يضع خروج السيناتور بيرني ساندرز من السباق نحو البيت الأبيض الأمريكيين أمام خيارين: إما تجديد الثقة في الرئيس الجمهوري دونالد ترامب أو انتخاب نائب الرئيس السابق الديمقراطي جو بايدن. لكن مراقبين أكدوا أن فيروس كورونا فرض منطقا جديدا على المشهد السياسي الأمريكي، وجعل الرهان الأكبر هو إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها المحدد في 3 نوفمبر/تشرين الثاني.
يلقي انسحاب المرشح الديمقراطي بيرني ساندرز من السباق التمهيدي إلى البيت الأبيض، والذي أعلنه الأربعاء، بظلاله على المشهد السياسي الأمريكي، فيما تزداد معاناة الولايات المتحدة من أزمة فيروس كورونا بعد أن تحولت إلى البؤرة الأولى لتفشي الوباء في العالم.
فقد وضع ساندرز حدا لمحاولته الثانية للفوز بترشيح الحزب الديمقراطي بعد سلسلة هزائم مقابل منافسه جو بايدن، الذي شغل منصب النائب خلال فترة حكم الرئيس باراك أوباما (2017/2009)، وهو أكثر اعتدالا.
لكن، رغم خروجه من اللعبة، تعهد ساندرز بالعمل إلى جانب بايدن، الذي بات بصورة شبه رسمية مرشح الحزب الديمقراطي، داعيا إلى الاتحاد لهزم الرئيس الجمهوري دونالد ترامب. وقال في كلمة نقلت عبر الإنترنت من منزله في بورلينغتون في ولاية فيرمونت إن ترامب هو "الرئيس الأخطر في التاريخ الأمريكي الحديث".
وساندرز (78 عاما)، عضو مجلس الشيوخ عن ولاية فيرمونت، يقود الجناح التقدمي داخل الحزب الديمقراطي. وقد قرر رغم انسحابه خوض ما تبقى من محطات في الانتخابات التمهيدية بهدف جمع أكبر عدد من المندوبين ما سيسمح له "بممارسة تأثير كبير على برنامج الحزب" أثناء مؤتمر الديمقراطيين لتعيين مرشحهم رسميا والمقرر إجراؤه في أغسطس/آب.
ترامب يستخف بساندرز والحزب الديمقراطي
من جانبه، دعا الرئيس الأمريكي في سلسلة تغريدات أنصار ساندرز للانضمام إلى الحزب الجمهوري، وهو على حد قوله الأقرب بالنسبة إليهم من ناحية سياسات الحماية التجارية".
وقال ترامب: "خرج بيرني ساندرز! شكرا لك إليزابيث وارن (مرشحة ديمقراطية سبق وانسحبت). لولاها، لكان بيرني قد فاز بكل ولاية تقريبا يوم الثلاثاء العظيم! انتهى هذا تماما كما أراد الديمقراطيون، تماما مثل فشلت هيلاري. يجب أن يأتي أنصار بيرني إلى الحزب الجمهوري، التجارة!".
وأعادت صحف أمريكية الفشل الثاني الذي مني به ساندرز إلى عدة أسباب. فحسب نيويورك تايمز، لم يتمكن ساندرز من تغيير نظرة الديمقراطيين له كسياسي "غير اعتيادي واشتراكي وسيناتور مستقل من فيرمونت، بدلا من كونه عضوا في الحزب". كما كانت أفكاره بعيدة جدا عن العديد من المانحين المنتخبين والأقوياء للحزب الديمقراطي، تضيف الصحيفة.
إرجاء مؤتمر الحزب الديمقراطي بسبب فيروس كورونا
ومن المفترض أن يسمي الحزب الديمقراطي رسميا جو بايدن مرشحا لخوض الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2020 خلال مؤتمر أرجئ موعده إلى 17 أغسطس/آب بسبب تفشي فيروس كورونا.
وتسببت الأزمة الصحية بإرجاء الانتخابات التمهيدية الديمقراطية في 15 ولاية. ولم تجر أية انتخابات منذ 17 مارس/آذار حتى الثلاثاء عندما تم التصويت المثير للجدل في ويسكونسن. ولن يتم الإعلان عن نتائجه قبل 13 أبريل/نيسان.
والأربعاء، سجلت الولايات المتحدة وفاة نحو ألفي شخص بسبب فيروس كورونا خلال 24 ساعة، في أعلى حصيلة يومية على الإطلاق يسجلها بلد في العالم منذ ظهور الوباء، بحسب بيانات نشرتها جامعة جونز هوبكنز.
هل تؤجل الانتخابات؟
وبعد أن تسبب في تأجيل عدة مظاهرات سياسية واقتصادية ورياضية وثقافية (بينها دورة الألعاب الأولمبية ومهرجان أدنبرة ومؤتمر المناخ والانتخابات التمهيدية الديمقراطية الأمريكية)، يتساءل كثيرون في الولايات المتحدة وخارجها هل من شأن فيروس كورونا تهديد موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقرر إجراؤها في 3 نوفمبر/تشرين الثاني؟ خصوصا في ظل تعذر إجراء الحملات الانتخابية لمرشحي الحزبين الديمقراطي والجمهوري، وانشغالهم بتبادل التهم حول إدارة دونالد ترامب لأزمة كورونا.
وبحسب صحيفة "شيكاغو تربيون" فإن "التأثير السياسي للوباء لا يزال غير واضح"، وقالت إن بايدن وترامب يواجهان "مزيجا من التحديات التقليدية وأخرى غير نمطية في محاولتهما إعادة ترتيب موقعيهما في الانتخابات العامة. العديد من الوظائف المعتادة خلال الحملات الانتخابية بما في ذلك التوعية وجمع التبرعات قد تراجعت أو أوقفت بسبب الحجر الصحي".
ويقول دافيد سميث من صحيفة "ذي غارديان" البريطانية: "من المقرر إجراء الانتخابات الرئاسية الأمريكية في 3 نوفمبر، موعد تم تحديده بموجب القانون الفيدرالي ولا يملك دونالد ترامب سلطة تأخيره بمفرده. وهذا يتطلب تشريعا سنه الكونغرس ووقعه الرئيس".
ويعني هذا أن تأجيل الانتخابات أمر غير وارد لحد الساعة، فيما تبقى كافة الخيارات مفتوحة أمام الأمريكيين في ظل المتغيرات التي تسببها أزمة كورونا وتحول بلدهم إلى بؤرة للوباء.
كورونا يغير القواعد والرهانات
وفي السياق، قالت أستاذة العلوم السياسية بجامعة فوردهام في نيويورك مونيكا مكديرموت لصحيفة "ذي غارديان": "لا نعرف حتى ما إذا كانت الانتخابات ستجرى في موعدها.. هناك حديث عن تأجيلها أو تغيير نظامها إلى انتخابات بالبريد".
أما قناة "إن بي سي نيوز" الأمريكية، فقد اعتبرت في مقالة على موقعها أن "قد تكون إحدى أكبر المعارك في الانتخابات الرئاسية لهذا العام تدور حول الانتخابات نفسها وكيفية إجرائها في ظل أزمة فيروس كورونا".
وأضافت: "التصويت عن طريق البريد حسب البعض هو الحل الوحيد الذي يبقى لإدارة انتخابات نوفمبر إذا استمر الوباء"، وأشارت إلى أن ترامب والجمهوريين ليسوا متحمسين لمسألة التصويت عن طريق البريد، فيما يرى الديمقراطيون أن الفشل في القيام بذلك سيحرم الملايين".
https://telegram.me/buratha