التقارير

اسرائيل والمنطقة: صراع وجود ام نزاع حدود ؟!  


د . جواد الهنداوي* ||           

                 

          السؤال باقٍ و يتكرر على مّر العقود ، ولكنه كانَ ( واقصد السؤال ) بصيغة " اسرائيل والعرب : صراع وجود ام نزاع حدود "  ، وكأنَّ مغزى السؤال بنسختهِ الأصلية هو بقاء اسرائيل ! لم تظّنْ السيدة فيروز ،  في أنشودتها التاريخية ،بعنوان أجراس العودة بانّّ الأجراس   سيقرعها العرب،  للعودة ، ليس الى القدس ،ليس الى فلسطين وانما الى اسرائيل من خلال الاعتراف بها و التنافس للتطبيع معها  .

       الصراع او النزاع لم يُعدْ بين العرب واسرائيل ، وانما بين المنطقة و اسرائيل :بين ايران و اسرائيل ،بين حركات المقاومة في فلسطين و في لبنان وفي سوريا وفي اليمن وفي العراق و اسرائيل ، بين شعوب المنطقة و اسرائيل . 

     لماذا فَشِلَ العرب في تعاملهم  مع  اسرائيل ؟ 

     فشلوا في حروبهم و فشلوا في سلامهم لماذا ؟

    فَشِلَ العرب لانهّم ظنوا بأنَّ مشكلتهم مع اسرائيل هي فلسطين ! والدليل على حُسنْ ظنهم هاهم يتخلصون من فلسطين و يرفعون شعارات " فلسطين ليس قضيتي " ، ولو كان الامر بيدهم ، و حصلوا على موافقة اسرائيل لرميوا الشعب الفلسطيني في البحر .

   تبيّن بعد عقود من الزمن بأنَّ مشكلة العرب ليس اسرائيل وانماّ فلسطين . كنتُ راصداً لهذا الاستنتاج ، و أشهرت به حين كتبتُ عن القمة العربية التي انعقدت في الأردن عام ٢٠١٧ مقال بعنوان واضح و فصيح و دالٌ وهو " قمة حل القضية الاسرائيلية "  وفحوى المقال تصفية القضية الفلسطينية والتطبيع .

   فَشِلَ ايضاً العرب لانهم خُدعوا بكذبة السلام مع اسرائيل ، و اعتقدوا بأنَّ اسرائيل تبحث عن السلام ، فذهبوا في الطريق ومعهم اهل القضية ( السلطة الفلسطينية ) و وصلوا وتيقنوا و معهم اهل القضية بأنَّ جميع الأبواب موصدة ، ولليوم ينتظرون في نهاية الطريق قرب الأبواب الموصدة ، و اسرائيل في النهاية الاخرى من الطريق تمضي لتقضم المزيد من الأراضي .

   هكذا تكون خاتمة الأعمال التي تبدأ بدون رؤية و بدون فكرْ .

      مشكلتنا عرب  ( دولاً وشعوباً ) ومنطقة  مع اسرائيل ليس فقط احتلالها لفلسطين ، وانماّ برنامجها الاحتلالي و التوسعي في المنطقة . شعار و عقيدة اسرائيل ان تمتدْ و تتوسعْ لتصبح حدودها الجغرافية  من الفرات الى النيل . و لا حدود لفكرها الصهيوني و الارهابي و الإجرامي ، مارست وتمارس الاغتيالات و العمليات الإرهابية في كل بقاء العالم  . لم يطالب الفلسطينيون و لا احد من العرب اسرائيل بإلغاء هذا المبدأ (الحدود من الفرات الى النيل ) ، كشرط للسلام مع اسرائيل . في حين ان اسرائيل اشترطت على الفلسطينيين ،خلال مباحثات أوسلو السرّية عام ١٩٩١ والعلنية عام ١٩٩٣ بالتخلي عن شرط تحرير كامل التراب الفلسطيني والتخلص من الكيان الاسرائيلي قبل إبرام اتفاق سلام .

      اسرائيل الآن مقبلة على ضم أراضي من الضفة الغربية و من غور الأردن ، وتدرك بأنَّ الزمن لصالحها مع العرب ، ولكن همّها ايران و المقاومة ،لذا فالصراع لم يعد عربي اسرائيلي ، وانّما بين المنطقة و اسرائيل .

     اسرائيل لا تريد السلام دون إنْ تهيمن على المنطقة و تضمن استمرار توسّعها الجغرافي ، السلام يعني لاسرائيل بانها ستعيش  دون حركة ،دون توسّع . لذلك ، لم تتقدمْ اسرائيل بمبادرة سلام مقبولة مع العرب . العرب هُمْ من طرحوا مبادرات سلام ( مبادرة السلام السعودية عام ٢٠٠٢ ،خلال اجتماع القمة العربية في بيروت ) ،  و همْ من سافروا الى اسرائيل يرجوها باتفاق ثنائي وبسلام جزئي وصوري ( زيارة السادات الى اسرائيل عام ١٩٧٧.) . لم ولن تقبلْ اسرائيل باتفاقية سلام مع العرب ، و إنْ قبلتْ ، وبعد مفاوضات عسيرة فهي تراوغ ولا تنفّذ التزاماتها .

  لم يستفهم الإعلام العربي المسؤول ، و لا المثقف العربي المسؤول لتحليل و تفسير جهود اسرائيل  و مسعاها عام ٢٠١٩ لابرام اتفاقيات عدم اعتداء بينها وبين الدول الخليجية  ، و معرفة الأسباب لذلك ، لاسيما لم ْ تكْ بين اسرائيل والدول الخليجية سوابق اعتداء او بوادر توتر او خشيّة حرب تشنهّا الدول الخليجية على اسرائيل ! بيدَ أنَّ للمسعى الاسرائيلي والمدعوم امريكياً حينها دلالته و أهدافه . ماهي تلك الأهداف ؟

       كانت نيّة  اسرائيل هو إبرام اتفاقات دفاع مشترك ،  مع الدول الخليجية او مع بعضها ، أخفتْ اسرائيل  نيّتها و  روجّت برغبتها لابرام اتفاقات مع الدول الخليجية ،  بعنوان " عدم اعتداء "  ، والهدف هو ان يكون لاسرائيل ، ومن خلال الاتفاقات  ، علاقات عسكرية مع دول غنيةّ و بترولية ومحاذية لإيران . تحلم اسرائيل بأن يكون لها تواجد عسكري مباشر او غير مباشر على الحدود الإيرانية ،لانها تدرك ان رادعها ، ومن يقف سداً امام توسعّها وهيمنتها ليس الدول العربية ، و إنما حركات المقاومة وسوريا و ايران .

     ما يؤرقُ و يقلقُ اسرائيل هي حركات المقاومة المدعومة من ايران او التي لها علاقة بصفة او بأخرى بأيران ، وهذا ما يفّسرُ استهداف اسرائيل و امريكا للحشد الشعبي و فصائل المقاومة في العراق .

*سفير سابق /رئيس المركز العربي الاوربي للسياسات و تعزيز القدرات

ـــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك