يقول علماء الأوبئة إن مسببات الأمراض التي تنتقل بسهولة عبر الهواء يمكنها أن تقتل أكثر من 30 مليون إنسان في أقل من عام، سواء حدث ذلك بسبب سلوك غريب للطبيعة أو على يد إرهابي.
الحديث هنا للرجل الذي صنف عدة مرات كأغنى رجل في العالم؛ رجل الأعمال الأمريكي العصامي "بيل غيتس". وقد أدلى بهذا التصريح في مستهل العام 2017، وكان متوقعا حدوث مثل هذا القتل الجماعي خلال 10 إلى 15 سنة.
عادت كبرى المجلات والصحف العالمية إلى استحضار هذا الحديث بعد انتشار فايروس "كورونا" بداية العام الحالي، خاصة أنه صدر خلال مؤتمر حول التهديدات الأمنية، وليس مؤتمر صحي كما يمكن للبعض أن يعتقد.
فيروس كورونا.. جيش خفي يفتك بأكبر التجمعات البشرية
شبح الحرب البيولوجية يطلّ على البشرية برأسه منذ بداية الألفية الحالية، فايروس إيبولا وإنفلونزا الخنازير وجنون البقر وغيرها من الأمراض والأوبئة غير المعهودة، تواترت في السنوات الأخيرة، لتذكّر بأن فكرة القتل باستخدام "جنود الطبيعة" ربما لم تغادر ذهن الإنسان.
من المحتمل أن يكون "كورونا" عبارة عن سلاح هجومي قاتل، جرى تطويره ليُستعمل في الحرب البيولوجية، واستخدمت في تطويره تقنيات مزدوجة، تجمع بين التطوير البيولوجي والتعديل الجيني، ومختبر "ووهان" الصيني الذي خرج منه هو أيضا مختبر تابع لمنظمة الصحة العالمية التي تعرف تماما ما يحدث.
الحديث هنا للخبير الأمريكي "فرانسيس بويل" الذي قام بتحضير قانون "السلاح البيولوجي" الذي أصدرته الولايات المتحدة الأمريكية عام 1989، في استجواب خصّ به موقع "جيو بوليتكس آند إمباير" (Geopolitics and Empire).
هذا الخروج الإعلامي لرجل استثنائي في عز الأزمة التي يعيشها العالم مع فايروس "كورونا"، أعاد إلى الواجهة خطر الهلاك الذي يتهدد البشرية بفعل أسلحتها الفتاكة التي تقوم بتطويرها في مختبرات علمية تزداد خطورتها كلما ازداد تقدمها.
فالأمراض المعدية حصدت خلال القرن الماضي أرواح 500 مليون إنسان، ومئات الآلاف من تلك الملايين الكثيرة ماتت بسبب الإطلاق المتعمد لهذه الأمراض، لهذا لا يستبعد أن تكون الأسلحة البيولوجية ضمن أسلحة الدمار الشامل التي تستعملها الدول في حروبها.
ومن تلك القرائن، أن مدينة ووهان الصينية معقل فايروس "كورونا"، هي موطن المختبر الوحيد المُعترف به رسميا في الصين والمعلن عنه كمكان للتعامل مع الفيروسات القاتلة. وتواترت أقوال الخبراء مؤكدة أن المختبر يرتبط ببرنامج سري صيني للأسلحة البيولوجية، ويقع المختبر على بعد عدة كيلومترات من سوق المأكولات البحرية التي تقول الصين إنها منشأ الفيروس.
عصور ما قبل التاريخ
لا يعتبر استخدام الأسلحة البيولوجية الفتاكة أمرا طارئا في تاريخ البشرية، بل إن الكثير من المصادر تُعيد بداية استخدام هذه النوع من السلاح إلى آلاف السنين. ومن أقدم حالات استخدام الأسلحة البيولوجية الموثقة في كتب التاريخ، نجد قيام الفيلسوف والقائد اليوناني "سولون" باستخدام عشب مميت في تسميم مياه خصومه في مدينة "كيراه"، وذلك في القرن السابع قبل الميلاد.
في الحقبة ذاتها يحكي المؤرخون عن جيش "السكيثيون" وهو شعب بدوي ينحدر من أصول إيرانية، اعتاد جنوده غمس سهامهم في جثث الجنود المتحللة قبل إطلاقها على العدو.
الآشوريون أيضا كان لهم نصيب من حرب الجراثيم، إذ تقول المصادر إنهم وضعوا فطرا ساما في آبار المياه الواصلة لأعدائهم، يصيب هذا الفطر متناوله بالهلوسة، ويشتهر في العصر الحالي بكونه مصدر عقار هلوسة شهير في مجال علاج الاضطرابات النفسية.
وفي القرن الثالث عشر قام "جنكيز خان" بتجنيد مرض طاعون الماشية ضمن جنوده، وفتك بحيوانات البلدان التي دخلوها، إذ يُصاب الحيوان بفقدان للشهية ثم الحمّى الشديدة ثم الموت بعد فترة لا تتجاوز 10 أيام.
في الهند أيضا، لجأت بريطانيا العظمى إلى السلاح البيولوجي في القرن الـ18، حيث أرسل قائد القوات البريطانية غطاءين ومنديلا كهدية لرؤساء القبائل الهندية، ولم تكن الهدية مجرد أقمشة، بل فيروس الجدري الفتاك الذي حقق الهدف وفتك بمعظم السكان الأصليين.
مدفع يقذف الطاعون.. جيش المغول
يرتبط أشهر استخدام للسلاح البيولوجي في التاريخ القديم بحادثة حصلت خلال القرن الرابع عشر تحديدا، وأودت بحياة الملايين من البشر حول العالم وتُعد حتى يومنا هذا من أبشع الأحداث التي مرّت على البشرية.
جرت القصة عام 1347 على يد إمبراطورية المغول التي كانت تعتبر من أقوى دول ذلك الزمان، وكان سبيل المغول الوحيد للعبور إلى العالم الأوروبي يمر من خلال مدينة "كافا" في شبه جزيرة القرم، حيث كانوا يعتبرون أسوارها الحاجز الوحيد أمام التوسع والهيمنة.
وأثناء حصار المغول لهذه المدينة، لاحظ قائدهم العسكري "جاني بيج"، أن جنوده يتساقطون صرعى تحت تأثير مرض غريب؛ هو الطاعون. وبعد تزايد عدد القتلى في صفوف جنوده، قرر هذا القائد العسكري استعمال جثثهم كسلاح ضد المدينة المحاصرة، وراح يقذف بها بواسطة منجنيق إلى داخل أسوار المدينة، مما أدى إلى انتشار سريع لمرض الطاعون داخل المدينة.
تفشّى الطاعون إثر ذلك في كل أنحاء أوروبا حتى وصل إلى ألمانيا وإسبانيا وفرنسا والنمسا وغيرها، وساد الموت في جميع المدن تقريبا، حتى ظنّ الناس أن ما يحدث هو عقاب من الرب عليهم، وبدل البحث عن سبل الوقاية والعلاج، راحوا يلجؤون إلى الكنائس وبعض طقوس السحر والشعوذة، مما أدى إلى تفاقم المرض.
استمرت الكارثة قرابة ست سنوات، وخلّفت موت أكثر من نصف سكان أوروبا، أي حوالي 3 ملايين شخص، وهو ما جعل هذه المرحلة من التاريخ توصف بـ"الموت الأسود".
صناعة الأوبئة.. جندي صامت في الجيش
أما في العصر الحديث، فلن يكون من التجنّي الربط بين تجنيد الأوبئة وبين الاستعمار، إذ لم يكن الرجل الأبيض ليكتسح الأراضي الأمريكية و"العالم الجديد" دون استخدام السلاح البيولوجي. لقد خرجت البشرية من عصورها المظلمة إلى عصور الكهرباء والمضادات الحيوية، لكن ذلك التطور لم يعنِ التخلي عن استخدام السلاح البيولوجي بل عنى صناعة أسلحة أكثر فتكا.
ففي الحرب العالمية الأولى يقول مؤرخون إن الجيش الألماني استخدم الجمرة الخبيثة والكوليرا، كما يشار إلى فطريات القمح كسلاح طُور لتهديد الأمن الغذائي لأعداء ألمانيا النازية. كما يتهم الألمان بنشر الطاعون في روسيا، ومحاولة إرسال قطعان من الماشية مصابة بالحمى القلاعية إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
وفي الوقت الذي تعتبر فيه عملية إلقاء قنبلتين نوويتين على كل من "هيروشيما" و"ناكازاكي" اليابانيتين، من أفدح ما عرفته الحرب العالمية الثانية، تقول بعض المصادر إن ما خلفته الأسلحة البيولوجية اليابانية يفوق بكثير عدد ضحايا القنبلتين الذريتين.
ومن أشهر ما عرفته الحرب العالمية الثانية قيام اليابان بتسميم ألف بئر ماء كان يشرب منها الصينيون، فأصيب الكثير منهم بالكوليرا والتيفوئيد. كما نشرت اليابان بطانيات وملابس ملوثة ببكتيريا الطاعون، وعملت على نشر كميات ضخمة من الحشرات في المدن الصينية، مما أدى لوفاة 300 ألف صيني.
مترو باريس.. برامج الدول العظمى السرية
طوّرت جل الدول العظمى برامج سرّية لامتلاك أسلحة بيولوجية، ففي تكتم وسرية تامّين أعدت فرنسا خطتها الخاصة بخوض الحرب البيولوجية منذ بداية القرن 20 وإلى غاية عقد السبعينيات منه، وجرى كشف وجود هذه الخطوة أول مرة في بداية الألفية الحالية، على لسان باحث شاب يدعى "أوليفيي لوبيك".
هذا الأكاديمي المتخصص في التاريخ، تمكن من الولوج إلى الأرشيف العسكري السري، واستعمله في نشر دراسة علمية في مجلة تشرف عليها جامعة "هارفارد" الأمريكية.
وعلى خلاف الجيشين الأمريكي والسوفياتي، لم ينتج الجيش الفرنسي أسلحة بيولوجية عبر صناعاته الخاصة، بل اقتصر عمله على أعمال البحث والتطوير. ورغم أن الباحث الفرنسي عجز عن كشف أماكن إنجاز هذه الأبحاث لكونها بمثابة أسرار عسكرية، فإنه أكد أن وقوع بعض التجارب في مجالات طبيعية لاختبار فعالية الأسلحة البيولوجية.
جرت أولى عمليات البحث والاختبار في العقدين الثالث والرابع من القرن العشرين، وذلك بإشراف مباشر من معهد "باستور" الفرنسي، وجرت هذه التجارب بشكل خاص في بعض الشواطئ، لتتولى أمواج المد البحري عملية "التنظيف" بشكل طبيعي بعد انتهاء التجارب. لكن الباحث الشاب "أوليفيي لوبيك" قال إن بعض التجارب جرت في محطات للمترو بالعاصمة الفرنسية باريس، حيث اختبر تكاثر بعض البكتيريات التي قام الباحثون بتطويرها.
وعن طبيعة الأسلحة البيولوجية التي طورها الفرنسيون، يقول هذا الباحث إنها تتمثل في كائنات بكتيرية مهمتها الرفع من خطورة الجروح، أو نشر أمراض مفاجئة تستهدف تجمعات عسكرية أو منشآت استراتيجية أو مدنا حيوية، وذلك من خلال إلقاء هذه البكتيريا المطورة من الجو.
أشهر أنواع الأسلحة البيولوجية:
الجمرة الخبيثة.. موت بلا رائحة أو طعم
بكتيريا "براثيلوس أنثراسيز" (Bacillus anthracis) التي تسبب الجمرة الخبيثة، هي واحدة من أكثر العوامل المميتة التي تستخدم كسلاح بيولوجي، وتوجد هذه الجراثيم بشكل طبيعي في التربة، ويمكن إنتاجها في المختبر، وتستمر لفترة طويلة في البيئة.
وقد استخدمت الجمرة الخبيثة كسلاح حيوي منذ حوالي قرن من الزمن مخلوطة بالدقيق المسحوق والبخاخات والطعام والماء، لكن الأمر الذي يجعلها سلاحا حيويا مرنا وفتاكا هو أنها بلا رائحة أو طعم، مما يجعل اكتشافها صعبا.
سمّ البوتولينوم.. أن يقتل غرام واحد مليون رجل
يتميز سم البوتولينوم بسهولة إنتاجه، رغم ما له من قوة فتاكة شديدة، حيث يمكن أن يقتل غرام من "توكسين البوتولينوم" أكثر من مليون شخص إذا استنشقوه، ويمكن توزيعه عن طريق الغلاف الجوي أو عن طريق المياه والمواد الغذائية.
وتوجد هذه البكتيريا بشكل طبيعي في تربة الغابات، ورواسب القاع من البحيرات والجداول والمسالك المعوية لبعض الأسماك والحيوانات.
فيروس إيبولا.. مخلفات السوفييت
هو مرض فتاك ينتج عن الإصابة بأحد أشكال هذا الفيروس، وقد اكتُشِف الإيبولا لأول مرة في عام 1976 في جمهورية الكونغو الديمقراطية بعد أن انتقل إلى البشر من الحيوانات البرية، مما تسبب في معدل وفيات كبير.
يشكل الإيبولا سلاحا بيولوجيا يحمل تهديدا كبيرا للإنسان بسبب حدته ومعدل الوفيات المرتبط به وسرعة انتشاره، وقد ظهر كسلاح بيولوجي لأول مرة في الاتحاد السوفياتي بموجب خطة نُفذت ما بين 1986 و1990، لكن لم تكتشف أدلة قاطعة على أنه مستخدم بالفعل.
قليل التكلفة عظيم الضرر.. ميزة السلاح البيولوجي
تكمن جاذبية الأسلحة البيولوجية في كلفتها المنخفضة مقارنة بالأسلحة التقليدية، وفي سهولة الحصول عليها نظرا لمصادرها الحيوانية والنباتية، ولصعوبة اكتشافها بوسائل الرصد والمراقبة السائدة، ثم لسهولة نقلها من مكان إلى آخر.
وتكون الحروب البيولوجية أكثر فتكا من الأسلحة التقليدية والكيميائية، وما عرفه القرن الماضي من تطور سريع في هذا المجال، أدى إلى إنتاج غير مسبوق للأسلحة البيولوجية في تاريخ البشرية من حيث حجمه، فالأمر لم يقتصر على إنتاج الأسلحة البيولوجية فقط، بل شمل أيضا الأبحاث الجينية، وكلها مجالات تتسم بسهولة تطويرها وقلة كلفتها مقارنة بالأسلحة التقليدية وحتى النووية.
كما يعتبر تلويث الآبار وباقي مصادر المياه، من الاستراتيجيات العسكرية القديمة التي استعملت قديما لضرب قوات العدو وإضعافها، وربما القضاء عليها، بل إن القادة العسكريين في الفترة التي تعرف في المراجع الغربية بالعصور الوسطى، باتوا يعتبرون الأوبئة والأمراض الفتاكة أسلحة فعالة ينبغي استخدامها ضد الأعداء.
أمثلة عن استخدام الأسلحة البيولوجية خلال 2000 سنة الماضية:
600 قبل الميلاد: القائد اليوناني "صولون" يستخدم عشبا مسببا للأمراض ضد خصومه.
1155: الامبراطور الألماني "بارباروسا" يسمم آبار المياه بإلقاء الجثث البشرية فيها أثناء هجومه على مدينة "تورتونا" الإيطالية.
1346: جيش المغول يستعمل جثث ضحايا الطاعون كأسلحة قذف بها مدينة "كافا" بشبه جزيرة القرم أثناء محاصرته لها.
1495: الإسبان يخلطون النبيذ بدماء مرضى الجذام ثم يبيعونه لخصومهم الفرنسيين في نابولي الإيطالية.
1675: الجيشان الفرنسي والألماني يتفقان على عدم استعمال الرصاص المسموم.
1710: القوات الروسية تنقل جثث ضحايا الطاعون إلى المدن السويدية.
1763: البريطانيون يوزعون ملاءات تعود إلى مرضى الجذام على السكان الأصليين لأمريكا.
1797: القائد الفرنسي نابوليون يتسبب في غمر سهول مدينة "مانتوا" الإيطالية لتعزيز انتشار الملاريا.
1863: استعمال ملابس مرضى الجذري والحمى الصفراء عبر تسويقها في صفوف الخصوم أثناء الحرب الأهلية الأمريكية.
الحرب العالمية الأولى: الفرنسيون والألمان يستعملون جرثومة "الرعام" والجمرة الخبيثة ضد بعضهما.
الحرب العالمية الثانية: اليابان تستعمل الطاعون والجمرة الخبيثة وأمراضا أخرى ضد خصومها.
1980-1988: الجيش العراقي يستعمل غاز الخردل إلى جانب غازات أخرى ضد إيران والأكراد.
1995: طائفة "أوم" اليابانية تقدم على تسميم نظام الميترو في طوكيو.
سباق مختبرات الموت.. بحوث الدمار
شهد استخدام الإنسان للسلاح البيولوجي طفرة في القرن 19، بعدما أصبح التطور العلمي يسمح بتطوير وعزل مخزونات الدول من هذا النوع من الأسلحة.
وبلغ استخدام هذا السلاح الفتاك ذروته مع الحرب العالمية الأولى، حيث تشير الكثير من المصادر إلى تركيز ألمانيا على استعمال هذه الأسلحة، لكن طموحات الدول في مجال الأسلحة البيولوجية باتت أكثر خلال الحرب العالمية الثانية، حيث بات لكل دولة منها برنامج خاص لتطوير هذه الأسلحة.
وقد كانت برامج تطوير الأسلحة البيولوجية خلال الحرب على النحو التالي:
-ألمانيا: خصصت ما بين 100 و200 باحث لهذا الغرض، مع التركيز على حظر الملاحقات الخاصة بخروقات البحوث العلمية.
-كندا: خصصت فريقا صغيرا لدراسة أمراض الحيوانيات والجمرة الخبيثة.
-المملكة المتحدة: خصصت فريقا من 40 إلى 50 باحثا لدراسة أمراض الحيوانات والأوبئة التي تصيب الأقدام والفم.
-اليابان: فريق من بضعة آلاف من الباحثين كان مجال عمله شاملا لجميع أنواع الأسلحة البيولوجية.
-الاتحاد السوفياتي: آلاف الباحثين مع تركيز خاص على كل من الطاعون ومرض التيفوس.
– الولايات المتحدة: ما بين 1500 و3000 باحث مع تركيز خاص على المبيدات الكيميائية للأعشاب والجمرة الخبيثة.
ظلال الحرب العالمية.. الرهاب البيولوجي
بعد الحرب العالمية الثانية، ظهرت مؤشرات متواترة عن وجود استخدامات فتاكة للأسلحة البيولوجية، حيث وجهت اتهامات تتسم بالجدية من جانب الصين والاتحاد السوفياتي وكوريا الشمالية، للولايات المتحدة الأمريكية بعد ثبوت استخدامها لأسلحة كيميائية في الحرب ضد كوريا الشمالية.
كان الأمر في الواقع انعكاسا لحرب خفية تسببت حينها في رهاب لدى الولايات المتحدة الأمريكية من احتمال تعرضها لهجوم بيولوجي، لدرجة أن عمليات اختبار سرية جرت في كبرى المدن الأمريكية، مثل نيويورك وسان فرانسيسكو، لمحاولة محاكاة هجمات من هذا النوع، بينما كانت بريطانيا تجري تجاربها في جزر البهاما والمياه الاسكتنلندية.
تطورات متسارعة أبانت حدود بروتوكول جنيف 1925 ضد الأسلحة البيولوجية، لتتقدم بريطانيا عام 1969 بمشروع معاهدة جديدة أمام الأمم المتحدة، تنص على حظر تطوير واستخدام الأسلحة البيولوجية، مع وضع آليات للمراقبة والتفتيش ومساطر للعقاب في حال مخالفة هذه المقتضيات.
عقب ذلك تقدم الاتحاد السوفياتي باسم دول معاهدة وارسو المتكتلة ضد المعسكر الغربي، بمشروع مماثل، لكنه يخلو من إمكانية القيام بالتفتيش. ثم سرعان ما حذّر تقرير لمنظمة الصحة العالمية من تنامي احتمالات تعرض البشرية لآثار مدمرة قد تنجم عن استخدام أسلحة بيولوجية. وانتهت المشاورات الدولية إلى توقيع معاهدة 1972 التي تحظر تطوير واستخدام الأسلحة البيولوجية، مع إلزام الدول بتدمير مخزوناتها من هذه الأسلحة خلال 9 أشهر من مصادقتها على المعاهدة.
لكن وعلى غرار معاهدة 1925، واجه الاتفاق الجديد ثغرات عديدة، مثل افتقاره لوسائل المراقبة والتصدي للخروقات، بالإضافة إلى عدم وضوح معنى البحوث لأسباب دفاعية، والكميات المسموح بحيازتها لأغراض علمية، وصارت الدول تلجأ إلى الأسلحة البيولوجية في تنفيذ الاغتيالات ضد المعارضين، كما باتت تحيط برامجها البيولوجية بسرية كبيرة.
معاهدة 1972.. المادة الأولى:
تتعهد كل دولة من الدول الأطراف في هذه الاتفاقية بأن لا تعمد أبدا في أي ظرف من الظروف إلى استحداث أو إنتاج أو تخزين ما يلي ولا اقتنائه أو حفظه على أي نحو آخر:
1. العوامل الجرثومية أو العوامل البيولوجية الأخرى، أو المُسممات أيا كان منشؤها أو أسلوب إنتاجها من الأنواع وبالكميات التي لا تكون موجهة لأغراض الوقاية أو الحماية أو الأغراض السلمية الأخرى.
2. الأسلحة أو المعدات أو وسائل الإيصال الموجهة لاستعمال تلك العوامل أو التقنيات في الأغراض العدائية أو المنازعات المسلحة.
إسرائيل.. قنبلة عرقية لإبادة العرب
ليس الصراع العربي الإسرائيلي بعيدا عن خطر الحرب البيولوجية، خاصة مع التطوّر العلمي الكبير الذي حققته إسرائيل في هذا المجال، ففي ديسمبر 1998، نشرت صحيفة "صنداي تايمز" البريطانية تقريرا عن مشروع إسرائيلي لإنتاج قنبلة "عرقية" لقتل العرب دون غيرهم.
كشف التقرير نقلا عن مصدر عسكري إسرائيلي مشروعا علميا شديد السرية لتحقيق هذا الهدف، وقد جرى تطويره بناء على أبحاث طبية يحتمل أنها استطاعت أن تميز جينا معينا يوجد عند العرب دون غيرهم، وذلك في معهد الأبحاث البيولوجية في "نيس تزيونا" الذي يعتبر المركز الرئيس للأبحاث المتعلقة بترسانة إسرائيل السرية من الأسلحة الكيميائية والجرثومية.
"بيل ريتشاردسون" النائب المساعد لوزير الدفاع الأمريكي لشؤون البرامج البيولوجية والكيميائية العسكرية خلال فترة رئاسة الرئيسين الأمريكيين "رونالد ريغان" و"جورج بوش الأب"؛ قال حينها إن التكنولوجيا البيولوجية متطورة في إسرائيل بالقدر نفسه -إن لم يكن أفضل- من أمريكا. بينما ذهب الدكتور "فيكتور ديلفيتشيو"، العالم بجامعة "سكرانتون" الأمريكية الذي كان قد طور أساليب علمية لرصد الغازات السامة، إلى أن إنتاج "قنبلة عرقية" أمر ممكن نظريا.
أنباء "القنبلة العرقية" أكدتها اتهامات لاحقة وجهتها صحفية نمساوية متخصصة في الشؤون العلمية، اسمها "يان بيرجر مايستر"، ضد منظمة الصحة العالمية وهيئة الأمم المتحدة، والرئيس الأمريكي "باراك أوباما" ومجموعة تدعم اللوبي اليهودي المسيطر على أكبر البنوك العالمية، بالتحضير لارتكاب إبادة جماعية بالاعتماد على فيروس إنفلونزا الخنازير.
https://telegram.me/buratha