محمد كاظم خضير ـ كاتب ومحلل سياسي
لا بصيص أمل يشي بإمكانية خروج أزمة التأليف من النفق قريباً
لا بصيص أمل يظهر في العتمة التي تغلّف الواقع السياسي في العراق يشي بإمكانية الخروج من النفق في وقت قريب من شأنه أن يُساعد على الولوج إلى تأليف الحكومة الكاظمي ، لا بل ان كل المعطيات المحلية والخارجية تؤكّد بأن العراق دخل مداراً صعباً وان الأزمة التي تشدُّ على خناقه بات حلّها يتطلّب عملية جراحية نوعية يعجز السياسيون المحليون على إجرائها بمفردهم، وفي نفس الوقت لا يعرض أحد في الخارج خدماته للمساعدة، لا بل إن من كان يعّول عليهم أن يكونوا شركاء في حل الأزمات التي عصفت في العراق في مراحل سابقة يقفلون أبوابهم ونوافذهم ويصمّون أذانهم على ما يجري في العراق وكأن ما يشاهدوه ويسمعوه يحصل في منطقة ما على ظهر القمر.
لعل أبلغ وصف للواقع العراقي الراهن هو أشبّه الوضع بركاب سفينة «التايتانيك» وهي تغرق رويداً رويدا، بينما كان ركابها يلهون بالرقص وسماع الموسيقى وكأن الأمور على سطح السفينة تسير على خير ما يرام.
من السذاجة الاعتقاد بأن الوضع العراقي من الممكن أن يعود إلى ما كان عليه قبل السابع عشر من تشرين الأوّل، وانه من السهل معالجة الأزمة المستجدّة ان على المستوى الحكومي أو على المستوى الاقتصادي في ظل انخفاض أسعار النفط ، فعلى المستوى الحكومي بات الأمر في ظل الوضع القائم يتطلّب معجزة دعم الرئيس المكلّف أولاً ومن ثم على شكل الحكومة، حيث ان وضع التأليف يزداد تأزّماً وتعقيداً يوماً بعد يوم، ولا يلوح في الأفق أي معطيات تدلّ على ان إنجاز هذا الاستحقاق سيتمُّ في وقت قريب، وهناك من بدأ يضرب موعداً لذلك بعد عدّة أيام .
أما على المستوى الاقتصادي فلا يختلف اثنان على وصف هذا الوضع بأنه خطير جداً وان العراقي لم يألف مثيلاً له منذ سنوات طويلة حيث ان تأخير تأليف الحكومة يدفع بالعراق باتجاه الإنهيار الاقتصادي وهو أمر لطاما حذّرت منه جهات داخلية وخارجية، مع التأكيد بأن مساحة الفرص لتجنّب هذا الإنزلاق بدأت تضيق، وان باب المخرج الوحيد الذي ما زال مفتوحاً هو الإسراع في تأليف الحكومة . وما يُعزّز الاعتقاد بأن الأزمة الحكومية آخذة في التمدّد هو إنطفاء محركات المفاوضات الحكومية، بعد الاشتباكات الضارية التي اندلعت على جبهتي الرئيس المكلف الكاظمي وتحالف الفتح بعد تقديم اسماء الكابينة لتحالف الفتح ، بما يعني انه في حال استمرّ هذا الاشتباك وازداد تفاقماً من شأنه أن يزيد الطين بلّة ويجعل أمر التفاهم على توليفة حكومية تأخذ في الاعتبار كل المعطيات التي برزت منذ منتصف الشهر الماضي بعيدة المنال.
وحيال هذا المشهد المخيف على مساحة العراق فإنه من المستغرب هذا الانكفاء الإقليمي والدولي عن الأزمة، حيث لم يرصد أي مسعى لاحتواء ما يجري بإستثناء التدخّل الأيران، حيث اقتصرت جولته على المسؤولين على استطلاع الوضع من دون أن يقدّم أية مقترحات يُمكن أن تسهّل الوصول إلى حل، مع العلم بأن ايران كانت تتسارع فور إندلاع أي أزمة في العراق إلى لعب دور الوسيط المساعد على إيجاد المخارج، وهذا ما يبعث على الاعتقاد بأن ما يجري في العراق على الرغم من خطورته ما زال في اعتقاد المجتمع الدولي يستطيع الانتظار إلى حين إنضاج طبخة التسوية التي تُعد من قبل أصحاب القرار للمنطقة. مع ان بعض المصادر تفيد بإمكانية حصول تحرّك من قبل الايرانيون في محاولة لفرملة الوضع والحؤول دون إنزلاق العراق إلى ما لا يحمد عقباهَ.
وترجّح هذه المصادر أن يطول أمد الأزمة الراهنة لأن في اعتقادها ان الحل والربط لهذه الأزمة هو في الخارج، كون ان ما نشهده اليوم ليس في العراق وحسب وإنما في المنطقة هو إنعكاس للاشتباك الكبير المندلع بين واشنطن وطهران، وهو ما يحمل البعض إلى التأكيد بأن أزمة التأليف ربما دخلت أو ستدخل في بازار التسويات في المنطقة.
ــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha