التقارير

كردستان العراق.. تحديات أمام حكومة الاقليم التاسعة

2151 2019-08-19

عادل الجبوري   خلال ثمانية وعشرين عامًا، تشكلت تسع حكومات محلية في اقليم كردستان، آخرها تلك التي حازت ثقة البرلمان الكردي الاسبوع الماضي، برئاسة مسرور البارزاني النجل الأكبر لزعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني ورئيس الاقليم السابق مسعود البارزاني. قد لا تختلف الظروف التي أحاطت بولادة الحكومة الجديدة عن ظروف تشكيل وولادة الحكومات السابقة، إلا بأمور بسيطة وشكلية، لأن الاطار العام للمشهد السياسي الكردي لم يتغير من حيث طبيعة الخارطة الحزبية، ومساحات الهيمنة والنفوذ، وجوهر المشاكل والأزمات القائمة. عكست الكابينة الحكومية الجديدة في الاقليم، عدة حقائق ومعطيات، منها: - بقاء الحزب الديمقراطي الكردستاني متصدرًا المشهد السياسي، من خلال احتفاظه بمنصبي رئيس الاقليم ورئيس الحكومة، لكل من نيجرفان البارزاني وابن عمه وشقيق عقيلته مسرور البارزاني، الى جانب مواقع أمنية وسياسية أخرى، ضمن الكابينة الحكومية وخارجها. الأدوات والوسائل والأساليب التي تم اتباعها في مراحل سابقة لم تكن مناسبة ومجدية بما فيه الكفاية وقد جاء ذلك بحكم عاملين رئيسيين، الأول، هو نجاح الديمقراطي الكردستاني في إحراز المركز الأول في الانتخابات التي جرت في الثلاثين من شهر ايلول - سبتمبر الماضي، بحصوله على 45 مقعدًا من بين مجموع مقاعد البرلمان الكردي البالغة مائة وأحد عشر مقعدًا، والثاني، تمثل بامتلاكه الجزء الأكبر من أدوات ووسائل القوة والتأثير والنفوذ السياسي والأمني والاقتصادي، فضلًا عن تماسكه حتى الآن مقارنة بالقوى والأحزاب الكردية الأخرى، لا سيما الرئيسية منها، كالاتحاد الوطني الكردستاني، وحركة التغيير(كوران)، دون أن يعني ذلك عدم وجود عدة خطوط ومراكز قوى داخل الحزب، ودون أن يعني عدم وجود مظاهر تنافس وتدافع على مواقع السلطة والنفوذ، خصوصًا بين بعض من المقربين لزعيم الحزب، لكن وجود الأخير، قد يكون عاملًا في ضبط ايقاع ذلك التنافس والتدافع والحؤول دون اتساع مدياته ومساحاته بما يهدد مكانة الحزب ومحوريته وتأثيره. - استمرار الصيغة التوافقية في ادارة شؤون الاقليم بين الديمقراطي الكردستاني(البارتي)، والاتحاد الوطني(اليكتي)، رغم التاريخ الطويل من الصراعات والخلافات والتقاطعات، التي طفى قسم كبير منها الى السطح خلال العامين المنصرمين. الصيغة التوافقية، وإن بدت للبعض، وكأنها مواصلة للمنهجيات والسياقات السلبية الخاطئة طيلة عقدين ونيف من الزمن، الا أنها في واقع الأمر، تعد في هذه المرحلة بالذات أفضل الخيارات المتاحة والممكنة، لأن الذهاب الى أي من الخيارات الأخرى، كان يمكن أن يفضي الى المزيد من التأزيم والتعقيد لأوضاع هي بالأصل قلقة ومرتبكة وهشة، سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا. - عدم تبلور تيار سياسي معارض بمعنى الكلمة، رغم اعلان بعض القوى السياسية، مثل الجماعة الاسلامية وحراك الجيل الجديد عدم مشاركتها في الحكومة، وهذا يعني أن الأخيرة لن تواجه الكثير من العقبات والعراقيل في طريق تنفيذ برنامجها الذي أعلنت عن خطوطه العامة بعيد حصولها على ثقة البرلمان بوقت قصير. أضف الى ذلك فإن الترضيات، التي تعد مكملة ومتممة بصورة أو بأخرى للصيغة التوافقية، ستكون حاضرة من أجل استيعاب واحتواء القوى المقاطعة. - انطلاق اشارات ايجابية مشجعة على الرغبة الجادة في حل ومعالجة المشاكل والملفات العالقة مع الحكومة الاتحادية من خلال الحوار البناء، وضمن سقف الدستور، وفي اطار التفاهمات والتوافقات السياسية المرضية والمقبولة. وهذه الاشارات، قد تنطوي على اقرار واعتراف ضمني بأن الأدوات والوسائل والأساليب التي تم اتباعها في مراحل سابقة، لم تكن مناسبة ومجدية بما فيه الكفاية، وهي تتطلب مراجعة واعادة نظر وتصحيح، ولكن أغلب الظن لا تعني أن الأكراد قرروا التخلي على طموحاتهم وحساباتهم الاستراتيجية، وهذا ما يصرحون به، وما يفهمه الآخرون، وما تتحكم به وتحكمه الظروف الواقعية العامة، داخليًا واقليميًا ودوليًا. ثمة مصاعب وتحديات تواجهها حكومة مسرور البارزاني التاسعة في مقابل ذلك، فإن ثمة مصاعب وتحديات تواجهها حكومة مسرور البارزاني التاسعة، بعضها يرتبط بالبيت الكردي حصرًا، من قبيل، كيفية معالجة الكم الكبير من المشكلات والأزمات الحياتية والاجتماعية والاقتصادية، التي أفرزتها الأعوام الستة أو السبعة المنصرمة، وما زالت  آثارها ماثلة حتى اليوم، وكيفية المحافظة على القدر النسبي المعقول من الاستقرار السياسي في بيئة هشة لم تعرف طريقها الى التعايش الحقيقي في كل المراحل والمنعطفات والمحطات، وأكثر من ذلك كيفية التقليل من الآثار والنتائج والانعكاسات السلبية لمظاهر التشضي والتفكك الحزبي السياسي في المشهد الكردي، والذي لا يستبعد بعض المتابعين والمراقبين، أن يمتد الى جسد الحزب الديمقراطي الكردستاني، بل إن البعض يرى أن مثل تلك المظاهر قائمة إلا أن مدياتها ما زالت محدودة بحكم عدة عوامل، أبرزها وجود زعيم الحزب مسعود البارزاني - كما أشرنا آنفًا - وقدرته على ضبط الأمور بطريقة متوازنة، مستفيدًا من قوة شخصيته وتأثيره والكاريزما التي يتمتع بها. الى جانب المصاعب والتحديات الداخلية في البيت الكردي، هناك مصاعب وتحديات أخرى على نطاق أوسع، من قبيل منهجية ادارة الأزمات وآلية التعاطي مع الحكومة الاتحادية بشأن القضايا الخلافية، من قبيل ملف ادارة محافظة كركوك، والمناطق المتنازع عليها، وحصة الاقليم في الموازنات المالية الاتحادية، والعلاقات مع الكيانات الكردية في الدول المجاورة، التي للبعض منها وجود ملموس وواضح على الارض في اقليم كردستان، مثل حزب العمال الكردستاني التركي المعارض (P.K.K) والأجنحة المرتبطة بها، وكذلك صيغة العلاقة مع قوى اقليمية تتقاطع وتختلف في حساباتها ومصالحها، كما هو الحال بالنسبة للجمهورية الاسلامية الايرانية، والولايات المتحدة الأميركية وتركيا. قد لا تستطيع الحكومة الكردية الجديدة تحقيق انتقالات وتحولات كبرى، بيد أنها قد تتمكن من تصحيح مسارات خاطئة، وحلحلة عقد شائكة، وتقريب مسافات شاسعة، ولكن بعقليات وأدوات وأساليب ومنهجيات جديدة، يفترض أن تختلف بشكل أو بآخر عن العقليات والأدوات والأساليب والمنهجيات السابقة.
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك