدى الإدارة الامريكية ، والتي اتخذت من معلوماته الشخصية اساساً لتشريع قانون أمريكي !
ولنا الحق أنْ نتساءل ... أَ بهذهِ السهولة و البساطة في الإجراءات ، و الثقة و المصداقية بمعلومات ،مصدرها اجنبي وليس أمريكي ، يتم سّنْ او تشريع القوانين الامريكية ؟ أمْ ان الامر دال على " طبخة سياسية " تتعلق بحصار دولة " سوريا " ، و يهون ، من اجل الهدف المرسوم ،كل شئ !
حاولت ، امريكا ، في البداية ، فرض معاقبة سوريا و حصارها ، من خلال قرار مُلزمْ و صادر من مجلس الامن ،ولكنها اصطدمت بالفيتو الروسي و الصيني ؛ فأستنجدتْ بقانون أمريكي و وسعّت من مساحة العقوبات ،فلمْ تعدْ تستهدف فقط سوريا وانما روسيا و ايران وكل دولة او جهة خاصة تتعامل مع سوريا .
سيناريو قانون قيصر ، والذي شرّعه الامريكان بالاعتماد على معلومات ،قُدّمتْ من عسكري سوري منشق ،يذّكرنا " بكذبة " اسلحة الدمار الشامل في ملف العراق ،والتي اعتمدها الامريكان حجّة و ذريعة لاحتلال العراق .
القانون يُسمّي سوريا وإيران وروسيا كمستهدفين أساسيين بالحصار وبالعقوبات ، ولكنه يستهدف الدول العربية جميعها ، والتي تتعامل او سوف تتعامل
مع سوريا ؛ يتعامل ويتفاعل العراق مع سوريا اقتصادياً و أمنياً في محاربة الإرهاب . هل سيتعرض الى العقوبات بموجب قانون قيصر ، وهو ( واقصد العراق )مقبل على مفاوضات في شهر حزيران ،مع الامريكان لابرام اتفاق استراتيجي جديد ؟ . لبنان ،البلد المحاصر اصلاً باجراءات امريكية نقدية صارمة ، وهو امتداد جغرافي واجتماعي و اقتصادي لسوريا ، وتحسّن اقتصاده يمرّ عبر الانفتاح الحدودي والتعاون الاقتصادي مع سوريا ،هل يحظى باعفاء من تطبيق قانون قيصر ؟ لا اتوقّع . دولة الامارات العربية المتحدة ، والتي بدأت بانفتاح دبلوماسي واقتصادي متواضع مع سوريا ،هل ستشمل بعقوبات قيصر اذا لم تتوقف في انفتاحها تجاه سوريا ؟ ستجدُ المملكة العربية السعودية أنَّ من مصلحتها الاستراتيجية الانفتاح والتفاهم مع سوريا لوقف الزحف التركي على المنطقة ، قانون قيصر سيحول دون تفكير المملكة بذلك !
القانون إذاً يستهدف امن و استقرار وتطور وتنمية العرب و المنطقة ،يسعى الى اضعافهما وتدميرهما لمصلحة اسرائيل .
عنوان قانون قيصر حماية مصالح و حقوق الشعب السوري ! ولكن ، وفقاً للقانون ،إنهاء الاحتلال التركي للأراضي السورية ليس من مصلحة الشعب السوري ! و محاربة الإرهاب في ادلب ليس من مصلحة الشعب السوري ! و إيقاف سرقة النفط من شرق سوريا و من قبل فصائل امريكية مسلحّة ليس من مصلحة الشعب السوري ! و طرد الامريكيين من الأراضي السورية ليس من مصلحة الشعب السوري !
لمْ يكْ توقيت إرسال ايران لناقلات النفط الى فنزويلا دون علاقة بقرب تطبيق قانون قيصر .ايران أستبقت تداعيات تطبيق القانون عليها وعلى روسيا وعلى سوريا !
رسالة ايران واضحة و مفادها ؛ أنَّ القانون الامريكي
القادم لم و لن يحول دون إرادة و قدرة ايران بافشال القانون قبل تطبيقه ، وأنَّ ايران ماضية في تخطي و تجاوز إجراءات الحصار والعقوبات المفروضة والتي ستفرض على سوريا و فنزويلا وربما اليمن قريباً !
ايران تعني ،في رسالتها ، روسيا ايضاً ، والتي تنتظر عقوبات قانون قيصر ! مفاد رسالة ايران الى روسيا هو تحفيز روسيا الى كسر قواعد الحصار الامريكي الذي يُفرضْ هنا و هناك . أيران ،دولة إقليمية كبرى ، ستكون بعملها تجاه فنزويلا و عملها تجاه سوريا ، نموذج لروسيا ،دولة عظمى وعضواً في مجلس الامن .
ايران ماضية ،اكثر من اي وقت ،في استراتيجية التحدي و التصدي . تستبق الاسوأ القادم من امريكا و تتصدى له دون أنْ تنتظره ، ولن يبقْ لديها ما تخسره مع امريكا ، وتغتنم حراجة الموقف الذي يعيشه الرئيس ترامب ؛ وباء كورونا ،مشاكل اقتصادية ،انتخابات قادمة ،الرئيس ترامب وإداراته اليوم هم اكثر من حال " بطّة عرجاء "